الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 17 / مايو 03:01

عن الأرض والانتماء/ بقلم: د.زياد محاميد

كل العرب
نُشر: 28/03/14 12:44,  حُتلن: 08:25

د. زياد محاميد في مقاله:

يوم الأرض ليس يوما عاديا وليس يوما للنزهات والراحة إنه يوم كفاحي بمضونه وتربوي بأهدافه الوطنية وحدوي بدروسه

"الإضراب " ليس مجرد كلمة أو شعار أو إعلان يصرخ به مسؤول أو قائد فهذا لا يكفي لنجاحه كتحرك سياسي سلمي يسعى لتحقيق هدف ما

لا أكذب أو ازاود او ازيف التاريخ إن قلت أن فكرة الإضراب وطرحها والسعي لتنفيذها وإنجاحها كان قرار بحث وأتخذ اولا في مكاتب المكتب السياسي للحزب الشيوعي 

نجاح يوم الارض هو نجاح للمنتمين لمصالح جماهيرهم ومصالح شعبهم للمنتمين لإرادة الحياة والكرامة الوطنية والنجاح ليس نجاح للمهندسين "الشيوعيين وحلفائهم" إنه نجاح للشعب عامة

"الأرض هي حيز الوجود والبقاء، وحيز التطور والحياة للجماهير الفلسطينية في البلاد. وليس فقط كومة تراب وصخور نحبها." فكان من الطبيعي أن ينسجم قرار إعلان الإضراب مع الحاجة لأداة نضالية قوية للدفاع عن قضية مقدسة مثل قضية الأرض.

القرار
"الشعب قرر الاضراب "، بهذه الكلمات أنهى القائد والشيوعي رئيس بلدية الناصرة الشاعر توفيق زياد الاجتماع الذي حسم واقر اعلان الاضراب في الثلاثين من آذار عام 1976 نداءا وتلبية للحاجة الموضوعية بالدفاع عن الاراضي التي صادرتها حكومات اسرائيل المتعاقبة في الجليل والمثلث.

"الإضراب " ليس مجرد كلمة أو شعار أو إعلان يصرخ به مسؤول أو قائد، فهذا لا يكفي لنجاحه كتحرك سياسي سلمي يسعى لتحقيق هدف ما، "الإضراب " مسؤولية تنظيمية وتعبوية وتنفيذية واقتصادية وإدارية ومالية على المعلنين عنه أن يكونوا على قدر من التنظيم لضمان نجاحه، فنجاح الإضراب له مدلولات وله نتائج وفي النهاية إضراب ناجح هو "أداة تضرب في بطن مؤسسة الدولة سياسيا واقتصاديا، فللإضراب تباعات اقتصادية بفعل عدم التداول المصرفي وعدم الانتاج وعدم التبادل المادي والتسويقي وهو حالة سياسية تقول للمؤسسة أن هناك قوى شعبية تعارض قراراتها فتلزمها بتغيير قواعد التعامل الظالم مع الجمهور المضرب.

إذا "الشعب العربي قرر الاضراب"..هو قرار سياسي مصدره وجذوره في القواعد الشعبية في القرى والمدن العربية، أما "المهندسين " للاضراب فهُم قيادة سياسية شعبية تعرف استعمال ادوات النضال بحكمه فكانوا الرؤساء وعلى رأسهم القائد توفيق زياد وزملائه الرؤساء وآخرون. ولا أكذب أو ازاود او ازيف التاريخ إن قلت، وأنا على علم بهذه الحقيقة، أن فكرة الإضراب وطرحها والسعي لتنفيذها وإنجاحها كأداة نضالية لتحقيق هدف منع مصادرة الارض العربية واستعادة قسم من الارض، أي تحريرها من المصادرة، كان قرار بحث واتخذ اولا في مكاتب المكتب السياسي للحزب الشيوعي في أحد شوارع تل ابيب الضيقة والذي وصل لقناعة تامة، بعد تحليل الظرف ودراسته أن معركة الارض والدفاع عن ما تبقى منها، بكون الأرض حيز الوجود وحيز التطور والحياة للجماهير الفلسطينية في اسرائيل وليس فقط كومة تراب وصخور، قناعة أن الاضراب هو الاداة او "السلاح " الأنجع لتحقيق الهدف، وأن ما من اداة اخرى تفيد التصدي لقرارات الحكومة بموضوع الارض الحارق مثل الاضراب، وفعلا جاء القرار واستطاع الشيوعيون اقناع القيادات وتم "تبنيه".

قدسية الارض
الأرض هي كما كتبت أعلاه هي حيز الوجود والحياة والتطور، بكلمات اخرى التنازل عن "الارض " يعني التنازل عن قيم الحياة والبقاء والتجذر والتطور، ولشعب مر أزمة النكبة واسقاطاتها السياسية والتاريخية والعسكرية والديموغرافية والاقتصادية والنفسية والمجتمعية وحتى الاسرية، وشعب بقى في ارضه رغم هول الكارثة، وبعد 30 عاما منها وتحدٍ جديد لجيل جديد، من ولد عام النكبة 1948 صار عمره 28 عاما في اذار 1976، فأمام هذا الجيل لم يبقَ للدفاع عن ارضه إلا ادوات كبيرة كالإضراب فكان من الطبيعي أن ينسجم قرار اعلان الإضراب مع الحاجة لأداة نضالية قويه للدفاع عن قضية مقدسة مثل قضية الأرض، هذا الانسجام بين الفكرة والحاجة وتتويجه بقدرة تنظيمية أفقية واسعة في القرى في اطار اللجان المحلية للدفاع عن الاراضي ، وعمق الارتباط والتواصل بين الكوادر الحزبية للحزب والناس كلها مجتمعة ضمنت نجاح الاضراب، وتحويله ليوم كفاحي فلسطيني بل وعالمي.

نجاح المهمة بالاضراب
إن الانتماء الفكري المتعدد للناس لم يمنعهم في إقامة الوحدة الكفاحية في موضوع الارض والدفاع عنها، فكانت لجان الدفاع عن الاراضي متشكلة من الشيوعيين وأصدقائهم ومن ممثلي حركات وهيئات وأحزب اخرى، وكان تنفيذ الإضراب وإنجاحه مهمة الجميع الذين افاقوا في الصباح ليتحدثوا الى العمال والفلاحين والطلاب ليبقوا في بيوتهم. كما شهدت الفترة السابقة للإضراب نشاط تعبوي وحالة تجهيزية عليا، فكان الانتماء للحالة السياسية التمردية على المصادرات لسلطوية سيد الموقف، فالانتماء للإضراب هو انتماء للأرض وهو انتماء للوجود والبقاء والتطور، وهو انتماء لمعسكر التصدي لسياسات ظالمة وقاسية بحق الجماهير العربية.

إن نجاح يوم الارض هو نجاح للمنتمين لمصالح جماهيرهم ومصالح شعبهم، للمنتمين لإرادة الحياة والكرامة الوطنية والنجاح ليس نجاح للمهندسين "الشيوعيين وحلفائهم" إنه نجاح للشعب عامة. من هنا أوصي بتعميق ثقافة الانتماء للأرض والجماهير ، ثقافة الانتماء الوطني الكريم، ثقافة التصدي والتحالف لتحقيق الاهداف، هذه الثقافة التي يحتاجها شبابنا الان ليستطيع مواصلة ردع السلطة الغاشمة على المس بحقوقه اليومية والقومية.

نوستالغيا ودروس
"يوم الأرض" ليس يوما عاديا وليس يوما للنزهات والراحة، إنه يوم كفاحي بمضونه وتربوي بأهدافه الوطنية وحدوي بدروسه، والاهم أنه يوم له قدسيته الانسانية في رفع الارتباط بين الارض والإنسان والكرامة والوجود والبقاء الى قيم عليا يجب أن لا تغيب عن أي حركة أو حزب أو مؤسسة عائلة عربية في بلادنا، في وطننا، الذي لا وطن لنا سواه. هذه بعض من الدروس المهمة التي يجب أن لا تغيب عن بالنا، وعلينا نقلها للأجيال، كتبت عن جزء منها التزاما بالرسالة التي احملها في ضميري.

30 آذار -يوم الارض إنه يوم مقدس، نعم، له في وجداني نوستالغيا وله في عقلي دروس. ولأني كنت مشاركا عام 1976 في صناعة يوم الأرض كطالب ثانوي، وعضو شبيبة شيوعية وعضو لجنه الطلاب الثانويين ،وأذكر تفاصيل المظاهرة والأحداث في ذلك اليوم المجيد، ولأني اريد الرخاء والكرامة لبلدي وشعبي، سأشارك في فعاليات يوم الارض بعد 38 عاما على الاضراب الشهير استذكر الشهداء داعيا لهم بالرحمة، فإني أدعو الجميع للمشاركة في في نشاطات الذكرى الـ 38 ليوم الارض الخالد في قراهم ومدنهم او في الفعاليات المركزية في الجليل والنقب.

27.03.2014
* د. زياد محاميد - سكرتير جبهة أم الفحم

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة