الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 18 / أبريل 22:01

الّنظام التّكنولوجي والنّظام المدرسي/ بقلم: المربي ابراهيم طه

كل العرب
نُشر: 24/07/14 08:26,  حُتلن: 08:33

المربي ابراهيم طه في مقاله:

لكل نظام اطار عمل معيّن وما يميّز هذه الاطر هو التّعاون بين جميع افراد المجموعة الاجتهاد وقيام كل فرد بدوره بإخلاص

بنظرة تقييم عامّة لعمل الانظمة التكنولوجيّة الملموسة نجد انّ هذه الانظمة زادت من قدرات الانسان في مجالات حياتيّة عديدة اثمرت وحقّقت الكثير من الانجازات عملت بدون كلل

عرّف النّظام بأنّه عبارة عن مجموعة من العناصر، الأجزاء والمركّبات المرتبطة أو المتفاعلة والّتي تعمل بصورة مشتركة من أجل تحقيق أهداف محدّدة وغايات مشتركة، وان وجد النّظام وجد في بيئة حياتيّة نتيجة محفّزات ربما تكون هذه المحفّزات نابعة من صعوبات، طموحات وحاجات مختلفة اقتضت الى ايجاد وتطوير انظمة تسد حاجات مختلفة، وتعّزز قدرات بشريّة، وعالمنا اليوم يتّسع الى الكثير من التّحديّات والتّطورات في هذا المجال.

من الممكن ان يكون الّنظام عبارة عن نظام صغير، ومن الممكن ان يكون نظاما كبيرا مركبا شاملا يتكوّن من مجموعة انظمة صغيرة تدعى انظمة فرعيّة، على سيبل المثال: نظام الكون الطّبيعي الّذي يحتوي على مجموعة انظمة فرعيّة تدعى المجرّات الكواكب و الكرة الأرضيّة أو النظام التكنولوجي، والّذي قد يحتوي في داخله على العديد من الانظمة الثّانويّة الصّغيرة مثال ذلك : ذاكرة الكترونيّة؛ مجسّات؛ وحدات معالجة؛ وحدات مراقبة وغيرها.

بنظرة أخرى وعبر الكثير من السّنوات خلال تاريخ البشريّة نجد انّه مع تطوّر الحياة، عمّل الانسان على تطوير وانتاج العديد من الانظمة الملموسة والانظمة غير الملموسة، فالأنظمة الملموسة هي الانظمة التكنولوجيّة المتطوّرة وغير المتطوّرة، القديمة والحديثة الّتي نستطيع أن نلمسها باليد، صمّمت وصنعت على يديّ الانسان مكوّنة من مواد وعناصر مختلفة بتصميم معيّن، جميعها تساهم في عمل النّظام من أجل تحقيق اهداف اساسيّة منشودة وهي سد حاجات انسانيّة ضروريّة وغير ضروريّة والأمثلة على ذلك ايضا كثيرة في العديد من المجالات : الاتّصال، النقل، الطّب، الزّراعة، الصّناعة وحتى البيئية.
اما النّوع الاخر من الانظمة فهي الانظمة غير الملموسة، والتي تتواجد في مجالات عمل المؤسّسات المختلفة مثل الاقتصاديّة، الاجتماعيّة، التربويّة، المدرسيّة والدراسيّة والّتي يمكن تصوّرها منطقيا أو نظريّا مكونه من عناصر، مركّبات ولكل جزء منها وظيفة معيّنة، جميع الاجزاء المكوّنة للنّظام تساهم وتقوم بدور معيّن في عمل النّظام وذلك من أجل تحقيق الاهداف المتوقّعة من العمل الاجمالي للنّظام، كما هو الامر في الانظمة الملموسة .

يمكن وصف كل نظام من هذه الانظمة ملموس أو غير ملموس بواسطة نموذج مخطّط مستطيلات، او مخطّط جريان يبيّن ثلاث مميّزات مشتركة وهي ما يلي :
• الادخالات : عبارة عن موارد تقتصر على ثلاثة أنواع مواد؛ طاقة؛ ومعلومات. هذه الموارد يجب تزويدها وتوفيرها للنّظام للاستمرار بتأدية عمله .
• العمليّات /العمليّة : الّتي تتم في النّظام هي عبارة عن نشاط النّظام أي الّتفاعل بين العناصر ومركّبات النّظام سويّة تتم على الادخالات الّتي يتم تزويدها للنّظام وذلك من أجل الحصول على اخراجات . يمكن تصنيف هذه النّشاطات الى ثلاث وهي :معالجة معلومات، معالجة مواد، و تحوّلات طاقة.
• الإخراجات : وهي عبارة عن عوائد النّظام، أي ما ينتج عن النّظام قد تكون مخرجات مرغوب بها وهي التي تسد الحاجات وتحقّق الاهداف المنشودة وقد تكون أخراجات غير مرغوب بها، وهي الّتي لا تحقّق الاهداف المنشودة بل قد تضر بالبيئة والكائنات الحيّة.
بنظرة تقييم عامّة لعمل الانظمة التكنولوجيّة الملموسة، نجد انّ هذه الانظمة زادت من قدرات الانسان في مجالات حياتيّة عديدة اثمرت وحقّقت الكثير من الانجازات عملت بدون كلل، بل اصبحت جزء من حياتنا متربّصة في بيوتنا ومؤسّساتنا التنظيميّة ومن الصّعب الاستغناء عنها.

لو نظرنا بنظرة شموليّة على المدرسة كنظام لوجدنا انه هنالك اوجه شبه كثيرة، ومن الممكن اعتبار المدرسة كمؤسّسة تربويّة تعليميّة نظاما فرعيا وجزء من نظام مركب شامل وهو نظام وزارة المعارف، الذي يشمل على ألوية، مؤسّسات فرعيّة يعمل بها كوادر عاملين وتحت اشرافهم تتواجد المؤسّسات التربويّة التّعليميّة المختلفة منها المدارس والمراكز الثقافيّة المختلفة.
عمل نظام الوزارة هو كبير وشامل له اهداف عامّة تحدّد وتفحص في كلّ عام دراسيّ، وكما ذكرنا لا يقتصر فقط عملها كنظام كبير على نشاط العاملين على المشروع في الوزارة بل يشمل ايضا على عمل المؤسّسات والانظمة الّتي تخضع تحت صلاحياتها مثل المدرسة كنظام ثقافي تربوي تعليمي فرعي. للمدرسة اهداف، عامّة وخاصّة تشتق من الاهداف العامّة والغايات المنشودة من النّظام الكبير الّتي حدّدت مسبقا ضمن رؤية مستقبليّة ترسل كتوصيات للمؤسّسات والمدارس مع اقتراب نهاية العام الدّراسي في مرحلة التجهيزات الاوليّة للعام الدّراسي الجديد.

اذا المدرسة هي نظام فرعي، جزء من نظام الوزارة وبنظرة اخرى هي ايضا نظام مركّب يتكون من : عناصر؛ مركبات؛ وأنظمة فرعيّة مختلفة مكوّنه من : طلاب؛ معلمون؛ وعاملون في المدرسة، لكل عنصر نشاط يجب ان يقوم به، وعلى جميع العناصر والانظمة الثانويّة ان تقوم بدورها كما يجب، وذلك من اجل تحقيق الاهداف الخاصّة لكل نظام فرعي؛ والأهداف العامّة المنشودة من المدرسة التي تعتبر ركيزة من ركائز نظام وزارة المعارف الشّامل .

يمكن الادّعاء بأنّ الانظمة الفرعيّة في المدرسة هي اطار عمل المربين والمركّزين وهي تسري في المجالات التّالية : المواضيع الاساسيّة؛ ألطّبقات ؛التّقييم؛ التّربية ألاجتماعيّة؛ ألرّحلات ؛الأمن ؛ألحذر؛ الاستشارة. لكل نظام من هذه الانظمة الفرعيّة مجموعة مركّبات، اجزاء وعناصر . ولكل نظام اطار عمل معيّن، وما يميّز هذه الاطر هو التّعاون بين جميع افراد المجموعة، الاجتهاد وقيام كل فرد بدوره بإخلاص كما يجب من اجل تحقيق اهداف منشودة كما هو في مطلوب في المناهج التعليميّة او خطّة العمل المدرسيّة.

نشاط المركّز او المربي في الانظمة الفرعية مهم جدا ويختلف بعض الشّيء عن نشاط افراد المجموعة، فهو يعتبر المراقبـ والرّابط الاساسي في عملية التّواصل والتّنسيق بين جميع مركبات النظام الداخليّة او مع الانظمة الفرعيّة الخارجيّة، لذلك يجب ان تتوفّر لدى هذا الرابط المواصفات والقدرات الملائمة من اجل تأدية دوره بنجاح، كذلك الامر في النظام التكنولوجي عند اختيار المركبات والعناصر وموقع لكل جزء. الاختيار لا يكون بشكل عشوائي انما حسب دراسة صفات وخواص ملائمة، كما هو الامر المطلوب في المدرسة ان كان على مستوى مرب، مركّز او صاحب أي وظيفة اضافيّة. وهذا ما تسعى المراكز التعليميّة والكليّات في توفيره من خلال مساقات وبرامج تعليميّة دراسيّة تهدف للرّقى بمستوى اداء المدارسة للأفضل .

الاهداف المنشودة او الغايات الخاصّة والعامّة الّتي تحقّق في عمل المؤسّسة التّربويّة، هي بمثابة الاخراج المطلوب المرغوب به والمطلوب في النّظام ألتّكنولوجي، اما الاخراجات غير المرغوب بها فهي منتجات بعيدة عن الاهداف المطلوبة قد تحدث بعدم توفير الموارد المطلوبة الكافية، أو نتيجة خلل في نشاط احدى مركبات النظام .

من الضّروري الانتباه بأنه اثناء عمل النّظام التّكنولوجي الملموس والنّظام المدرسي غير الملموس المركب أو الفرعي هو توفير وحدة مراقبة، تقوم بفحص وتقييم عمل النّظام ومركبّاته بهدف الحصول على الاخراج ألمطلوب وهي الاهداف المنشودة، والتّقليل من العوامل الّتي قد تعرقل وتساهم في اخراجات غير مرغوب بها .لا يمكن ان يكون في النّظام جزء بدون نشاط او وظيفة لذلك من المهم جدّا في النّظام المدرسي التّذكير وتحديد نشاط عمل وواجبات جميع الأفراد العاملين والمنتمين اليها .
وفي حالة حدوث خلل معين في احدى مركّبات النّظام يجب تحديد هذا الخلل، ومعرفة كيفيّة معالجته وان تطلّب الامر استبدال هذا الجزء بجزء جديد، بحيث يستطيع هذا الجزء ان يأخذ هذا الدّور والحيّز كما يجب . كما هو ذلك في عمل الطبيب عند معالجة عضو في جسم الانسان.
للأمور التّنظيميّة في عمل الّنظام اهميّة كبيرة، فعند الانظمة التكنولوجيّة نجد انّ المهندسين عملوا بجهد في التّخطيط واختيار ألعناصر والموارد الملائمة والاهتمام بالرّوابط الجيدة بين المركبات لإنتاج المنتج المطلوب، كذلك الامر في الّنظام المدرسي، يحتاج الامر الى تخطيط بمستوى عال، حسب اعتبارات مهنيّة ورؤية شاملة مستقبليّة، من اجل التفاعل المنشود بين جميع المركبات، ضمن روابط وعلاقات تكون مبنيّة على اسس التّعاون والمسؤوليّة في كيفية تأدية المطلوب بإخلاص على مستوى الفرد كجزء من النّظام المدرسي، او على مستوى المجموعة المكوّنة من افراد ومركبّات . والجدير بالذّكر انه في مرحلة التّخطيط يجب الاهتمام ايضا بتوفير الموارد وتحديد مسؤوليّة نشاط العمل الّتي يفرضها النّظام المدرسي التّربوي التّعليمي على كل فرد كجزء من هذا النّظام، بمخطط جريان يبيّن مراحل التّنسيق الدّائم كسياسة مدرسيّة تنظميّة، تستطيع أن تحقّق المصلحة الخاصّة والعامّة وتثمر بالغايات المنشودة المرجوّة منها، والحد من الاخراجات غير المرغوب بها من ظواهر ونتائج غير مرضيّة وغير متوقّعة .
لتكن مؤسّساتنا التّربويّة والتّعليميّة نماذج حيّـة لبناء الفرد على أسس النظام

كابول

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة