الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 19 / مايو 12:02

السلطة ونور العلم وما يجري في مصر/ بقلم: عمر أبو جابر

كل العرب
نُشر: 03/07/13 09:22,  حُتلن: 08:59

عمر أبو جابر في مقاله:

أصحاب الحكم والسلطان مسؤولون أمام الله عما استرعاهم من امر الناس

هنا نسأل أين الأزهر والعلماء في مصر مما يحدث فيها؟ لقد سار التاريخ على هذا النحو من التعاون الهادئ بين الطائفتين واتسعت صدور الحكام لنصائح العلماء

الطريق المسدود الذي وجد فيه المثقفون وعامة الناس انفسهم فيه قد دفع كثيرا منهم الى صور من العزلة الحزينة ومن الاكتفاء بالشكوى والقناعة بترقب وقوع الكارثة

الحكام يرفعون شعارات للتفاؤل والمتذمرين يرفعون شعارات التذكير بسوء الحال ويعلنون قرب وقوع الكارثه وقادة اركان الجيوش يصرحون ببيانات قصدهم فيها مصلحة البلاد والعباد ولكنها تزيد من اصرار اؤلئك الذين يلوحون بالتغيير وحسب ظنهم انه الاحسن

التراجع الشامل في مستوى الاداء العربي تتأكد مظاهره يوما بعد يوم ويتعامل معه الاخرون على أنه حقيقة قائمة بينما الكثر مشغول بالتعتيم عليه والمكابرة في وجوده واصطناع تفاؤل كاذب قد يحول دون احساس الناس بحجم الازمة في المدى القصير

في منطق العقل وبداهة الأشياء فإن الناس يحتاجون الى "السلطان" كما يحتاجون الى "العلماء"، وإنهم يكونون اسعد ما يكونون ، وأوفر نصيبا من الخير والصلاح حين يلتقي في حياتهم عزم السلطان وعدله بحكمة العلماء وعلمهم.

وفي تراثنا، إن أصحاب الحكم والسلطان مسؤولون أمام الله عما استرعاهم من امر الناس ، وإن العلماء كذلك مسؤولون أمامه عما حملهم من امانة البحث عن الحقيقة ونشرها بين الناس وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم ،إن الامام الذي على الناس راع ومسؤول عن رعيته، وفيها ايضا أن العلماء ورثة الانبياء وأن مدادهم يوزن يوم القيامة بدم الشهداء.

التاريخ والتراث
وفي تاريخ الانسان الثابت والموثق إن الصالحين من الحكام لا يبرمون امرا ولا ينقضوه الا اذا استرشدوا بعلم العلماء ورأي اهل الرأي واصحاب التجربة. وقد حدثنا القران الكريم عن ثمرة التعاون بين اهل العلم واصحاب السلطان حين يروي لنا قصة سليمان وملكة سبأ وكيف استشار سليمان اهل العلم ومن طرف اخر كيف استشارت ملكة سبأ الملأ ، والملأ هم خاصة القوم واهل الراي والمكانة فيهم ، وفي تراثنا الاسلامي بعد ذلك كله اشارات واضحة بادعوة الصريحه وبالتقرير الذي يستفاد منه الرضا والاستحسان –الى ضرورة تعاون العلماء والحكام .

ما يحدث في مصر
وهنا نسأل أين الأزهر والعلماء في مصر مما يحدث فيها؟ لقد سار التاريخ على هذا النحو من التعاون الهادئ بين الطائفتين واتسعت صدور الحكام لنصائح العلماء، وفي مصر بالذات كانت هذه الامور وقد تجاسر العلماء دائما على بذل النصيحة وقول الحق واعلانه بين يدي السلطان ومن بيدهم اشكال السلطة والقيادة. وقد قرأنا عن محنة ابن تيمية حين قال في امور فقهية احتهادية اقولا لا يرضى عنها علماء السلطان، حتى سجن ومات مسجونا في قلعة دمشق عام 628هجرية . قد كان الحكام واصحاب السلطة والقيادة جديرين بأن يحسنوا استقبال هذا النقد ، ويرحبوا به وأن تتسع صدورهم لما قد يشوبه من حدة او مبالغة في وصف النقائض والافكار ولكن الاحساس بالازمة والشعور بالضائقة جعل كثيرا من الحكام واصحاب السلطة وقيادة اركان الجيوش يتصورون أن توجه النقد في الساعات العصيبة مقامرة بالامن وتهديد للاستقرار، ومدخل لإشاعة روح اليأس والقنوط في وقت يحتاج معه الناس الى التفاؤل وبعث روح الامل.

كوارث حقيقة
إن الطريق المسدود الذي وجد فيه المثقفون وعامة الناس انفسهم فيه قد دفع كثيرا منهم الى صور من العزلة الحزينة. ومن الاكتفاء بالشكوى والقناعة بترقب وقوع الكارثة، وذلك- في ذاته – كارثة ، فالحكام يرفعون شعارات للتفاؤل والمتذمرين يرفعون شعارات التذكير بسوء الحال ويعلنون قرب وقوع الكارثه، وقادة اركان الجيوش يصرحون ببيانات قصدهم فيها مصلحة البلاد والعباد ولكنها تزيد من اصرار اؤلئك الذين يلوحون بالتغيير وحسب ظنهم انه الاحسن، والجماهير التي هي اداة التغيير الحقيقي ، بالعمل والانتاج والابداع والارادة، موزعة المشاعر ،تقتلها الحيرة ، وتستغرقها الهموم ويزداد بأسها من الغد يوما بعد يوم. إن التراجع الشامل في مستوى الاداء العربي تتأكد مظاهره يوما بعد يوم ويتعامل معه الاخرون على أنه حقيقة قائمة بينما الكثر مشغول بالتعتيم عليه ، والمكابرة في وجوده ، واصطناع تفاؤل كاذب قد يحول دون احساس الناس بحجم الازمة في المدى القصير، ولكنه يمهد الطريق لكوارث حقيقية في المدى البعيد، الذي قد لا يكون في حقيقته بعيدا كما يتمنى الكثير. فهل لهذا كله من مخرج؟ إن أحدا لا تبلغ به السذاجة او القدرة على خداع النفس أن يزعم أن المخرج يسير او قريب !! ولكن له فيما نرى مداخل اساسيةأ لا بد من توفيرها بغير تراخ او ابطاء.

يتبع

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

 

مقالات متعلقة