الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 20:01

مقابلات العمل وورشات التصنيف والتقييم/ بقلم: فادي عمر

كل العرب
نُشر: 20/04/14 11:04,  حُتلن: 11:06

فادي عمر في مقاله:

معظم ورشات التقييم تتكون من ثلاث مراحل: 1- تعريف شخصي. 2- العمل داخل مجموعة 3- محاكاة الواقع

تبحث الشركات التي تعمل في القطاع الجماهيري عن موظفين يولون العمل الجماعي أهمية أكبر من العمل الفردي أو المستق

في نفس الوقت يتمتعون بمبادرات شخصية وباستقلالية معينة تمكنهم من أن يكونوا فاعلين وأن يضيفوا فاعلية ونجاعة للشركة


تعد مقابلات العمل وورشات التصنيف إحدى المحطات الرئيسية في حياة كثيرين ، خاصة الذين يتقدمون للعمل في شركات أو مؤسسات كبيرة. وحتى في بعض المواضيع الدراسية كالطب مثلا يعد هذا الأمر مركزيا في قرار القبول. وكباحث اجتماعي مختص في مجال الشركات والمؤسسات أسلّط الضوء على مدى أهمية هذه الورشات، ولماذا تركز الشركات عليها ،مع توضيح النقاط التي يركز عليها الأخصائيون الاجتماعيون والنفسيون والصفات التي يبحثون عنها. لماذا هذه الورشات ؟

إن العمل في شركات كبيرة ،كشركات الاتصالات والهاي- تك وفي مؤسسات كبيرة كالمستشفيات أو مؤسسات خدماتية، هو أمر مركّب من حيث منظومة العلاقات بين الموظف والشركة، ولذا يتحتّم على الموظفين والعاملين التمتع بصفات وميزات تمكنهم من التعايش مع هذا الواقع المركب، وفي التالي فإن فحص هذا الأمر لدى المتقدمين للعمل (أو المتقدمين للدراسة؛ كالطب مثلا) يحتاج إلى تعمق ما ،لأن هذه الصفات تتعلق بالسلوك والعقلية، ولا يمكن التأكد من وجودها إلا عن طريق ورشات تحتوي على مهام عملية لكشف هذه الصفات. فيما يلي سنوضح الأهداف الأساسية لكل مرحلة في ورشة التصنيف أو التقييم.
المراحل والأهداف

معظم ورشات التقييم تتكون من ثلاث مراحل: 1- تعريف شخصي. 2- العمل داخل مجموعة. 3- محاكاة الواقع.
كثير من الورشات يتخللها أيضا امتحانات محوسبة ومهمات إضافية، ولكن بما أن أغلب الورشات بشكل عام تركز على المراحل الثلاث سنركز عليها ،خاصة وأن الامتحانات المحوسبة هدفها واضح وليست في حاجة إلى تفصيل.
تعريف شخصي: هي مرحلة أولية هدفها تشخيص أولي وسطحي. في هذه المرحلة يطلب من المتقدمين التعريف بأنفسهم وبالخلفية الشخصية. بالنسبة للأخصائيين تعد هذه المرحلة فرصة لمعرفة أمرين: السيرة الذاتية ومدى التوافق بين السيرة الذاتية والملامح الشخصية للمتقدم، وبين طبيعة العمل في المؤسسة أو الشركة. أما الأول فبعد إعطاء المتقدم الفرصة للتعريف بنفسه تفحص السيرة الذاتية وتوجه أسئلة للمتقدم بهدف توضيح نقاط غير واضحة في السيرة الذاتية، والتركيز على الأعمال التي عمل فيها المتقدم حتى الآن وكيف ينظر إليها. وأما الثاني فهدفه تكوين صورة أولية عن ملامح الشخصية وعقلية المتقدم من خلال المتقدم نفسه .فالكلام الذي يدلي به الشخص من حيث المضمون والطريقة وتقديره لنفسه وللآخرين في إطار الشركة التي يتقدم إليها وعن العمل في الشركة، يشكّل معطًى يؤخذ بالحسبان من قبل الأخصائيين عند تقييم المتقدم. وبالرغم من أن هذه المرحلة تعد مرحلة أولية في ورشة التصنيف إلا أن التشخيص يبدأ منها، وهنا يجب الحذر. فلو فرضنا أن الأخصائيين يبحثون عن مبادرين ومستقلّين، وفي نفس الوقت يتمتعون بالولاء والانتماء للشركة (وهو ما تشدد عليه شركات الهاي- تك عادة)،يبدأ هؤلاء الأخصائيون فحص هذه الصفات من المرحلة الأولى.

العمل داخل المجموعة: يقسم المتقدمون إلى مجموعات ،وتعطى مهمة لكل مجموعة ،مثل تركيب مجسم معين ،أو نقاش حول قضية معينة. ويعتقد كثيرون أن الأخصائيين يراقبون الشخص الأكثر بروزا في المجموعة ،أو الشخص الذي يقود المجموعة، وهذا ليس صحيحا بالضرورة. فما يراقبه الأخصائيون في هذه المرحلة هو كيف يتعاطى الشخص مع زملائه في المجموعة. وقد ذكر الباحث يالوم (سنة 2006) أحد الأمور الأساسية في عمل المجموعات؛ وهو التقارب بين أعضاء المجموعة وتفهّم كل واحد منهم الآخر وتأثير بعضهم على بعض. وهذا أحد الأمور الأساسية التي يركز عليها الأخصائيون في هذه المرحلة ،فهم ينتظرون من المتقدم أن يحقق نوعا من التقارب بحيث يساهم بآرائه الشخصية في عمل المجموعة ،وفي نفس الوقت يتفهم آراء زملائه، يؤثر على زملائه وفي نفس الوقت يتأثر منهم. وفي بعض الوظائف والمناصب كالإدارة والقيادة وغيرها قد ينتظرون من المتقدم في الورشة الحزم ومحاولة إقناع الآخرين، ولكن في نفس الوقت يفحصون الشعور بالآخرين وتفهم آرائهم ووجهات نظرهم، إذ أنه لا يمكنك أن تكون مديرا أو قائدا ناجحا دون تذويب الآراء المختلفة ضمن منظومة موحدة.

محاكاة الواقع: وهو تمثيل لحالة معينة يطلب من خلالها الأخصائيون من المتقدم أن يتقمص دورا معينا. والهدف هنا هو التعلم بشكل أعمق من المراحل السابقة عن شخصيات المتقدمين من حيث السلوك والعقلية، وأيضا من حيث المهارات. فكما يؤكد الباحثون الاجتماعيون مرارا فإن أفضل طريقة للتعلّم هي المعايشة (بويجس1983). هذه المرحلة عند قسم من الأخصائيين تعتبر المرحلة الأنسب لفحص مدى ملاءمة المتقدم ونمط سلوكه لثقافة وطريقة العمل في الشركة. فمن خلال الحالة المفترضة أو التمثيلية يعرّض الأخصائيون المتقدم مباشرة لقضايا تتعلق بقيم مركزية مهمة في الشركة، ويراقبون سلوكه، ويستنبطون مفهومه للعلاقات مع العناصر المركزية في العمل ؛كالإدارة والزملاء والزبائن وغيرهم. كما يفحصون قدرة المتقدم تقنيا والمهارات والحلول التي يمتلكها. إذا يجب أن يدرك المتقدم أن كل شركة أو مؤسسة تبحث عن صفات أو طبائع محددة .فمثلا شركات الهاي- تك تبحث عن موظفين يجيدون العمل بشكل مستقل وبمبادرات شخصية وفي مقدورهم تحريك وإدارة الأمور بشكل فردي، وفي نفس الوقت يتمتعون بانتماء للشركة ولزملائهم (كوندا 2000). من جهة أخرى تبحث الشركات التي تعمل في القطاع الجماهيري عن موظفين يولون العمل الجماعي أهمية أكبر من العمل الفردي أو المستقل، ولكن في نفس الوقت يتمتعون بمبادرات شخصية وباستقلالية معينة تمكنهم من أن يكونوا فاعلين، وأن يضيفوا فاعلية ونجاعة للشركة (فيغودا-غادوت 2007). ومن خلال محاكاة الواقع والمرحلتين السابقتين يفحص الأخصائيون موقع المتقدمين منها ، وهل يتمتعون بميزات شخصية ومفاهيم يمكنها أن تستوعب طبيعة العمل في الشركة أم لا؟ يضاف إلى هذا فحص المهارات والتقنيات الموجودة لدى المتقدمين للوظيفة، وهو الأمر الذي لم أتحدث عنه هنا لأنه بدهي وواضح.

*فادي عمر: باحث في العلوم الاجتماعية-الإدارية مركز الدراسات المعاصرة

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة