الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 18 / مايو 17:02

عام على العدوان غزة العزة: ناجون يستذكرون احبتهم ولوعة الفراق لا تفارقهم

كل العرب
نُشر: 29/12/09 14:12,  حُتلن: 08:09

* الجنود اقتحموا منزل عطية السموني عنوة وأخذوا يلقون العبوات المتفجرة وربما القنابل اليدوية

* استشهد أبي، وأمي، وزوجتي، وطفلي الرضيع ابن الأشهر الستة. كان قد مضى على زواجي سنة ونصف السنة فقط، لقد انتهى كل شيء في حياتي

* من يشاهد فيلما سينمائيا عربيا، أو أجنبيا، أو هنديا يجد أن المظلوم ينصف في النهاية، أما نحن فنعيش واقعا حقيقيا، وإذا لم يتم إنصافنا فإن هذا العلم عبارة عن غابة والبقاء فيها للأقوى

في إحدى جنبات غرفة الجلوس المتواضعة في بيت صلاح السموني، تتدلى صورة للشهداء ترمز إلى كل من قضوا في الهجمات الإسرائيلية على الضفة الغربية وقطاع غزة عبر السنين. وعلى الصورة يظهر 29 وجها تحدق من الأبد بدءا من الطفل محمد حلمي السموني ابن الستة أشهر إلى رزقا السموني التي استشهدت في سن 55.
وهذه الصورة كبيرة الحجم جلبها صلاح السموني خلال الجلسة التي عقدتها لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة برئاسة القاضي ريتشارد غولدستون في غزة في حزيران 2009.

 

في أيلول وبعد مرور تسعة أشهر على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة توجهت "معا" إلى عائلة السموني وتحدثت إلى حلمي وصلاح في أحد بيوت العائلة القليلة التي نجت من آلة الدمار الإسرائيلية. جلسنا على كراس بلاستيكية وأمامنا دلّة من القهوة العربية.
في الرابع من كانون الثاني 2009، جمع الجيش الإسرائيلي قرابة مائة من أفراد عائلة السموني في مخزن في بيت وائل السموني وكان البعض منهم مكبل اليدين. وبعد ليلة مضنية أطلق الجيش الإسرائيلي قذائفه على المنزل ليقتل 21 على الفور، وثمانية آخرون في الجوار في غضون يومين ليكون مجموع شهداء العائلة وقتها 29.

على الأقل كان هناك من يستمع إلينا
لجنة تقصي الحقائق التي ترأسها القاضي غولدستون زارت حي السموني وشاهدت ما حل به من دمار. يقول صلاح السموني إنه لم يقرأ تقرير غولدستون لكنه شعر بأهمية أن يأتي وفد دولي ليزور العائلة ويستمع إلى روايتها لعل وعسى... يقول صلاح: "على الأقل كان هناك من يستمع إلينا ويحاول أن ينصر المظلوم... لقد ذهلوا حين رأوا الأطفال المصابين. من يشاهد فيلما سينمائيا عربيا، أو أجنبيا، أو هنديا يجد أن المظلوم ينصف في النهاية، أما نحن فنعيش واقعا حقيقيا، وإذا لم يتم إنصافنا فإن هذا العلم عبارة عن غابة والبقاء فيها للأقوى."

الجرح لا يفارق من كتبت لهم النجاة
رغم أن قصة استشهاد أفراد عائلة السموني وقصف الحي المدني الذي يقطنوه قد وثقتها لجنة غولدستون، والعديد من منظمات حقوق الإنسان،كما وتحدث عنها الصحفيون، إلاّ أن زيارة الحي والاستماع إلى الناجين من أفراد العائلة تعطي شعورا ليس برهبة القتل حين بدأ فحسب بل إنك تشعر كيف أن الجرح لا يفارق من كتبت لهم النجاة، وأنه يظل عالقا في أذهانهم مهما طال بهم العمر.
"استشهد أبي، وأمي، وزوجتي، وطفلي الرضيع ابن الأشهر الستة. كان قد مضى على زواجي سنة ونصف السنة فقط، لقد انتهى كل شيء في حياتي،" هذا ما يتذكره حلمي السموني بعد تسعة أشهر.

حسرة الكابوس
ويضيف: "بعد مرور شهر أو شهرين كنت أستيقظ من نومي وكأنني سأستأنف حياتي من جديد، وكأن ما حدث كان مجرد كابوس. لم أذهب لعملي منذ ذلك الوقت بسبب التعب النفسي الذي أعانيه." وتظهر الحسرة جلية في حديث حلمي عن أنه لم يقض وقتا كافيا مع زوجته وطفله لأنه كان يقضي معظم وقته في العمل في مطعم في حي الرمال في مدينة غزة ويعود إلى البيت منهكا ليأوي إلى الفراش. أما صلاح السموني فيقول وهو يقف أمام أنقاض بيت ابن خالته وائل السموني حيث قضى 21 من أفراد العائلة في قصف إسرائيلي : "بعد كل ما حدث نريد معرفة السبب، فنحن مدنيون ولم تكن في المنطقة أية مقاومة... ليعطينا أحد مبررا."

رمز الصمود

حركة حماس التي تحكم قطاع غزة تنظر إلى عائلة السموني على أنهم رمز للصمود في وجه آلة الدمار الإسرائيلية على حد قول رئيس الوزراء في الحكومة المقالة إسماعيل هنية. "إلى عائلة السموني نقول هذا عيدكم،" هكذا خاطب هنية آلاف المصلين الذين احتشدوا في ملعب اليرموك لصلاة وخطبة عيد الفطر المبارك. ولدى سؤالنا لصلاح السموني عن كلمات هنية أجاب: "إن شاء الله."

المذبحة
بدأت الحكاية صباح الرابع من كانون الثاني في الساعات الأولى للهجوم البري للقوات الإسرائيلية على قطاع غزة، بعد القصف الجوي المتواصل من الطائرات الحربية وطائرات الاستطلاع التي ظلت تدك قطاع غزة منذ 27 كانون الأول 2008.
في حوالي الساعة الخامسة فجرا، اقتحم الجنود الإسرائيليون عدة منازل في حي السموني. وكما جاء في تقرير غولدستون: "اقتحم الجنود منزل عطية السموني عنوة وأخذوا يلقون العبوات المتفجرة وربما القنابل اليدوية. وفي وسط إطلاق النار والضجيج، خرج عطية السموني رافعا يديه وقال إنه صاحب المنزل، فأطلق الجنود النار عليه بينما كان يرفع بطاقة هويته ورخصة سياقة إسرائيلية. بعد ذلك فتح الجنود النار داخل الغرفة التي كان يجتمع فيها قرابة 20 من أفراد العائلة، مما أدّى إلى إصابة العديد بمن فيهم الطفل أحمد غبن الأربع سنوات الذي أصيب إصابة خطيرة."وفي حوالي السادسة والنصف صباحا، طلب الجنود من أفراد العائلة مغادرة المنزل، وكان عليهم أن يتركوا جثة عطية خلفهم، أما الطفل أحمد فحملوه معهم لأنه كان يتنفس، حسب تقرير غولدستون.

عرة في جنح الليل
ويضيف التقرير: "غير أنه بعد عدة أمتار أوقفت مجموعة أخرى من الجنود أفراد العائلة وطلبت منهم أن يتجردوا من ملابسهم بالكامل. توسل إليهم فرج السموني الذي كان يحمل الطفل أحمد المصاب بأن يسمحوا له بنقله إلى المستشفى في غزة، فرفض الجنود توسله قائلين: أنتم عرب، فلتذهبوا إلى نتساريم، (في إشارة إلى مستوطنة إسرائيلية مخلاة)." ثم دخل فرج وأمه وآخرون إلى بيت أحد الأقرباء في الجوار واتصلوا بإسعاف الهلال الأحمر، إلاّ أن الجنود الإسرائيليين لم يسمحوا لسيارة الإسعاف بالمرور لنقل أحمد.

استشهاد الطفل
بعد حلول الليل استشهد الطفل أحمد، وقرر أفراد العائلة أن يسيروا على الأقدام إلى مدينة غزة غير عابئين بأوامر الجنود الإسرائيليين الذين طلبوا منهم التوقف وأطلقوا النار باتجاه أقدامهم كما جاء في روايات الشهود للجنة غولدستون. وبعد مسير كيلومترين في شارع صلاح الدين عثروا على سيارة إسعاف والتي نقلت المصابين إلى مستشفى الشفاء في مركز المدينة.
وكان الجنود أثناء بداية الهجوم البري قد دخلوا منازل أخرى في حي السموني فجرا واعتلوا سطح أحدها، وفتحوا ثغرة بالمطارق الثقيلة في أحد المنازل، حسب تقرير غولدستون.بعد ذلك قام الجنود بالفصل بين النساء والرجال وطلبوا من صلاح السموني أن يعرّف على أفراد العائلة فردا فردا باللغة العبرية. ثم قاموا بتفتيش الرجال وتقييد أيديهم قبل أن يحتجزوا حوالي 100 من أفراد العائلة داخل مخزن في منزل وائل السموني، ورفضوا طلب صلاح السموني بأن يسمحوا لهم بمواصلة السير إلى غزة.

جوع وفقر
يقول حلمي السموني: "على مدار 24 ساعة اتصلنا بسيارات الإسعاف، والأطباء، ومحطات الراديو، والأصدقاء لكن الجميع كان يجيبنا بأنه ليس بمقدورهم الوصول إلينا.
وفي حوالي الخامسة والنصف مساءً أرادت بعض النساء القيام بإعداد الخبز من بعض الطحين الذي وجدنه في البيت، فخرج نفر من الرجال وجلبوا بعض الحطب لإشعال النار لذلك الغرض. أخذت إحدى الفتيات تصنع الخبز على النار على مرأى من الجنود الإسرائيليين في البناية المقابلة.

اليوم الثاني:
في السادسة من صباح اليوم التالي، استيقظ الأطفال يصرخون من الجوع. يقول حلمي السموني: "لم يكن هناك كهرباء، أو غاز، أو طعام، وكان الأطفال يتضورون جوعا."
خرج خمسة من الرجال لإحضار الحطب ثانية بينما ذهبت امرأة مع أحد الأطفال لجلب الماء من بئر مجاورة. أطلق الجنود قذيفة على الرجال فاستشهد محمد إبراهيم السموني، وأصيب صلاح في رأسه كما أصيب وائل أيضا. عاد الرجال إلى داخل البناية فبدأت النساء تضمد جراحهم.بعد ذلك داهمتهم قذيفة أخرى قال عنها صلاح وحلمي السموني إنها كانت من طائرات الأباتشي، وهذا لم يؤكده تقرير غولدستون. حصدت تلك القذيفة 19 روحا من أفراد العائلة.
وفي خضم الفوضى وصراخ الأطفال قرر المحتجزون الفرار، وخرجوا حاملين من استطاعوا من الجرحى، وأما النساء فخرجن يلوحن بمناديلهن. يقول حلمي السموني إنه كان واثقا من وجود أحياء بين المصابين لكنهم اضطروا لتركهم خلفهم لأنه لم يكن بالإمكان حمل الجميع.

الفرار وما تلاه
بعد أن قطعوا مسافة 100 متر تقريبا أمرهم الجنود من على سطح البناية بالتوقف واخذوا يطلقون النار باتجاههم. "عودوا إلى الموت،" هكذا صرخ الجنود في وجوههم باللغة العربية. يقول صلاح السموني: "رفضت أوامرهم وقلت: حسنا، سنموت في الشارع إذاً." وفي اليوم التالي حاول طواقم الهلال الأحمر الفلسطيني والصليب الأحمر الدولي وأفراد عائلة السموني العودة إلى الحي في محاولة إحضار جثامين الشهداء وإسعاف الجرحى‘ إلاّ أن الجيش الإسرائيلي كان يحول دون ذلك. وقد أكد العديد من أفراد عائلة السموني لمعا أن الجيش الإسرائيلي هدم ما تبقى من بيت وائل السموني الدبابات و الجرافات.

منع سيارات الإسعاف
لم يسمح الجيش الإسرائيلي لسيارات الإسعاف بالتوجه إلى حي السموني إلاّ بعد أربعة أيام، وما يثير الدهشة أن طواقم الإسعاف عثرت على طفلين على قيد الحياة بين الجثث تحت أنقاض منزل وائل السموني ومن بينهم الطفلة أمل، 13 عاما التي التقتها "معا" خلال الزيارة بعد تسعة أشهر. ويؤكد حلمي السموني، أحد الناجين، أنه لو تمكنت سيارات الإسعاف من الوصول إلى البيت في اليوم الثاني أو الثالث لعثرت على مزيد من الناجين.
وفي معرض رده على سؤال "معا" حول رواية عائلة السموني حول المجزرة، قال ناطق بلسان الجيش الإسرائيلي: "تم تقديم الادعاءات حول مقتل أفراد عائلة السموني إلى مكتب المدعي العام."
وأضاف الناطق الإسرائيلي: "تشير التحقيقات إلى ظروف معقدة تتضمن حوادث جانبية جرت في مراحل مختلفة من العملية، وبعض هذه الحوادث لا تزال قيد التحقيق على يد الوحدة الخاصة بالجرائم لذا ليس بوسعنا التعليق عليها. أما الحوادث الأخرى فتخضع لتحقيق خاص بالعمليات الحربية." 

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.70
USD
4.04
EUR
4.71
GBP
247615.46
BTC
0.51
CNY