الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 01:01

الشرق الحضارة الراقية والغرب وراء الظاهرة الداعشية/ بقلم: محمد برغال

كل العرب
نُشر: 29/08/14 13:50,  حُتلن: 07:35

محمد برغال في مقاله:

إسرائيل أدركت أهمية هوليوود وضرورة تجييرها لصالحها منذ زمن بعيد كونها قوة جبارة لقلب الحقائق وتثبيت الروايات الكاذبة والمشوهه للتاريخ

الكيانان الإسرائيلي والداعشي يمارسان المجازر بشكل منهجي وهناك تشابه كبير حتى في شكل التنفيذ والكيانان مدعومان من قبل امريكا الاسرائيلي بشكل علني ومباشر والداعشي بشكل خفي

أمريكا الان ما زالت " تبلور" كما صرح أوباما استراتيجيتها في عملية ضرب داعش في سوريا! اي ان الضرب الامريكي لداعش سيكون محدودا ومركزا فقط لحماية مصالحها المباشرة 

الدين الاسلامي كما عشناه وتعلمناه هو دين الرحمة الذي تبدأ كل سورة به بقول بسم الله الرحمن الرحيم وهو ليس الدين الذي انتشر بالسيف كما اراد لنا بعض المستشرقين ان نعتقد

لقد بذلت آلة البروباغندا الصهيونية جهودا جبارة ووظفت قوتها وامكاناتها الهائلة وعلى رأسها "نتنياهو" بخبثه ودهائه ومعرفته العميقه بالمواطن الامريكي ومواطن ضعفه وما يمكن أن يتأثر به ويتقبله، في العمل على اظهار المقاومة الفلسطينية وكأنها هي وداعش وجهان لعملة واحدة! ذلك أن الامريكي، يسهل تضليله ليتقبل تلك الفرية، فحين تنقل اليه بمهنية عالية صورة الداعشي الملثم وما يقوم به من فظائع وفي نفس الرسالة يعرض المقاوم الفلسطيني الملثم وصور الهلع الذي اصاب الاسرائيليين جراء صوايخ المقاومة، وكون هذا "عربي مسلم" وذاك عربي مسلم بإضافة بعض انصاف الحقائق والعرض التاريخي المغرض والكاذب، بحيث يوصل ذلك مجتمعا رسالة وصورة اعلامية قويه تحقق الهدف الاعلامي الصهيوني، خاصة إن تبع ذلك توقيع ما يزيد عن 180 من "كبار" ممثلي هوليوود "الشجعان" الذين يعلنون موقفهم المساند للاسرائيلي والمعادي للفلسطيني من بين ابرزهم ارنولد شفارتسنيغر وسيلفستر ستالونه.

إسرائيل أدركت أهمية هوليوود وضرورة تجييرها لصالحها منذ زمن بعيد كونها قوة جبارة لقلب الحقائق وتثبيت الروايات الكاذبة والمشوهه للتاريخ. فمن منا كطفل لا يذكر كم كان يتهافت بالاعياد والمناسبات على شراء مسدسات وملابس "الكاوبوي" ليكون مثل "البطل" الامريكي الذي يقتل بطلقات بنادقه ومسدساته الكثيرين من "الهنود الحمر"، حيث كان فيلم السينما يعرض المواطنين الاصليين لما يسمى اليوم امريكا بصورة الهمج الذين يولولون كالحيوانات بحيث أنك لا تتأثر إطلاقا لموتهم بل تراه تحقيقا لانتصار "الخير" وهزيمة "الشر".

بينما الحقيقة التاريخية الثابتة والتي نعرفها اليوم هي العكس تماما، فقد كان الرجل الغربي الابيض هو من مارس أبشع أنواع الهمجية والوحشية وارتكب المجازر البشعة وقتل عشرات الملايين من السكان الاصليين، بعمليات ابادة لشعوب وحضارات كاملة استعملت بها اسلحة متطورة لا قبل للسكان الاصليين بها، محققة ابادة جماعية كان احد ابشع اشكالها ايضا هو القتل الجماعي عبر نشر الاوبئة الفتاكة في معسكرات تجميع السكان الاصليين ومن ثم تجميع ثياب الضحايا وتسليمهم لمعسكرات اخرى، لينتشر الوباء بالعدوى ويقضي على اكبر عدد منهم، وبذا تم القضاء ايضا على حضارات انسانية رائعة، ومتقدمن بعلومها كالانكا على سبيل المثال!

الآن فقط تسمح المؤسسة الامريكية الرسمية بالكشف عن بعض الحقائق والاعتراف بها اذ لم يعد السكان الاصليين يشكلون أي خطر على "الحضارة الامريكيه"! وهذا "الانجاز" الامريكي هو على الاغلب ما جعل بن غوريون يقول قولته الشهيرة بأنه إن ندم على شيء فقد ندم لأنه لم يهتم بأن يفني او يهجر جميع الفلسطينيين من أرض فلسطين.

أما حقيقة الأمر والتشبيه الصحيح لداعش فإننا نتفق به مع الخبير الامريكي الشهير بكتاباباته في النيويورك تايمز والكريستيان سينس مونيتر وغيرها من الصحف الشهيرة والمحاضر في جامعات سان فرانسيسكو وويسكونسين وباريس الدكتور كيفين باتلر بمقاله بال"برس تي في " في24/08/14 بعنوان "اسرائيل تسمي نفسها "دولة اليهود" وتنظيم البغدادي الارهابي يسمي نفسه "الدولة الاسلامية"، حيث يعرض الكاتب بمقاله بعض اوجه الشبه بل التطابق بينهما، فيبدأ مقاله بالقول "الكيانان الارهابيان يعرفان انفسهما بمصطلحات فكر التطرف الطائفي. وكلاهما استولى على ارض مسروقة كلاهما يدوس بوحشية على حقوق من يعتبرهم كائنات ادنى بكل بساطة لأن ما للاخرين من معتقدات دينية يعتبر بدرجة ادنى منهما. وكلاهما يرتكب الفظائع البشعة" . ويبين الكاتب بمقاله كيف أنه حتى اليهود الليبراليون الصهاينة ما عاد بامكانهم الاستمرار بالدفاع عن اسرائيل ويذكرعلى سبيل المثال الصهيوني الليبرالي "انتوني ليمان" ومقاله في النيويورك تايمز "نهاية الصهيونية الليبرالية" وكذلك توقيع 237 من الناجين وانجال الناجين من مجازر النازية على عريضة نشرها يهود معادين للصهيونية بالاضافة الى الهولندي "هن زندي" الذي اعاد وسام منحته اياه اسرائيل لحمايته عائلات يهودية من خطر النازية.

ولا يغفل الكاتب التعاون بين الكيانين والذي برز في سوريا كما بيناه بمقال سابق وكان ابرز تجلياته المستشفيات الميدانية التي اقامتها اسرائيل لعلاج جرحى داعش والنصره والتي كن اخرها اسقاط طائرة تجسس اسرائيلية بدون طيار قرب بغداد قبل عدة ايام. وفي نهاية مقاله يعلي الكاتب عاليا ويشيد بالمستوى الحضاري الذي تجلى بالدولة الاسلامية بالماضي وكيف انها كانت تتوفر بها للجماعات المختلفة حرية ممارسة دينها وقوانينها بشكل حقيقي مقارنة بالدولة الحديثة التي تتميز بالنظرة الشمولية التي يحاولون بها أن يفرضوا على الجميع العيش بنفس الطريقة واتباع نفس القواعد.

ونضيف بنقاط تشابه اخرى هامة فالكيانان يمارسان المجازر بشكل منهجي وهناك تشابه كبير حتى في شكل التنفيذ والكيانان مدعومان من قبل امريكا، الاسرائيلي بشكل علني ومباشر والداعشي بشكل خفي، فأمريكا رغم القصف الذي أتى لحماية الحليف الكردي ورغم القرارات الدوليه حول ضرورة محاربة داعش الا انها لن تمانع بل هي تشجع تمدد داعش بالعراق بعيدا عن اربيل وهو ما يفسر الى حد كبير محاولات التقارب السعودي الايرانيي مؤخرا! وأمريكا الان ما زالت " تبلور" كما صرح أوباما استراتيجيتها في عملية ضرب داعش في سوريا! اي ان الضرب الامريكي لداعش سيكون محدودا ومركزا فقط لحماية مصالحها المباشرة وحلفافائها الذين ستتضرر هي جراء تعدي داعش عليهم، وعليه حتى السعودية قيل لها بصريح العبارة أن عليها أن تخلع شوكها بيديها!

فأمريكا تعلم حق العلم أن داعش تقدم بإنجازاته في عملية تتطويق بغداد التي وصلت درجة متقدمة وخطيرة، فقد سيطر في الانبار على الفلوجة وعامرية الفلوجة بالاضافة الى عانه وراوه وفي صلاح الدين، وهو ما زال موجودا في تكريت بالرغم من هجوم الجيش الاخير اضافة الى افضية الشرقاط وبيجي وسليمان بيك وفي الشرق تمدد داعش بإتجاه محافظة ديالى وباتت نواحي السعدية وحلولا وخالص تحت سيطرته ولداعش وجود في شمال محافظة بابل ايضا!

لكننا في نهاية عرضنا لأوجه الشبه بين الكيانين الارهابيين من المفيد أن نؤكد أنه على الرغم من أن مشارب الفكر الصهيوني العنصري هي نفس المشارب الاستعمارية الغربية والتي غلفت بغلاف ديني تم اجتراحه من بعض المبادئ بالدين اليهودي وتم التركيز علىى تلك المبادئ منه التي تخدم التوجه العنصري والاجرامي.
بينما بالنسبة لداعش فاننا لا نجد اي مبدا بالدين الاسلامي يمكن ان يقال بان داعش قد استندت اليه والمشرب الديني الوحيد هو الفكر الوهابي الذي شجعت تأسيسه وانطلاقه الامبراطورة البريطانية وسلمت معه امر شبه الجزيرة العربيه لال سعود.

الدين الاسلامي كما عشناه وتعلمناه هو دين الرحمة الذي تبدأ كل سورة به بقول بسم الله الرحمن الرحيم وهو ليس الدين الذي انتشر بالسيف كما اراد لنا بعض المستشرقين ان نعتقد. وبهذا الخصوص يفيدنا العلامة المحاضر في جامعة الموصل الدكتور عماد الدين خليل الذي اتبع منهجا علميا متقدما في دراسة التاريخ الاسلامي جعل ما توصل اليه من نتائج مثبت ومقنع اكثر بكثير مما وصل اليه المستشرقون من نتائج. فقد توصل الى لآن الفتوحات الاسلامية جميعها لم تتحقق عبر نشر الدين بالسيف بل ان الفتوحات الاسلاميه جميعها كانت اما كنتيجه لرد عدوان او لاستباق عدوان وشيك. وهو يورد الكثير من عناصر الدعم المنهجي العلمي والمنطقي. ومن اكثر الحقائق دعما هي كون الدين الاسلامي دين عدل ومحبه يوفر نمط حياة كان ارقى بكثير مما عرفته الشعوب التي دخلها الاسلام فتحققت النتيجه التييجه التي لم تتحقق بالسابق لاي من حملات الاحتلال العسكرية الاخرى عبر التاريخ, ذلك ان الشعوب التي دخلتها الجيوش الاسلاميه قد بقت بقناعة منهاعلى الدين الاسلامي الذي ارتضته دينا لها حتى بعد انحسار الخلافة الاسلاميه وانسحاب جيوشها من تلك الدول.  الامر الذي لا يمكن لمن مثل داعش وفكره التكفيري الظلامي أن يوفره او أن يحققه على الاطلاق.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة