الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 17:02

عاصفة في اسرائيل افشلت التوصل لاتفاق في القاهرة/ د.هاني العقاد

كل العرب
نُشر: 14/08/14 12:53,  حُتلن: 08:13

هاني العقاد في مقاله:

الوفد ترك المفاوضات للتشاور مع قيادته والتوصل الى رؤيا اكبر لكيفية التعامل مع اصرار الإسرائيليين في التفاوض


تمديد الهدنة ومغادرة الوفد الفلسطيني الى رام الله والدوحة وبيروت للتشاور كان المخرج الوحيد لإعلان عدم التوصل لشيء
 
أخفق نتنياهو حتى في الوقوف امام وزرائه قويا بعدما وضعت المقاومة انفه وانف يعلون في الوحل فقد انقلب عليه كل الوزراء الذين ايدوه في الحرب من حاشيته وغير حاشيته

ما ان سحب نتنياهو ويعلون جيش الاحتلال خارج حدود غزة في اليوم السادس والعشرين للحرب حتى انتقلت ادخنة وغبار المعركة الى داخل اروقة اسرائيل السياسية، وما ان بدأت المفاوضات في القاهرة لعقد هدنة طويلة الامد حتى ازدادت سرعة الرياح التي اخذت تتحول الى عاصفة شيئا فشيئا حتى اصبحت بالفعل عاصفة قد تقلب الامور راسا على عقب في اسرائيل وتسقط حكومة ونتنياهو اليميني المتطرف في الايام المقبلة، نتنياهو من خلال المجلس الوزاري المصغر قاد الحرب على غزة وادار العمليات العسكرية بمشاركة يعلون وغانتس فقط، يعلون وغانتس امرا الجيش ان يضرب بقوة كل التجمعات السكانية الفلسطينية على الحدود ويرتكب المجازر من ثم يقتحم المناطق في ادعاء البحث عن انفاق المقاومة، لكن جيشة تلقي ضربات قاسية من المقاومة التي اختطفت بعض من جنوده بين قتلى واحياء .

اخفق الجيش الإسرائيلي في الحرب على الانفاق، واخفق في توفير الهدوء لسكان حزام غزة وبقيت الصواريخ وبقيت الانفاق ورفض سكان البلدات الاستيطانية الحدودية حتى الان الرجوع الى بيوتهم بالرغم من توجيهات قيادة الجبهة الداخلية الاسرائيلية لعدم ثقتهم بان الجيش الاسرائيلي بسبب اخفاقاته في الحرب، انتصرت المقاومة بفعل عمق ضرباتها الموجعة وعملياتهما النوعية خلف خطوط العدو، ليس هذا فقط بل كانت المقاومة هي التي تدير المعركة على الارض وتلاحق الجيش الاسرائيلي تحت الارض وتشتبك معه في كل مكان، اعترف الإسرائيليون انهم اخفقوا ونتنياهو يكابر فقد قال ما يقرب من 74% من الجمهور الإسرائيلي ان قوة الردع الاسرائيلية فشلت في هذه الحرب ولم تحقق شيء، محلل الشؤن العسكرية في هارتس ( عاموس هرئيل ) قال ان الحرب لم تحسم واكد ان وقف اطلاق النار سوف يقود الى كسر الحصار على غزة وان المقاومة وحماس لم تهزم "، وزير السياحة الإسرائيلي أيضا (عوزي لاندو) صرخ بأعلى صوته " لم تنتهي الانفاق ولم توقف الصواريخ ".

اشتدت العاصفة في اسرائيل مع كل جولة مفاوضات مع الفلسطينيين في القاهرة وهذا ما اخر حدوث اتفاق وهذا ما سبب تدني مستوي الخط البياني للتفاؤل بحدوث اتفاق في اللحظات الاخيرة بسبب عدم تنازل نتنياهو عن اي شيء للفلسطينيين وانه لا يريد ان يحقق للفلسطينيين نصرا سياسيا يتوجوا به نصرهم العسكري في المعركة، وهنا اعتقد أن نتنياهو بدأ يعمل بعكس نظرية موفاز مالم يتحقق بالقوة يمكن ان يتحقق بالمفاوضات والقوة، وعندما لم يتحقق بالقوة والمفاوضات فشل نتنياهوا فشلا زريعا ايضا امام الاصرار الفلسطيني والثبات على الموقف الموحد وعدم التنازل عن شيء من شروط المقاومة، هنا اتبع نتنياهو اسلوب اطالة زمن المفاوضات الى اكبر فترة ممكنة ليحدث انطفاء في قوة الفلسطينيين على التمترس والالتفاف حول المقاومة ويفتت موقفهم درجة بعد اخرى وبالتالي تطول المعركة ويتراخوا عن مواصلتها، حتى يستطيع تحقيق الخطة "ب" من خططه المجنونة والتي اعتقد انها تقضي بالنيل من رؤوس القادة العظام في المقاومة ليقول للإسرائيليين انه انتصر اخيراً ويسكت العاصفة التي تكبر في تل ابيب .

بالأمس تم تمديد الهدنة الانسانية في القاهرة لمدة خمسة ايام وهذا اكثر من الطلب المصري الذي طلب مدة 27 ساعة أخرى، ولا اعتقد ان هذا التمديد ناتج عن نجاح في التقدم نحو القضايا الهامة وحدوث اختراق ليتحقق للمقاومة استحقاقات هي اقل ما يمكن تحقيقه لرفع الحصار عن غزة وتقديم شيء لسكانها الذين صبروا على الالم مدة طويلة، واعتقد ان تمديد الهدنة ومغادرة الوفد الفلسطيني الى رام الله والدوحة وبيروت للتشاور كان المخرج الوحيد لإعلان عدم التوصل لشيء وفشل المفاوضات، فقد ترك الوفد المفاوضات للتشاور مع قيادته والتوصل الى رؤيا اكبر لكيفية التعامل مع اصرار الإسرائيليين في التفاوض وتعنت نتنياهو وعدم قدرته على اتخاذ قرار مصيري يوفر الهدوء والاستقرار للشعبين واصرار نتنياهو على إبقاء كافة اوراق اللعبة في يد اسرائيل خوفا من الهزيمة السياسية ايضا وهذا ما يفسر عدم جدية الإسرائيليين في التفاوض وادارة ظهرهم لكل اثمان الحرب التي يجب ان يدفعوها اجلا او عاجلا .

اقتنع نتنياهو بضرورة عقد هدنة بالحد الأدنى لطلبات الوفد الفلسطيني لصد العاصفة التي تكبر لكنه لم يستطع تمرير هذه الموافقة ايضا بمجلسه المصغر لأنه اخفق حتى في الوقوف امام وزرائه قويا بعدما وضعت المقاومة انفه وانف يعلون في الوحل فقد انقلب عليه كل الوزراء الذين ايدوه في الحرب من حاشيته وغير حاشيته التي تحزم بها في اوقات السلم مثل ليبرمان ونفتالى بينيت واوري ارئيل وجدعون ساعر وليفني فجميعهم يجهزوا انفسهم لجلد نتنياهو اذا ما تنازل عن شيء للفلسطينيين ليبقى نتنياهو في عين العاصفة ويبقوا هم الأقوى امام الجمهور الإسرائيلي ليجهزوا لأنفسهم مكانة نتنياهو بعد انهيار حكومته في القريب، وهذا ما يفسر غضب نتنياهو واغلاق تليفونه في وجه كل وزرائه ومجلسه المصغر في الدقائق الاخيرة باعتبار انهم افشلوا ما يخطط له في الحصول على وقف اطلاق نار دائم مع الفلسطينيين وهذا ما يفسر انتهاك اسرائيل التهدئة الحالية وبالتالي ما عادت تهدئة بل جاءت كإعلان لتفادي التداعيات الخطيرة لفشل المفاوضات وفشل التوصل لاتفاق في القاهرة.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net


مقالات متعلقة