الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 10 / مايو 14:02

الثقافة الجنسية في المجتمع العربي/ بقلم: العاملة الإجتماعية هنادي وليد شاعر

كل العرب
نُشر: 04/05/14 10:28,  حُتلن: 14:27

هنادي وليد شاعر في مقالها:

يظن البعض بأن التطرق الى الثقافة الجنسية يشجع على ممارسة الجنس وكأن هذه الثقافة ترتكز على الجنس فقط

كلمة "عيب" ولدت الكبت لدى الكثير مما جعلتهم يطرقون ابواب اخرى مختلفة ومنها غير الأخلاقية للحصول على اجوبة لأسئلتهم

مدارسنا في المجتمع العربي خالية من محاضرات التوعية في الثقافة الجنسية فلو كان هنالك أي اساليب وطرق توعية لما تعرض البعض الى مواقف قبيحة

بالرغم من التطور التكنولوجي وتوفر الكثير من الوسائل الإلكترونية الحديثة، يبقى موضوع الثقافة الجنسية من أكثر المواضيع الحساسة التي يصعب التطرق اليها. "حرام، عيب، ممنوع ، بكرا بتكبر وبتفهم ". هي أول اجوبة نتلقاها عند سؤالنا لموضوع في اطار الثقافة الجنسية.

في المجتمع العربي يكبر كلا الجنسين، الذكر والانثى على كلمة "عيب"، ويعتبر النقاش في كل ما يخص الثقافة الجنسية هو غير أخلاقي. رجال، نساء، شباب وفتيات يخجلون التحدث او حتى التطرق لهذا الموضوع كما ويخجلون من أجسادهم، فكلمة "عيب" ولدت الكبت لدى الكثير، مما جعلتهم يطرقون ابواب اخرى مختلفة ومنها غير الأخلاقية للحصول على اجوبة لأسئلتهم في موضوع يدعي البعض أنه محرج، حساس ولا يستحق الطرح.

تعددت الاسباب بعدم طرح هذا الموضوع، فالبعض يعتقد بأن الثقافة الجنسية لا تتفق مع الدين، العادات والتقاليد وتعتبر نوع من الانحلال. كما ويظن البعض بأن التطرق الى الثقافة الجنسية يشجع على ممارسة الجنس والعادة السرية وكأن هذه الثقافة ترتكز على الجنس فقط.

يخجل الأهالي من طرح هذا الموضوع امام ابنائهم وبناتهم، بالإضافة على حرصهم لعدم تلقي أي معلومات حول هذا الموضوع من عوامل خارجية. نتيجة لذلك، يتوجه الكثير من الفضوليين الى المواقع الجنسية والافلام الاباحية بشكل خطير عبر الشبكة العنكبوتية، مما يؤدي الى انحرافات خطيرة وانتشار ظواهر سلبية مثل: الاغتصاب، العنف، التحرش الجنسي والطلاق.

كما وأن تجاهل هذا الموضوع قد وضع اغلب الفتيات في مواقف حرجة، تائه وباحثة عن هويتها الجنسية. عند وصول الفتاة لجيل البلوغ، تبدأ التغيرات الفسيولوجية بالظهور على جسدها، فتشعر الفتاة بالخوف والدهشة من أي ظاهرة جديدة تواجهها. اذكر بسن الـ13 شعرت بأوجاع اسفل الظهر، فاضطررت للجوء الى عدة مراكز طبية للاستفسار عن هذه الاوجاع، وبعد شهرين تلقيت الدروة الشهرية، وحينها ادركت بانها علامات طبيعية في سن البلوغ وليس من الضرورة اللجوء الى أي فحوصات طبية. اضافة على ذلك، اذكر في مجال عملي كعاملة اجتماعية قابلت فتاة في سن الـ18، تعرضت الى تحرش جنسي وهي في سن الخامسة من قبل ابن عمتها، شاب في سن العشرين، وهي لم تدرك حين ذاك ما الذي تعرضت له من بشاعة.

لا تقتصر المسؤولية فقط على الاهل، بل ايضا على المؤسسات التعليمية كالمدارس وغيرها، فمدارسنا في المجتمع العربي خالية من محاضرات التوعية في الثقافة الجنسية، فلو كان هنالك أي اساليب وطرق توعية، لما تعرض البعض الى مواقف قبيحة.

بعد حصارنا في كلمة "عيب"، يبقى السؤال الذي يراود الجميع ما هي الثقافة الجنسية؟!!
الثقافة الجنسية لا تعني تعليم الجنس، انما توجيه كلا الجنسين من منظور اخلاقي وديني نحو المسائل الجنسية والتغيرات الجسمية المفاجئة. آداب الاستئذان، آداب النظر، آداب العلاقة الجنسية والبعد على كل ما يثير الشهوة الجنسية يرتكز في هذه الثقافة.

الثقافة الجنسية لا تتمحور فقط على البالغين او المراهقين، انما هنالك ايضا ثقافة جنسية يجب طرحها للأطفال والتي تبدأ من خلال عملية التعارف على اجسامهم واعضائهم التناسلية من خلال نشاطات يومية كتغيير الحفاظات مثلا، وبان جسد الطفل هو ملكه ولا يسمح لأي احد ان يقوم بلمس اعضائه سوى امه واباه والطبيب، فمن يقوم باختراق هذه القوانين يجب على الطفل ان يخبر امه حالا، ومن هنا يبدأ التواصل، الثقة والحوار بين الام وطفلها. تولد اسئلة فضولية لدى الاطفال وخاصة في سن الرابعة، اسئلة تتعلق بجسدهم واختلافه عن اجساد الاخرين. فحين تكون هنالك ثقافة، توعية وادراك كافي لدى الاهل يكون من السهل الاجابة على اسئلة اطفالهم بما يلائم سنهم .

"لا حياء في العلم" وللثقافة الجنسية مكانة في ديننا الاسلامي. لقد تطرق الاسلام لمواضيع تتعلق بالثقافة الجنسية بشتى انواعها مثل: الحيض، الجماع، الزواج والبلوغ الجنسي. فقد أُستشير الرسول عليه الصلاة والسلام والخلفاء الراشدين بعدة امور تخص هذه المسائل كاستشارة الجهات المعنية في الاسئلة الجنسية مثلما استشار عمر بن الخطاب ابنته حفصة زوجة الرسول في مسألة صبر الزوجة في حال غياب زوجها من ناحية الرغبة الجنسية، وعلى خلفية هذه الاستشارة اتخذ سيدنا عمر قرارا بعودة الجيش والمقاتلين الى بيوتهم كل اربع اشهر كحد اعلى. كما وكانت نساء المسلمين تستشير الرسول بأمور الحيض وكيفية التصرف خلال هذه الفترة بما يتعلق بالصلاة والصوم، وفي حال ارادت المرأة التعمق في الاسئلة، فكان الرسول يوجهها الى السيدة عائشة رضي الله عنها.

فمن خلال الدين، محاضرات توعية وحلقات نقاش منفصلة بين كلا الجنسين، الذكر والانثى التي تقام في البيوت، المدارس والجمعيات يتم مساعدة هذا الجيل على اتخاذ قرارات صائبة مبنية على المعرفة المسبقة، وعدم التعرض الى مواقف خطرة تولد لهم الخوف والكتمان. وفي النهاية اقول لكم بأن حاجز الصمت لا بد أن ينكسر!!.


الكاتبة هي عاملة اجتماعية من بلدة يافة الناصرة

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة