الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 18 / مايو 06:02

ما بعد الحرب على غزة- احمد كيوان


نُشر: 31/01/09 07:58

* الحرب قائمة ومستمرة حتى قبل سيطرة حماس على غزة في حزيران 2007

* يصعب علينا التقدير السليم لما هو آت بعد هذه الحرب الإسرائيلية العدوانية على غزة

* إسرائيل عملت من اجل فرض واقع جديد يشطب بموجبه خيار المقاومة من القاموس السياسي الفلسطيني

* حماس خرجت أقوى مما كانت وستستثمر انتصارها السياسي والصمود في وجه العدوان باعتبارها لاعبا لا يمكن تجاوزه


حتى تظل في دائرة الأحداث لا تزل بنا القدم, وحتى نظل واعين لما يجري حولنا لا نفقد البوصلة والاتجاه, وحتى تظل خطواتنا ثابتة لا تدور في الحلقة المفرغة, حتى يكون كل ذلك لا بد ان نعرف بالكامل حقيقة ما جرى ولماذا. وبدون ذلك يصعب علينا التقدير السليم لما هو آت بعد هذه الحرب الإسرائيلية العدوانية على غزة, والتي أصبحت نقطة حاسمة في الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي, وكذلك الصراع العربي – الإسرائيلي برمته.
والحرب على غزة لم تبدأ في السابع والعشرين من كانون أول الماضي, وان كان هذا التاريخ ذروتها, الحرب قائمة ومستمرة حتى قبل سيطرة حماس على غزة في حزيران 2007. الحرب على غزة وعلى الشعب الفلسطيني مستمرة طيلة الوقت, وان كانت تأخذ أشكالا أخرى, والسبب واضح تماما. وهو بكل بساطة ان إسرائيل تريد ان تفرض تسوية مذلة على الشعب الفلسطيني, مستغلة الانحياز والدعم الكاملين من إدارة بوش المنقلعة, ومستفيدة من الأوضاع الإقليمية والدولية بعد تدمير العراق وانهيار الاتحاد السوفياتي. وفي الوقت نفسه استغلال الانقسام في الساحة العربية, والاستفادة من حالة الضعف والترهل للنظام الرسمي العربي. ولا يجب ان ننسى ظهور طبقة فلسطينية أفرزتها اتفاقات أوسلو, ووضعت نفسها في خدمة المشروع الإسرائيلي – الأمريكي, لعلها تحصل على بعض الفتات بدعوى الواقعية. وقد أصبح "خيار التسوية" خيارها "الاستراتيجي", بعد ان أسقطت كل الخيارات الأخرى.
في هذا الواقع المأساوي حقا, وحالك السواد إلى حد كبير, عملت إسرائيل من اجل فرض واقع جديد يشطب بموجبه خيار المقاومة من القاموس السياسي الفلسطيني, توطئة لقبول فلسطيني بإسرائيل "دولة الشعب اليهودي". ولكي تزيل من طريقها حجر العثرة الذي شوش عليها, ومنع إتمام صفقة التسوية, كان لا بد من "سحق" المقاومة في غزة, فجاءت حملتها العسكرية لتنفيذ هذا الأمر. ولأنها تعلم ان دخول غزة ليس نزهة, ولا هو بالأمر السهل, فانها دفعت بقوتها الهجومية الضاربة, بعد ان شحنت جنودها بغسيل دماغ رهيب فكانت شهوة الانتقام, والقتل, والتدمير, بدون مراعاة لقوانين الحرب, أو الاتفاقيات الدولية. فكان لا بد في مثل هذا الوضع من ارتكاب القتل الجماعي بلا تمييز, والقيام بجرائم حرب تجلت في قصف وتدمير المنازل على رؤوس الأطفال والنساء والشيوخ, وضرب المستشفيات والتعرض لسيارات الإسعاف, وتدمير مقرات وكالة الغوث الدولية التي احتمى بها المواطنون الهاربون من القتل والدمار.



فلا شيء في غزة كان آمنا, لان آلة الحرب الإسرائيلية ضربت كل شيء, حتى أصبح قتل اكبر عدد من الفلسطينيين أطفالا ورجالا ونساء هو الهدف. وهذا هو الذي ادخل قادة إسرائيل في خانة مجرمي الحرب, فقد نزع القناع الأخلاقي عنهم تماما, وأصبح العالم ينظر إليهم كإرهابيين بعد هول الكارثة التي تسببوا بها, وبدأت حيثياتها تصل إلى الرأي العام العالمي بعد إيقاف الحرب. فإسرائيل التي ارتكبت كل هذه الجرائم البشعة لا تستطيع بعد الآن ان تدعي أنها كانت تحارب منظمة إرهابية هي حماس. وتجريد إسرائيل من هذا السلاح الدعائي أمر هام في مواجهة المحتل الإسرائيلي على كل الصعد والمستويات, وانقلاب المعادلة بهذا الشكل يضيف كثيرا للجانب الفلسطيني في المرحلة القادمة, لان حكام إسرائيل مقبلون على ملاحقات قضائية ينبغي الا يفلتوا منها هذه المرة حتى يأخذ العدل مجراه.
ومع كل ذلك, وبالرغم من ضراوة الحرب الطاغية على امتداد ثلاثة وعشرين يوما, فان إسرائيل وقادتها السياسيين والعسكريين فشلوا في القضاء على المقاومة الفلسطينية. فحماس خرجت أقوى مما كانت وستستثمر انتصارها السياسي والصمود في وجه العدوان في المعادلة الفلسطينية والإقليمية والدولية باعتبارها لاعبا لا يمكن تجاوزه. كما ان ثقافة المقاومة أصبحت حديث الشارع العربي, فالمقاومة دخلت كل بيت فلسطيني وكل بيت عربي, وهذا يدل تماما على ان الاحتلال حصد عكس توقعاته. فالشارع الفلسطيني والعربي, المعبأ حاليا خلف حماس, إنما يفعل ذلك لأنه يدرك ان المقاومة هي العامل الحاسم في التعاطي السياسي القادم, قبل ان يكون تعاطفا مع فكر حماس. وهذا التعاطف يعني نهاية النهج العبثي الذي ساد منذ أوسلو, وقد لفظ أنفاسه الآن, ولن تنقذ هذا النهج صيحات الوحدة الوطنية التي ينادي بها اليوم اتباع هذا النهج, وهم الذين افشلوا كل اتفاقات المصالحة الوطنية الفلسطينية.
فورقة الأسرى التي كان يمكن ان تكون مدخلا للوحدة الوطنية الفلسطينية لم يأخذوا بها, واتفاق مكة والقاهرة وإعلان صنعاء, وكل المحاولات التي جرت في السابق أفشلوها لان إسرائيل أرادت ذلك. واليوم وبعد ان فشل الغزو الإسرائيلي, وبعد ان انحاز الشارع الفلسطيني والعربي إلى خيار المقاومة, وبعد ان أصبح أصحاب المفاوضات العبثية في وضع المحشورين في الزاوية, فان الوحدة الوطنية الفلسطينية أصبحت اكبر من تشكيل حكومة توافق, أو اجتماع مصالحة في القاهرة أو غيرها لتبادل العناق والقبل ثم القول عفى الله عما سلف. ان الوحدة الوطنية الفلسطينية يجب ان تكون على خطوط سياسية عريضة: تفاوض بدون تفريط بالثوابت الوطنية, وتقاوم حتى تظل جذوة النضال مشتعلة. ووحدة وطنية كهذه لن تتم الا بين الوطنيين الحقيقيين, والمناضلين الشرفاء.
فالمرحلة القادمة هامة جدا, وحاسمة إلى حد بعيد, ونحن امام إدارة أمريكية جديدة, وفي يقيني اننا سنكون بعد شهر من الآن امام حكومة إسرائيلية جديدة برئاسة نتنياهو يجمع فيها كل اليمين المتطرف, وربما سيسعى لإقامة حكومة وحدة وطنية لأنه لم تعد هنالك فواصل بين يمين نتنياهو ويمين الحكومة الحالية, بعد ان تحول المجتمع الإسرائيلي بالكامل تقريبا خلال الحرب الأخيرة على غزة إلى مجتمع الحرب. وهو وضع جديد كان لا بد ان تكون ملامحه معروفة لدى الزعماء العرب الذين التقوا في قممهم المتوالية, في الرياض والدوحة والكويت. فالذي كان في الماضي أصبح غير ممكن الآن, ونحن الآن في فترة ما بعد الحرب العدوانية على غزة, وعلى الرغم من أهوال ما حدث فان القادم اكبر ومفتوح على كل الاتجاهات..!!

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.70
USD
4.04
EUR
4.71
GBP
247876.38
BTC
0.51
CNY