الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 20 / مايو 02:01

رحيل الشاعر والكاتب الفلسطيني علي الخليلي/بقلم:عفيف شليوط

كل العرب
نُشر: 12/10/13 20:50,  حُتلن: 21:56

فقدت الأوساط الثقافية الفلسطينية في الأسبوع الماضي الكاتب والشاعر الكبير علي الخليلي ، حيث توفي في رام الله بعد معاناة شاقة مع المرض، وكان الخليلي نشيطاً في الحركة الأدبية الفلسطينية بل من روادها ، عمل محرراً أدبياً لفترة طويلة من الزمن في صحيفة الفجر المقدسية ، وهو من مؤسسي رابطة الكُتّاب والأدباء الفلسطينيين، ومن أبرز الشعراء الفلسطينيين وكتب في مجال التراث والأدب . وقد سنحت لي الفرصة أن أتعرف على هذا الأديب الانسان الرائع عندما كنت لا أزال طالباً في المدرسة الثانوية ، وهو كان محرراً أدبياً لصحيفة "الفجر" ومكتبها الرئيسي كان في مدينة القدس آنذاك ، فكنت أراسله وأسافر أحياناً لمدينة القدس خصيصاً لألتقيه في مكتبه ، وقد لقيت منه كل تشجيع ودعم ، فقد كان ينشر لي قصصي القصيرة في صحيفة "الفجر" ومجلة "الفجر الأدبي" . أني لا أزال أذكر تواضعه ، أبويته ، انسانيته ، ثقافته الواسعة ، وقد كان يؤكد لي على أهمية تواصل الأدباء الفلسطينيين في كافة المناطق ، لهذا كان يولي أهمية خاصة لنشر الانتاجات الأدبية للأدباء الفلسطينيين من المثلث والجليل في الصحف والدوريات الصادرة في الضفة الغربية.

ولد الشاعر والكاتب علي الخليلي في مدينة نابلس في العام 1943 ، أنهى دراسته الثانوية فيها لينتقل في العام 1962 إلى بيروت، حيث درس في جامعتها العربية وتخرج من كلية التجارة، ليعود بعدها الى وطنه حيث عمل محرراً في جريدة الفجر المقدسية وترأس تحرير مجلة الفجر الأدبي. قضى سنوات من عمره في ليبيا لم ينقطع خلالها بطبيعة الحال عن الشعر والأدب. كان أول رئيس لاتحاد الكتاب الفلسطينيين كما أسهم في تأسيس نقابة الصحفيين . في العام 2011 اختارته وزارة الثقافة الفلسطينية شخصية العام الثقافية، وفي العام نفسه قلده الرئيس محمود عباس وسام الاستحقاق والتميز، تقديرا لدوره الأدبي والثقافي وإسهاماته في المجالات الإبداعية في ميادين الشعر والقصة والدراسات للموروث الشعبي الفلسطيني .

أصدر أكثر من 46 مؤلفاً من بينها 15 ديواناً شعرياً، إضافة إلى عدد من الروايات أبرزها رواية "المفاتيح تدور في الأقفال"، ومن ضمن مؤلفاته ثلاثة عشر كتاباً تناولت موضوعي النقد والتراث. من أبرز مؤلفاته في مجال التراث : "التراث الفلسطيني والطبقات"، "أغاني العمل والعمال في فلسطين" ،"البطل الفلسطيني في الحكاية الشعبية" ، و"أغاني الأطفال في فلسطين" .وفي مجال الشعر أصدر: "نابلس تمضي إلى البحر" ، " ما زال الحلم محاولة خطرة " ،" جدلية الوطن" ،"تضاريس من الذاكرة" ، "انتشار على باب المخيم" و "الضحك من رجوم الدمامة" .
إن انشغال علي الخليلي في الصحافة سنوات طويلة ، لم يؤثر على عطائه الأدبي ، بل على العكس تماماً ، فكونه منخرطاً في الحركة الثقافية الفلسطينية من خلال عمله في الصحافة ، والصحافة الأدبية بالذات ، جعلته في قلب الحدث الثقافي . وهو يعتبر من أبرز الكتاب الفلسطينيين المتنورين الذين نادوا وعملوا على احترام الرأي والرأي الآخر، وإتاحة الفرصة للنقاش الحر والجدل بعيداً عن التعصب أو الانغلاق أو التحيز لجهة سياسية أو ثقافية معينة .

برحيل الكاتب والشاعر علي الخليلي تكون الحركة الثقافية الفلسطينية قد خسرت علماً من أعلامها ، فقد مثّل علي الخليلي حالة مميزة خلال العقود الماضية حيث ساهم وبغزارة بمجالات متعددة في الشعر والأدب والبحث الميداني ، وعُرف عنه المثابرة والعطاء المستمر كالنبع الذي لا ينضب . ففي مجال توثيقه للتراث الفلسطيني قام بجمع أغاني الأطفال ليثبت أن أغاني الأطفال في فلسطين هي جزء أساسي من التراث الشعبي . وقام باعداد بحث آخر عن أغاني العمل والعمال في فلسطين بهدف تتبع الجذور الفولكلورية الفلسطينية للعمال خلال أغانيهم . وفي كتاباته الفكرية ناقش موضوع الصراع الأزلي بين الثقافي والسياسي ، وناقش مستقبل الأدب الفلسطيني بكل أشكاله وأنماطه في القصيدة والرواية والقصة القصيرة .

وفي قصائده تناول الوطن بكل تكويناته المكانية ممثلة بالمدينة، القرية والمخيم . فمثلت المدينة في قصائده الحصن المنيع وعمق جذور الانسان الفلسطيني من خلال ابراز معالم المدينة المختلفة . أما القرية فمثلت في قصائده العمق التاريخي من خلال ابراز قيم الفلاح ، فالفلاح هو الذي يشكل الحماية للأرض ، وهنا يبرز التلاحم الروحي بين الانسان الفلسطيني وأرضه. أما المخيم فكان يمثل في قصائد الخليلي مأساة الشعب الفلسطيني الذي أُقتلع من جذوره . 
عالم الفرح لدى الخليلي في شعره يتمثل في شعاع من الأمل الذي كان ينبعث في نفس الشاعر ، واستطاع هذا الأمل رغم مأساوية الواقع الذي يحيط به ، أن يفرض نفسه بوصفه واقعا قائماً من حول الشاعر . من جهة أخرى هنالك عالم الرعب والفجيعة والموت الذي كان يصل أحياناً الى قمة عذاب النفس البشرية وشقائها ، إلا أن الشاعر علي الخليلي جعل عالم الفرح والذي يزخر بألفاظ الانبعاث والحياة يقف على قدميه أمام عالم الفجيعة .

مع رحيل الكاتب والشاعر علي الخليلي ، فقد المشهد الثقافي الفلسطيني أديباً بارزاً يمتلك طاقات كبيرة ، فقد استطاع من خلال عطائه الأدبي الغزير والنوعي أن يشكل تجربته الأدبية الغنية ، التي قُدّر لها أن تستمر وتقطع شوطاً وتطوراً واضحاً في الربع الأخير من القرن العشرين وما بعده .

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة