الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 20 / مايو 01:02

السلام المفقود/ بقلم: عفيف شليوط

كل العرب
نُشر: 12/07/14 10:34,  حُتلن: 07:54

عفيف شليوط في مقاله:

هل يُعقل هذا الجنون هل يمكن أن يستمر الرؤساء وأصحاب القرار بغطرستهم المبنية على وهم ألا يدركون أنه هنالك شيء اسمه "السلام" 

هل يُعقل ما يجري من حولنا، هل يُعقل أن يستمر هذا السيناريو الذي اعتدنا أن نسمعه "ندخل الى غزّة برّاً أم نكتفي بضربهم من الجوّ " و"قمنا بالانتقام منهم، لقنّاهم درساً قاسياً"

عندما يتحدث مسؤول عن الانتقام هو يخدع أبناء شعبه أولاً الانتقام ليس حلاً بل يرضي عقولاً مريضة لبرهة من الزمن لم يطرح أحدهم حلاً للأزمة

من المقلق بالفعل ما تتوارده وسائل الاعلام الاسرائيلية بأنه لن يكون هنالك بد من إدخال قوات بريّة الى غزّة بعد أن ينهي سلاح الطيران الاسرائيلي مهمته 

ما أن نخرج من حربٍ حتى يكون التحضير قد بدأ للحرب التي تليها في هذه المنطقة المجنونة، المتعطشة للدماء دائماً، قتل، تفجيرات، ضحايا، أشلاء، أمهات تبكي، أطفال فقدوا طفولتهم ومارسوا لعبة الحرب والقتال منذ نعومة أظفارهم. هل يُعقل هذا الجنون، هل يمكن أن يستمر الرؤساء وأصحاب القرار بغطرستهم المبنية على وهم، ألا يدركون أنه هنالك شيء اسمه "السلام" ، وهذا قائم في الكثير من المناطق في بقاع الأرض كلّها، وهذا الشيء الذي يسموه سلاماً أثبت نجاعته في بلاد أخرى، فلما لا نُجرّبه ، فربما ينجح عندنا أيضاً.

نعم، إن ما أكتبه اليوم ليس مجرّد كوابيس وكلمات أو أضغاث أحلام، إن ما أكتبه اليوم ليس مجرّد كلام عابر، أنما أردت أن أصرخ ، أن أفكّر بصوت مرتفع، هل يُعقل ما يجري من حولنا، هل يُعقل أن يستمر هذا السيناريو الذي اعتدنا أن نسمعه ، "ندخل الى غزّة برّاً أم نكتفي بضربهم من الجوّ "، " قمنا بالانتقام منهم ، لقنّاهم درساً قاسياً"، العسكريون يتحدثون عبر وسائل الاعلام عن الاستعدادات للحرب وكيفية خوضها وكأنهم يتحدثون عن لعبة أتاري يمارسوها في أوقات فراغهم، يتحدثون عن الترسانة الحربية بفخر واعتزاز، وعن منظومة القبة الحديدية ونجاعة تصديها للصواريخ التي تُطلق من غزّة، عن الميزانيات لشراء الأسلحة المتطورة والحديثة، لا يتحدثون لا هم ولا غيرهم من المتحدثين عن ويلات الحروب، عن الضحايا، الأشلاء، الأطفال، البيوت التي ممكن أن تهدم. هل فُقدت المشاعر، هل أصبحنا عبيداً للآلة الحربية، ألا يستطيع هؤلاء التفكير من امكانية الخروج من هذه الدوامة، هل فقدوا الأمل بالسلام ؟

عندما يتحدث مسؤول عن الانتقام، هو يخدع أبناء شعبه أولاً ، الانتقام ليس حلاً بل يرضي عقولاً مريضة لبرهة من الزمن، لم يطرح أحدهم حلاً للأزمة، لم يذكر المَخرج من هذا الوضع. من يطرح فكرة اجتياح غزّة من جديد وبعضهم يطالب بإعادة احتلالها ، عندما سئلوا وماذا بعد ، لم يجيبوا وقالوا ببساطة "لا يوجد من نمنحه المفاتيح". هم يعطون ويأخذون، يوزعون المفاتيح على من يشاؤون ويمنعوها عن من يشاؤون، إنها العربدة الدولية بحد ذاتها، ولكنها بلا أفق ، بلا حلول جذرية ، فإلى أين يتجهون ؟

من المقلق بالفعل ما تتوارده وسائل الاعلام الاسرائيلية، بأنه لن يكون هنالك بد من إدخال قوات بريّة الى غزّة بعد أن ينهي سلاح الطيران الاسرائيلي مهمته ، فهذا ما كتبته أليكس فيشمان يوم أمس ، الخميس، في صحيفة "يديعوت أحرونوت" . بينما أشارت صحيفة "معاريف" في عددها الصادر يوم أمس ، الخميس، بأن حملة اسرائيل على غزّة سوف تستمر لمدة أسبوع على الأقل ، ولم تنفِ الصحيفة امكانية إتساع الحملة العسكرية التي ، على حد تعبيرها، من الممكن أن تتوسع في الأيام القريبة القادمة ، وأكدت أن احتمال دخول قوات برية الى داخل غزّة لا تزال على الطاولة ، ولكنها لم تحدد حجم الدخول ، ولكنها أكدت بأن كل الاحتمالات واردة.

حسب التوقعات أن غالبية الاحتمالات ترجح توسيع العملية العسكرية، خاصة أن وزراء اليمين يواصلون الضغوطات على رئيس الحكومة نتانياهو بتصعيد الهجمات على غزّة، وعلى ما يبدو صوت اليسار الاسرائيلي ومطالبتهم بعدم توسيع العملية العسكرية ، لن تصل الى أصحاب القرار ، وستبقى صرخة هزيلة في الواد.
وهذا لا يفاجئني، خاصة في ظل تزايد الانفلات العنصري تجاه العرب في البلاد، وحتى تزايد الكراهية من قبل الاسرائيليين لكل من لا يغرّد داخل السرب، وأستذكر الآن وأنا أكتب هذا المقال تلك الكاتبة الإسبانية من أصل يهودي التي التقيتها في لندن في إحدى اللقاءات الأدبية، عندما حدثتني عن والدها ،العضو في مجلس الحركة الصهيونية في اسبانيا، كيف أنه في أحد المؤتمرات عندما قال بأنه يجب السماح للفلسطينيين بإقامة دولتهم المستقلة، ودون ذلك لن يتحقق السلام، كيف بعدها لم يُدعَ والدها على الإطلاق لأيّ مؤتمر أو اجتماع. الوضع هو هو، التطرف اليميني هو هو ، بل على العكس ، الوضع يزداد سوءً ولا يوجد أيّة بارقة أمل في الأفق.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة