الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 21:01

أناقة الصّمت وفَوْضى الثّرثرة/بقلم:نانسي مزاوي شحوك

كل العرب
نُشر: 19/08/14 15:35,  حُتلن: 08:33

أناقَةُ الشّيء تُبهِرُنا بِسطعِ نورِها، بِثباتها، بتوازنها وأصالتها وحِدّة لفت نَظرنا صَوبها، ومَيلنا اتجاهها كَمن يَستَنشِقُ عِطراً مُحَبّباً يَفوحُ شذاهُ في الهواءِ...وإن كان الصّمت يحمِلُ كُلَّ تلك المعاني والصّفات فهو رَوعة الأشياء، وقِمّة الإيجابية هي تّحدّيه لِفَوضى الثّرثرة العارمة المُنهمرة كالسيل المُتَوحِّل في نَهرٍ يَغُزُّ في الصّخورِ، بِوَحشيّةٍ همجيّة تلدغ الظّهور كالسّيف الحاد إن أدرناها له وجلسنا بِمُحاذاتِه!!

الصّمت الأنيق...بِرَوعَةِ تركيبِ حُروفِه ...وعِطرِ البَوح لصَدى هَمساتِه...يُضفي على المَرءِ رَونق الزَنبق المُتَفَتِّح، المُبتَهِج، المُكتَفي بابتسامةٍ أصيلةٍ تنوبُ عن كل الكلام، تَرتسم على شَفتَيهِ في جَوٍّ صافٍ لطيفٍ مُنعِشٍ...
للصّمتِ إيجابيات مُقابل السّلبيات المُحَتّمة....

يَصمُتُ المَرءُ عندما تذوب العِبَرُ تحت لِسانِهِ بدلاً من أن تَتطاير وتتبعثر وترسو في المَوقف الخَطأ!! الإنسان المُتفتّح الواعي، المُدرك بالأشياء يَعلمُ تماماً متى عليه التزام الصّمت والإكتفاء بالإصغاء، ومتى عليه التّجاوب والتّحاور والإقناع إن لزم الأمر، حتى إن اضطرّ للمُداخلة بمشادّات كلامية صارمة!!

ولكن...عندما يُصيح الحَديث عبارة عن ثرثرة فارغة تقشَعِرُّ لها النفوس وتملُّ منها الآذان، تعُمُّ في المكانِ فَوْضى عارمة لا تمتُّ للموضوع بِصِلة، تجعَلُ من المرء المُندَفع إنساناً تافهاً ثرثاراً غير مرغوب بمُجالسَتِهِ، وعلى المرء الحكيم أن يكتفي في تلك الحالة بالصّمت الأنيق، الذي هو عِبارة عن دواءٍ لثرثرةٍ مُزعِجة، لا معنى لها ولا فائدة منها...

يعتقد البَعضُ أنّ "الصّمت" بِحَدِّ ذاتِه ككلمة هو جُبن، غباء أو خَوف، أو شخصِية غير واثقة ومُضطربة...ويَختلفُ المَعنى باختلاف أنواع الصمت وتَعَدُّد شخصيات البشَر...

أن تَصمُت لأنَّك اخترتَ ذلك أمر، وأن تَصمُت لأنك لا تًدرك ما تَقول وكيف تُحاور هذا أمرٌ يختلف...
اختيار الصَمت في الوقت المُلائم يُخَفّف من حِدّة فَوضى الثّرثرة المُندثِرة في المَكان. فأن تَكون عاقلاً، مُثَقّفا، صامتاً، مُقتَنعاً بِصمتِك، خَيرٌ لك من أن تكون ثرثاراً منبوذاً...

فأناقتُك تَكمُنُ في رَوعَةِ صَمتِك...مِن حِكمةِ لسانِك، كالبَحر الصافي تكون حين تَلمَعُ مُقلَتَاك ذكاءاً وصَمتاً، وكالرّعد المدوي تَسحقُنا أحاديثُك حين تكون مُجَرّد ثرثرة فَوضَويّة خالية من المعاني والنكهة الطيّبة.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة