الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 10 / مايو 04:01

في مواجهة الداعشية/ كميل فياض

كل العرب
نُشر: 24/08/14 07:50,  حُتلن: 08:26

كميل فياض في مقاله:

لا يوجد امامنا كعرب ومسلمين اليوم سوى مواجهة هذه الحركة التراجعية التخلفية الترهيبية التي تهدم وتمزق ما تبقى من أواصر ووشائج وتبيد كل بارقة أمل بخلاص 

المواجهة تكون بالذات في تبني حركة مضادة ثقافيًا .. في تبني العقل والعقلانية والعلم والعلمانية في تبني المعارف الإنسانية وأساسها وغايتها العرفانية التجاوزية الروحانية كبديل للإيمان الحرفي الاعمى وللغرائزية البهيمية المستندة الى فتاوى الشيطان ووسوساته وضلالاته في النفوس 

اليس من الغريب ان في العصر العباسي وقبل اكثر من 1200 عام قامت حركة ترجمة للفكر الأجنبي اليوناني يومها ، مع صعوبة وسائل النقل والتنقل ، ومع ضعف أدوات العمل والترجمة ، في حين اننا وفي مرورنا في عصور النهضة والحداثة والتنوير ، ثم في دخولنا العصر الالكتروني الآخذ مداه واتساعه ، تقوم حركة هدامة لكل ما هو مختلف على يد حركات التطرف الديني مثل القاعدة وعصبة الإسلام وداعش وسواهم ، كورثة لمن سبق في التخلف الثقافي والروحي الحقيقي ، كالوهابية والاخوانية ..اليس من الغريب ان في عصر انتشار وسائل التعاطي العالمي ثقافيا ، عصر الامكانية المتوفرة وسهولة ويسر العمل في الترجمة والنشر ، تقوم حركة ارتداد وكفر ثقافي وعرفاني ، تنتشر وتسيطر وتقيم دولة الإرهاب فينضم اليها (مؤمنون) كثر يزداد عددهم كل يوم ، خصوصًا في مناطق الخراب السياسي والوطني في الموطن العربي والإسلامي ؟!
كيف يمكن لأمة ان تعيش دون ان تواكب حركة التاريخ ؟ كيف لأمة ان تصمد في الحاضر لتنطلق للمستقبل ، دون ان تتخلص من أعباء الماضي ؟ كيف يمكن لجميع الشعوب والأمم ان تستوعب ان حركة البقاء وصحة الوجود وجوهر الحياة ، في تبني التحرر الثقافي والفكري ، وفي الانفتاح الحضاري والمدني ، بينما (نحن) نفهم الأمور بالمقلوب والمعكوس ، في التخلف والرجوع وفي تبني المتحجرات التراثية وأسمال الأجداد وخرافاتهم ..؟!
باختصار لا يوجد امامنا كعرب ومسلمين اليوم سوى مواجهة هذه الحركة التراجعية التخلفية الترهيبية ، التي تهدم وتمزق ما تبقى من أواصر ووشائج ، وتبيد كل بارقة أمل بخلاص .
والمواجهة تكون بالذات في تبني حركة مضادة ثقافيًا .. في تبني العقل والعقلانية والعلم والعلمانية ، في تبني المعارف الإنسانية ، وأساسها وغايتها العرفانية التجاوزية الروحانية ، كبديل للإيمان الحرفي الاعمى ، وللغرائزية البهيمية المستندة الى فتاوى الشيطان ووسوساته وضلالاته في النفوس ..
تلك النفوس المنحرفة بسبب القمع والكبت والحرمان ، الى جانب ما تشاهده في العالم من حريات في التعبير بطلاقة وصراحة عما يختلجها ، بدل تذويته لينفجر في صور عديدة من العنف والاعتداء ، والهدم والتخريب ، باسم الدين ، كما هو حاصل لدى هؤلاء الداعشيين اليوم ، الذين لا يختلفون عن النازية والفاشية والستالينية ، ولا عن المغولية والبربرية في شيء ، وربما اكثر ، لأن جميع تلك الحركات تستند الى طغيان بشري محض ، بينما الداعشية وسواها تستند الى طغيان ( إلهي ) مُقدس خارجي وأبدي ..
في ختام هذه الكلمة أقول : ان هذا الطرح الذي يجب ان يأخذ به كل صاحب ضمير إنساني من العرب والمسلمين ، لا يتبنى كل ما هو غربي وكل ما هو منتشر اليوم ، بل يواجه ويستوعب كثير من المشاكل الواردة مع المد الغربي الثقافي .

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة