الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 18 / أبريل 22:01

صوت عقارب الساعة القديمة /بقلم:سوزان سواعد

كل العرب
نُشر: 09/04/14 13:22,  حُتلن: 16:29

كانت الساعة الخامسة والنصف صباحا ، البيت هادئ لا صوت فيه ولا حركه الا صوت عقارب تلك الساعة القديمة ، كان الفجر قد بزغ والشمس قد اخذت تختال وتتبختر في كبد السماء لتعلن عن ولادة يوم جديد وُلد من ليل مظلم وداج ..

كانت لا تزال مستيقظة تنتظر عودته وما هي الا دقائق حتى دخل الى البيت وذهب مسرعا الى الحمام ليستحم،لا بد انه يريد غسل الخطايا التي التصقت به او انه يريد ان يستريح قليلا من عناء الفكر او لربما قد قبلته احداهن ولا يريدها ان تراه ،،،

هو ذالك الشاب الوطني المناضل المنادي بالحرية والسلام ،شاب وسيم اسمر البشره،طويل،ذو عضلات مفتولة،وعيونه فيها سحر غريب ،،

اما هي ، هي تلك الرقيقة الجميلة ضحكتها عالم اخر،قصيرة القامة، نحيفة بعض الشيء وشعرها سبائك ذهب نُسجت من اشعة حزيران،،كانت على عكسه تماما لا تؤمن بوجود شعب محروم من ارضه ،وتكره كل اعماله الوطنية غالبا من كانت تمنعه من ان يشارك بالمظاهرات وتحاول اقناعه بان الحياة مستمرة وانها لا تستطيع ان تعيش حياتها متمسكة بحلم مستحيل ان يتحقق فالاراضي التي سُلبت والوطن الذي هُجر لن يعود ابدا، وانها تعيش في هذه الدولة وتريد ان تخدمها.

ورغم كل ذالك الاختلاف الذي كان بينهما الا انهما احبا بعض الى درجة الجنون وعرفت كل كلية التمريض بحبهما وولائهما لبعض .
هو الذي كان بنظرة واحدة منه يخلع عنها عقلها ويلبسها شفتيه كان على يقين بانها سوف تغيير رأيها وسوف يكونان زوجين رائعين .
كانت جالسة في سريرها تنتظر خروجه من الحمام وكانت تسأل نفسها دوما "كيف وصلنا الى هذه الحالة ؟ ما الذي حصل بنا؟ايعقل ان ينتهي حبنا وزواجنا بسبب اختلاف بالرأي؟ ايعقل ان يبرد العشق الذي بقلوبنا ؟
هو الذي دخل الى حياتي المظلمة ادخل النور الى دهاليز نفسي ايقظ رغباتي واليوم يريد الرحيل !!
هو كذلك الشيء يدعي القوة ويكابر ولكنه من الداخل مكسور كُليا ،هو منهار ..تفكيره متعب ،،حب حياته ونور عينيه يراها تغرق في مستنقع وسخ تأبى ان تصدقه ،تأبى ان تعترف بانه على حق ، تريد ان تخدم شعبا اغتصب وطن اجدادها ،،،

لا لا ليست هي التي كانت بصوت خلخال قدميها تُسبب فوضى في عقله وارتباك غير طبيعي ،،،
خرج من الحمام جلس مقابلها على السرير واراد ان يتكلم حتى الكلام عجز عن الظهور في حضره هذا الموقف الحرج ،، كأن شيء غريب انتابها لا تريد ان تراه غير قادرة على النظر في عينيه ،،

الهذا الحد وصلوا الى طريق مسدود ، مظلم ولا رجعه فيه ؟ جسور الاحترام والتفاهم انهارت نتيجة زلزال قوي هز معالم حبهم ،..

قامت من فراشها اوضبت كل اغراضها لملمت ذكرياتها وامانيها المحطمة وارادت الرحيل ،، وصوته من الغرفة المقابلة ينادي ،،،"انتظري"
اقترب اليها كانت شفتاه تعبرانها ببط وعلى مسافة مدروسة للاثارة ، وتمر بمحاذاة شفتيها دون تقبيلهما...شد على معصم يدها وقال لها:
"من خان الوطن لن يجد ترابا يحن عليه يوم مماته وسيشعر بالبرد حتى وهو ميت" ..
في هذه اللحظة احست بانها تتمزق اربا ، احست ان عاصفة قوية دمرتها كليا في الداخل ..هناك حيث صميم القلب ،احست وكأن المرض خطى اول خطواته الى جسدها وان خلايا الدم البيضاء تلك فشلت في الدفاع عنه .
احست بانها ضائعة، هوية مجهولة ، قضية معقدة ،وطنية، واعلام ..مظاهرات وشعبين يتنازعان على قطعة ارض وتساءلت:، أانا فعلا بلا دم؟ أانا افعل الصواب ولا يجب ان اعيش في حلم وان اوهم نفسي بشيء مستحيل ان يحصل؟ ام انني تعرضت لغسيل دماغ أنساني من انا ومن اكون؟
تركته ومشيت في شوارع عكا القديمة لعلها تلقى جوابا هناك ..

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net


مقالات متعلقة