الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 19 / مايو 22:02

الجمهور عاوز كدة!/ بقلم: عفيف شليوط

كل العرب
نُشر: 22/06/13 07:55,  حُتلن: 08:15

عفيف شليوط في مقاله:

من ألد أعداء الكوميديا التكرار وهذا الأمر يؤدي بالتالي الى الملل لدى الجمهور

كم نحن بحاجة الى الضحك خاصة في هذه الأيام الصعبة إلا أن محاولة إضحاك الجمهور بأي ثمن تصل أحياناً الى حد الإسفاف

الذوق الفني لدى الناس في أزمة وهذا الأمر يقودنا الى الإسفاف وتقديم الفن الهابط من أجل إرضاء الجمهور حتى نعود وللأسف مرة أخرى لنكرر المقولة الشائعة عندما ندافع عن انتاج فني هابط "الجمهور عاوز كدة

أخذت تنتشر مؤخراً في حركتنا المحلية ظاهرة "الستاند أب كوميدي"، وهي عبارة عن تقديم مشاهد مسرحية ساخرة إما في إطار عروض خاصة، أو خلال حفلات وبرامج معينة . برزت أسماء لبعض الأشخاص الذين ولجوا هذا المجال، وهنالك بعض الأشخاص الذين هم بطبيعتهم خفيفي الظل، فتقبلهم الجمهور وأحبهم وأصبح يتابع أعمالهم الفنية . وكم نحن بحاجة الى الضحك، خاصة في هذه الأيام الصعبة، إلا أن محاولة إضحاك الجمهور بأي ثمن، تصل أحياناً الى حد الإسفاف، والى استخدام الإيحاءات الجنسية وكلمات تخدش الحياء العام، ولا تخدم بالتالي الحبكة أو المبنى الدرامي للمشهد المسرحي، إنما تستخدم بهدف إضحاك الجمهور ليس إلا. وهذا النوع من رواد هذا الفن لا يستطيعون تقديم عروضهم الكوميدية في كل مكان ولكل أنواع الجمهور، لأنهم غير مرغوب فيهم لدى قطاعات واسعة من الناس في الوسط العربي، مما يجعلهم يقتصرون أعمالهم على مناطق محددة ولقطاعات محددة.

فن الكوميديا
إذا عدنا لتعريف فن الكوميديا، فهي نوع من المسرحيات التي كُتبت بقصد التسلية، ومن أبرز الكُتاب المسرحيين في مجال الكوميديا الكلاسيكية، الكاتب المسرحي الفرنسي الشهير موليير، والذي من أهم مؤلفاته المسرحية : "طرطوف"، "البخيل"، و"المريض بالوهم". تأثر موليير في كتاباته بشكل خاص من المسرح الهزلي الإيطالي، والذي كان رائجا آنذاك، كانت مواضيعه تتعرض بروح ساخرة إلى الحياة اليومية للناس.

الإيقاع السريع
خلال متابعتي للأعمال المسرحية الكوميدية إن كانت مسرحيات كاملة أو مقاطع مسرحية قصيرة، ومن خلال عملي في المسرح عامة والمسرح الكوميدي خاصة، لاحظت أن نجاح الموقف الكوميدي في المسرح مرتبط إرتباطاً وثيقاً مع التوقيت، مع الإيقاع، فالكوميديا تعشق الإيقاع السريع. زد على ذلك أهمية ارتباط المشاهد المسرحية الكوميدية بواقعنا وحياتنا، عندها المشهد المسرحي يثير الضحك لدى الجمهور، لأنه هنا يضحك على واقعه ونفسه. ومن ألد أعداء الكوميديا التكرار، وهذا الأمر يؤدي بالتالي الى الملل لدى الجمهور. والمسرح المصري الكوميدي يعتمد في غالبية مسرحياته على التكرار حتى يمل الجمهور الموقف المضحك ويتوقف بالتالي عن الضحك، فإن ضحك الجمهور في مسرحية ما من حركة ما أو قول ما، يعيد ويكرر الممثل الحركة ذاتها أو القول ذاته، حتى يلعن الجمهور الساعة التي تورط وضحك بها.

المسرح المصري الكوميدي
كما أن المسرح المصري الكوميدي بشكل خاص لجأ في بعض مسرحياته الى استخدام أقزام من أجل إضحاك الجمهور، وهنا نحن نسبب الاهانة لهؤلاء الأشخاص، وعندما تجرح شعور بعض الناس تصبح النكتة أو الموقف الكوميدي لديهم إهانة وتجريح. ينطبق هذا الأمر أيضاً على المواقف الكوميدية ذات الطابع العنصري والاستعلائي تجاه الآخر. وليس بالضرورة رواج بعض الذين يؤدون المقاطع الكوميدية، يؤكد بأن هذه المقاطع أصبحت فناً راقياً . فالفن الهابط وللأسف يمكنه أن يحقق انتشاراً جماهيرياً أكثر بكثير من الفن الجاد، فما ينطبق على الغناء ينطبق على المسرح، فالذوق الفني لدى الناس في أزمة، وهذا الأمر يقودنا الى الإسفاف وتقديم الفن الهابط من أجل إرضاء الجمهور، حتى نعود وللأسف مرة أخرى لنكرر المقولة الشائعة عندما ندافع عن انتاج فني هابط "الجمهور عاوز كدة"!!!

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة