الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 16:02

التّسامُح: فرض واجب لإستمرار العلاقات؟ أم مبدأ لشخصية واهنة؟ نانسي مزاوي شحوك

كل العرب
نُشر: 03/10/13 16:25,  حُتلن: 17:44

نانسي مزاوي شحوك:

كي يكون المَرءُ عادلاً ومُنصفاً في العيش عليه أن يُسامح آلاف المرّات قبل أن يُطبق على صفحات الزمن التي تطوي بداخلها كل من حاول تجريحه أو المَس بأُمورهِوفي المرّة ما بعد الألف

بفضل المحبّة وروح المُسامحة الذي يطفو بِحُنُوٍّ، بلَونٍ باهِتٍ على سطح قُلوب البَشَر ما زالت العلاقات مُستَمِرّة وما زال الإنسان يُثابر في الحياة من أجل الحفاظ على دائرة العلاقات المَفروضة أو المُحبّبة في مُجتمعنا المُركّب القاسي في زمن تهاوت فيه الكرامة بأعماق النُّفوس الغامضة

قلبٌ طيَبٌ أحمق، شخصيّة واهِنة خالية من الإستقلال، روحٌ صافية لا تحمل الضّغينة، مَرءٌ لا حَولَ له ولا قُوّة للجُرأة على مُحاسبة الآخر إن جنى عليه الآخر بالظَلم، قلبٌ عاشِقٌ لا يرضى بغضبِ الحبيبِ، غبيٌّ عاجزٌ عن استرداد حقّه.... نظريّات عِدّة نكشف أوراقها علي طاولةِ الحقيقة، كي نُحدِّد المعنى الصّائب والحقيقي لمبدأ التسامُح والعَفو، كي نُميز من هو الشخص المُتسامِح، وكم تختلف الظُّروف التي تجعل من المرء أنساناً شفّافاً مُتسامحاً، يخلو قلبه من الضّغينة، كي يجعل دولاب الحياة يستمر قُدُماً لئلّا تَتبعثر حلقة التّواصُل بين النّاس والأفراد.

مبادئ الرَب العالي
كي يكون المَرءُ عادلاً ومُنصفاً في العيش، عليه أن يُسامح آلاف المرّات قبل أن يُطبق على صفحات الزمن التي تطوي بداخلها كل من حاول تجريحه أو المَس بأُمورهِ، وفي المرّة ما بعد الألف، ونحن كبشر لا نرضى لكرامتنا بالأندثار دوماً، يُكشّر عن أنيابه ليُدرك الآخرون أن للكرامة حُدود، وأنّه للتّسامُح فسحة مُحدّدة لا بُد للغَضب أن يقفز منها ليعبر الخُطوط الحمراء. بعض النّاس يتغلّب عليها طبع الغُرور وحُب الأذى للآخرين، إحباطهم ومُضايقتهم هُم من سِماتهم الجذرية المُتأصّلة في طباعهم، ويسعدون بتكرار الخطأ، لا يُقدّرون قيمة المرء المُقابل الذي يسعى جاهداً مُعظم الأحيان لغض النّظر عن الأذى الذي لَحِقَ به، فيَتجاهل ويَتَباعَد، وربّما يضعوه في خانة القلب المُحب المُتسامح، أو رُبّما يضعه البعض في خانة الشّخصية الضّعيفة الواهنة التي تعجز عن استرداد حقّها في الدّفاع عن ما ألمّ بها من ضَرر... وفي أغلب الحالات ننظر لمثل هذا الشّخص على أنّه مُتسامِح طيّب، وليس بالضرورة غباءاً منه أو سذاجة...فربما يملك متّسعاً من القلب ليحمل فيه ما يكفيهم من أعباءِهم الثّقيلة أو المُملّة أحياناً، أو ربّما عنوان مبدأَهَ الأساسي هو: "سامِح كي تستمرَّ قُدماً...وأنّ المحبة في قلوبنا هي من مبادئ الرَب العالي." 

التمادَي في التّسامح
أمّا التّسامُح في العلاقات الزّوجية أو الغرامية الودّيّة...فشرحُها لا يطول...فهُنا تطغى قلوب الحُب وخفقات القلب على كل مجروح أو مغلوب على أمرِه من الطّرف الآخر...إلّا أنَّ الحالة هُنا لا بُدّ أن تفصلها عن الكرامة حواجز حمراء، خاصّةً إن كانت الموَدّة والمُسامَحة تأتي من طرفٍ واحدٍ فقط والثاني لا يرحم، فالأجدر بالمرءِ حينها أن يَتَباعد ويُزيّن كرامته فوق رأسِه لِيُلغي كل اعتبار. الغباء والطيبة الحمقاء...هُم وسام ذهبي يُعلّقه النّاس كقلادة في صدر مَن تَمادَى في التّسامح مع الذين أساءوا إليه...يستَحق تلك القلادة كل من تَعَمّد النّاس في إيذائِه بينما هو يلتزم الصّمت الأحمق مُعتمِداً على مبدأ التّسامح الذي لم يَعُد يُميِّز من خلاله الصالح من الطَالِح، يُداسُ عليه بالأقدام، والمحبّة المَزروعة في أعماقِهِ تُوَزَّع بالمجّان على أشخاص أميّين بصيرتهم عمياء لا يملكون الوسائل لترجمة مُصطلح المحبة والتّسامُح.

لولا المحبّة والحُب لما توحّد النّاس
كي يكون صديقُك مُتسامحاً نبيلاً معك في أخلاقِهِ، عليك أن تُعامِلهُ بالمثِل، وتَقتَنع بأن ما صَدرَ منك هو خطأٌ بشريّ لا بُدّ من حُدوثِهِ بين الأحياء، وأنّهُ لولا المحبّة والحُب لما توحّد النّاس، ولانقرض جنسُهم من العالَم مُنذُ الأزَل.... بفضل المحبّة وروح المُسامحة الذي يطفو بِحُنُوٍّ، بلَونٍ باهِتٍ على سطح قُلوب البَشَر...ما زالت العلاقات مُستَمِرّة، وما زال الإنسان يُثابر في الحياة من أجل الحفاظ على دائرة العلاقات المَفروضة أو المُحبّبة في مُجتمعنا المُركّب القاسي، في زمن تهاوت فيه الكرامة بأعماق النُّفوس الغامضة.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net 


مقالات متعلقة