معطيات وزارة الداخلية تؤكد ارتفاع الجباية من 41% عام 2008 إلى 50% عام 2009. ونسبة الارتفاع منذ عام 2005 بلغت 83%

د. رفيق حاج من مركز دراسات: العوامل المؤثرة هي الوضع الاقتصادي ومستوى الخدمات وهيبة السلطة المحلية في نظر المواطن و ثقته بها

رئيس اللجنة القطرية رامز جرايسي: ندعو جماهيرنا لتسديد ديونها للسلطات المحلية وسنواصل نضالنا لاستعادة الميزانيات التي قلـّصتها الحكومة

بيّن تحليل لمعطيات وزارة الداخلية أعدّه د. رفيق حاج، الباحث في "دراسات" – المركز العربي للحقوق والسياسات، أنّ ارتفاعًا نسبته 22% طرأ على دفع الضريبة البلدية "الأرنونا" في القرى والمدن العربية في البلاد، حيث ارتفعت النسبة من 41% عام 2008 إلى 50% عام 2009. كما تبيّن أنه منذ العام 2005 بلغت نسبة الارتفاع 83%، حيث كانت نسبة الجباية آنذاك 18% فقط، وأنّ نسبة الجباية المتراكمة (أي التي تشمل الديون القديمة) ارتفعت من 30% عام 2008 إلى 33% عام 2009

الوضع الاقتصادي
وتشير المعطيات إلى علاقة واضحة بين التدريج الاجتماعي-الاقتصادي للبلدة من جهة ونسبة التجاوب ودفع ضريبة "الأرنونا". ففي البلدات المدرجة ضمن العنقود الأعلى (الأغنى) بلغت نسبة الجباية 78%، مقابل 40% في العنقود الأدنى (الأفقر).
ويقول د. حاج وهو مختصّ في قضايا الحكم المحلي: "82% من قرانا ومدننا العربية مصنّفة في العناقيد الثلاثة الدُنيا ونصف المجتمع العربي يعيش تحت الفقر، ومن الواضح أنه إذا كان الخيار بين دفع الأرنونا وشراء الخبز أو الدواء، فسيتم التهرّب من الدفع لأنّ هذا قد يكون السبيل الوحيد أمام الناس في ظل الأوضاع الاقتصادية المزرية".

الرأسمال الاجتماعي
وكان بحثٌ أعدّه د. حاج لمركز دراسات قد أشار إلى عوامل إضافية تؤثر في مدى استجابة المواطنين لدفع الضريبة البلدية، ومنها نجاعة الجباية ومدى ثقة المواطن بالسلطة المحلية ونزاهتها وجودة الخدمات التي تقدّمها للمواطنين. كما أشار البحث إلى أنّه كلما قدّر المواطن أنّ الآخرين يتهرّبون من دفع الضريبة ينخفض استعداده لدفعها.
ويشير البحث إلى عامل حاسم آخر، هو ما يُعرف بـ "الرأسمال الاجتماعي" في كل قرية ومدينة، ويُقصد به مدى شعور المواطنين بالانتماء للبلد ومشاركتهم في الشبكات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. فكلما ازداد الشعور بالانتماء والمشاركة يصبح هناك استعداد أكبر لأخذ دور في العمل الجماعي الذي أحد مركباته الأساسية دفع الضريبة البلدية.

انعدام الصناعة والمرافق الحكومية
ومع أهمية جباية "الأرنونا" المادية والمعنوية، لا يمكن التعويل عليها لتغطية مصروفات السلطة المحلية العربية الجارية وإخراجها من أزمتها الخانقة، وذلك لأنّ معظم الضرائب في البلدات العربية مصدرها السكن وليس الأعمال أو المناطق الصناعية والمرافق الحكومية كما هي الحال في معظم البلدات اليهودية، وعلمًا بأنّ "الأرنونا" تشكّل ما نسبته 6,9% من معدّل مدخول العائلة العربية مقابل 4,8% فقط من مدخول العائلة اليهودية، وعلمًا بأنّ تسعيرة المتر المربّع للسكن هي حوالي 28 شيكلاً وتسعيرة متر الأعمال هي حوالي 58 شيكلاً. ويشار في هذا الخصوص إلى الحملات الإعلامية التي قامت اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية في السنوات الأخيرة لمناشدة المواطنين تسديد ديونهم للسلطة المحلية.

أزمة السلطات المحلية العربية
وقال رئيس اللجنة القطرية ورئيس بلدية الناصرة المهندس رامز جرايسي تعقيبًا: هذا الارتفاع بحد ذاته جيّد وندعو جماهيرنا لدفع مستحقاتها أولاً لأنها تسهم فعليًا في زيادة المدخول الذاتي الذي يشكّل في أحيان كثيرة شرطًا للحصول على ميزانيات من الحكومة؛ وثانيًا لأن هذا يؤكد عدم صحّة ادعاءات الحكومة وكأنّ أزمة السلطات المحلية العربية مردّها الأساسي تدنّي نسب الجباية، وليس التقليصات الكبيرة والمتواصلة وخصوصًا في ما يُعرف بـ "هبات الموازنة".

أعباء على السلطات العربية
وأوضح جرايسي: "هبات الموازنة اليوم أقل بـ 30% مما كانت عليه عام 2003. ففي عام 2003 كانت هبات الموازنة 3,5 مليار شيكل وتم تقليصها إلى 2,4 مليار. كما جرى تقليص حوالي 600 مليون شيكل من ميزانيات التربية والتعليم. وهذا كلـّه يعني أعباءً إضافية على كاهل السلطة المحلية التي يتوقع المواطنون منها، وليس من وزارة الداخلية أو الرفاه أو المعارف، أن تزوّدهم بالخدمات اليومية في مختلف المجالات". "بالمقابل"، يضيف جرايسي، "تطالبُنا الحكومة برفع ضريبة الأرنونا، ونحن نرفض هذا لأنها مرتفعة أصلاً وأيضًا لأنّ الحكومة تفرض ضرائب مختلفة على الناس وترفع أسعار المياه".

نسبة جباية 100%
وحذّر رئيس اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية من أنّ انهيار الحكم الملي العربي بات وشيكًا: "إنها مسألة وقت فحسب. والحل الوحيد هو مواصلة النضال كي تتحمّل الحكومة مسؤوليتها وتعيد الميزانيات التي قلـّصتها. فحتى لو وصلنا إلى نسبة جباية 100% لن يعوّضنا هذا عن التقليصات الحكومية".