الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 24 / أبريل 05:02

الإنسان الرّاقي شَهادة تَعليميّة أم أخلاق مُثّقّفة/ بقلم: نانسي مزاوي شحوك

كل العرب
نُشر: 15/05/13 16:14,  حُتلن: 18:23

نانسي مزاوي شحوك في مقالها:

الرُّقي هو الإخلاص الوَفاء الرّوح النّقيّة والأهم من كلِّ هذا احترام الذّات لِيَحتَرِمَك الآخَرُ

التَعامُل والأخلاق والمَحبة الفائضة من أسمى معاني الرّقي بين البَشَر! طَبعاً باستثناء الطّبقات العُليا التي اعتَبَرت المال والحياة والقُصور هُم السُّلطة والمَجد والطُّغيان

كَم من المرّات صادَفنا أشخاصاً تَطغى عليهم المَظاهر والزينة والماكياج والأقنعة والبَسمة "الراقية" وَبعدَ أن حَفَرنا في نُفوسِهٍم تَتَبخَّر في سماءِ أعيُننا سّوداء جاهلة لا تمت للرّقي بصِلة

فلنجعل من الرُّقي تاجاً ماسيّاً يَبرقُ فَوق رؤؤسِنا كالنّجمة السّاطعة المُتلألأة، الصادقة في بث نورها من السماء الى الأرض ولنحمِ ذواتنا من الأنزلاق في هاوية الفَوضى النفسية كي لا نعتلّ بداءٍ كاذب يُدعى الإرتقاء!

ليس من العَيب أو الخطأ أو ليست بِعَورَة أن يكون الفرْدُ غنيّاً مُكَدَّساً بالأملاك ذو مصالِح وأوْسِمة ومراكز عالية!! الخَطأ أن يُنْعَت بِنجاسة الروح ويُتّصَف بفساد العَقل والأخلاق فعندها من المُستحيل أن تَكتَمل الصورة

الرُّقي كّكلِمة مُجَرّدة من المعاني والتّوضيحات يَدُل مُرادِفها على الأناقة، العُلُو، التّفاخُر والغُرور المَعنَوي! ولَكن، إذا تَعَمّقنا في جَوهَر المَعنى، نتأكَّد بأن الرُّقي لا يَنحَصِر تعريفُه في عُلُوّ المَكانة وَإضفاء مَرتَبة الشّرف، ولا يتَألَّق بِوَهج الكاميرات وَرَوعَة الأضواء. الرُّقي هو الإخلاص، الوَفاء، الرّوح النّقيّة، والأهم من كلِّ هذا احترام الذّات لِيَحتَرِمَك الآخَرُ. كان المَرءُ فيما مضى يتألّقُ بِكِدّهِ واجتهادِهِ ومُثابَرَتِه للوُصول والإرتقاء إلى أعلى القِمَم، الحياة كانت بسيطة وساذجة،الطّبيعة كانت أجمَل، والهواء كان أكثر نقاءاً، والقلب كان أعمق اتّساعاً للرُقي والجَمال النفسي، كالإصغاء لخرير الماء الذي تعتاش صَوتَهُ ويَا الطبيعة بِصدقٍ وإخلاص.التَعامُل والأخلاق والمَحبة الفائضة من أسمى معاني الرّقي بين البَشَر! طَبعاً باستثناء الطّبقات العُليا التي اعتَبَرت المال والحياة والقُصور هُم السُّلطة والمَجد والطُّغيان.

المعنى الكامِل للرّقي
ليس من العَيب أو الخطأ، أو ليست بِعَورَة أن يكون الفرْدُ غنيّاً مُكَدَّساً بالأملاك، ذو مصالِح وأوْسِمة ومراكز عالية!! الخَطأ أن يُنْعَت بِنجاسة الروح، ويُتّصَف بفساد العَقل والأخلاق، فعندها من المُستحيل أن تَكتَمل الصورة، فليس من الصّواب بتاتاً وضعهُ في خانةِ الرّاقي المُتَحضّر الواعي! اليَوم، مُعظَم الأشخاص، تَسعى وراء العلمِ والمعرِفة، والكُتُب والمُؤسّسات العالية أو حتى العالميّة... بعضُهُم يسعى خَلفَ الشُّهرة، الأضواء، الكاميرات واللباس الفَخم، والبَعضُ يُناضِل سعياً لِكَسب لُقمة العَيْش لا غَير! فأن تملك شهادة عالية، وأن تكونَ نجماً يسطَعُ في السّماء، لا يَصْنَع وَحدهُ من تمثالِك المُصطَنع قُدوة الإنسان الرّاقي الفهيم! فالكثير منهم شهاداتُهم هي الحُدود القُصوى لِتفكيرهم السّائر في طريق سريعة، تَخلو من التَفرعات والإحتمالات، حتّى أنّهم لا يملكون القُدرة الذّهنية الكافية كي يَتَشعَبوا في مسارات أخرى من الإدراك والوعي. وَمُعظَم هَؤلاء، يّدّعون أنّهم راقون، مُثَقّفون، شهاداتُهم مُعَلَّقة على الحائط كَزينة مُحَنّطة، لا يُدرِكون مفاهيم الحَياة الرّاقية الأصلية، واهِمون أنّهم قادرون على امتلاك البَشَر لِمُجرد اتّكائِهِم على كُرسي عريق سُرعان ما يَبلى مع الزّمن، أو لاقتنائهم بيت فَخم، أو لاعتقادهم أنّ أقنعة الزّينة التي يُلَطّخون أنفسهم بها هي التي سَتُغلق الدّائرة ليَتم المعنى الكامِل للرّقي!

ثقافة الأخلاق
فَليس بِوسعنا سوى الشّفقة على هذا الفَرد، لأنه يَجهَل أنّ الشهادة والعِلم كي يَكتَملوا، عليهم الاندماج مع ثقافة الأخلاق، والرّوح السّلسة المُحبّة، عندها فقط تَكتمل الفكرة، ليَرقى بِجدارة أمام النّاس الى الأعالي، بِمعنَويّات مليئة بالثّقة والحضارة، مُفعَمة بالأساليب الرّاقية المُثَقَّفة، إضافةً للكُتُب والجامعات، والمَراكِز العُليا والأضواء. فَكَم من المرّات صادَفنا أشخاصاً تَطغى عليهم المَظاهر والزينة والماكياج والأقنعة والبَسمة "الراقية"...وَبعدَ أن حَفَرنا في نُفوسِهٍم، تَتَبخَّر في سماءِ أعيُننا سّوداء جاهلة، لا تمت للرّقي بصِلة. وبالمُقابل، نفس مُواصفات هَؤلاء الأشخاص، تَلحَظ من خلال احتكاكك بهم الرّقي وسُمُو الذات بجدارة واستحقاق...هؤلاء هُم من نحني لهم رؤوسنا احتراماً وإجلالاً، كونهم يحملون سمات معاني الإنسانية على أكمل وجه. فَلنجعل من الرُّقي تاجاً ماسيّاً، يَبرقُ فَوق رؤؤسِنا، كالنّجمة السّاطعة المُتلألأة، الصادقة في بث نورها من السماء الى الأرض. ولنحمِ ذواتنا من الأنزلاق في هاوية الفَوضى النفسية، كي لا نعتلّ بداءٍ كاذب يُدعى الإرتقاء!!

 موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

 

مقالات متعلقة