الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 20 / أبريل 04:02

ماذا بعد الانتصار الفلسطيني في غزة؟/ بقلم: محمد برغال

كل العرب
نُشر: 29/08/14 13:51,  حُتلن: 09:08

 محمد برغال في مقاله:

نصر حقق وحدة حقيقية ـساسها فكر وثقافة المقاومة في القيادة وبالتالي ساهم ذلك في تحرك جماهير شعبنا في مختلف اماكن تواجده

ليس فقط نجاحات فلسطينية مقابل إخفاقات اسرائيلية وليس فقط تحقيق الكثير من الأهداف الفلسطينية مقابل الفشل الاسرائيلي بتحقيق أي من أهدافه، بل هو إنتصار بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى

هو انتصار كبير اذا وبكونه كذلك لا يمكننا اعتباره امرا عابرا نبتهج به الى حين ومن ثم نعود بعد ذلك الى سابق عهدنا وعيشنا الذي بدأنا نعتاد عليه وسادت فيه لدى الكثيرين منا روح الاستسلام لسطوة المحتل وقوته العاتية

يفترض بنا أن لا ننسى ايران والشعب الإيراني وحزب الله وسيد المقاومة نصر الله وسوريا، فقد تبين بالقطع أن اغلب السلاح والعتاد الحربي الذي توفر للمقاومة في غزة قد توفر منذ 2012 

أولا وقبل كل شيء على كل فلسطيني أن يدرك بوعيه وبكل جوارحه وأحاسيسه أن نصرا كبيرا ومؤكدا قد تحقق لشعبنا الفلسطيني. ليس فقط نجاحات فلسطينية مقابل إخفاقات اسرائيلية وليس فقط تحقيق الكثير من الأهداف الفلسطينية مقابل الفشل الاسرائيلي بتحقيق أي من أهدافه، بل هو إنتصار بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، إنتصار تحقق وحقق لنا انجازا عظيما يفرح القلب ونفخر به، والاهم من ذلك كله اننا نبني عليه للاستمرار في مسيرة تحررنا وتحقيق حقوقنا المغتصبة.

نصر للمقاتل الفلسطيني المحاصر ومحدود الإمكانات في مواجهة مقاتلي وحدات النخبة الإسرائيلية التي يشهد العالم بأن عناصرها يخضعون لأشد التدريبات مما وضع جيش العدو بالمرتبة الرابعة من حيث القوة بين جيوش العالم وبالمرتبة الثانية من حيث القدرات التقنية. ونصر للجماهير التي فجعت بعدد لا يحتمله بشر من الضحايا وإجرام العدو وجبروته بإرتكاب المجازر بحقهم ومع ذلك احتضنت ابنائها المقاتلين وأظهرت معدنها الاصيل ووعيها وثقافة مقاومتها فانبهر العالم بها.  ونصر حطم قدرة الردع لدى جيش الإحتلال وغير وسيغير من الكثير من المسلمات في مجتمع المحتلين لشعبنا.

ونصر حقق وحدة حقيقية ـساسها فكر وثقافة المقاومة في القيادة وبالتالي ساهم ذلك في تحرك جماهير شعبنا في مختلف اماكن تواجده.
نصر كان من عناصر تحققه الأساسيه قيادة تعاملت منذ البدايه برويه وحكمه ومسؤوليه ودرايه ملفته بعدوها جعلها تكون بموقع المبادره بالمواجهة معه.بينما عدوها يصاب بالخيبة تلو الخيبه والتي كان قتل زوجة محمد ضيف وولده الرضيع اخرها. ( للمقارنه فقط بين الأخلاق التي حتما ستنتصر وبين انعدامها لدى العدو نذكر بأنه توفرت لحزب الله على الاقل ثلاث فرص ذهبيه لاغتيال العميل هاشم عقل لكنها الغيت جميعا لان ابنه او زوجته كانوا ليقتلوا معه وما صفي إلا حين كان وحدة). ولهذا النصر اوجه عديدة سأتطرق اليها بتفصيل اكثر في مقالي التحليلي الذي سيتبع.

هو انتصار كبير اذا وبكونه كذلك، لا يمكننا اعتباره امرا عابرا نبتهج به الى حين ومن ثم نعود بعد ذلك الى سابق عهدنا وعيشنا الذي بدأنا نعتاد عليه وسادت فيه لدى الكثيرين منا روح الاستسلام لسطوة المحتل وقوته العاتية، التي لا قبل لنا بها وبالتالي بدا وكأنه لا بديل امامنا إلا ان نتحايل من اجل ايجاد ظروف اسهل تخفف علينا اعباء الاحتلال فنرضى بالهزيمه ونعتمد التفاوض والتفاوض فقط كوسيلة وحيده ل" النضال". اذا بعد هذا الانتصار الفلسطيني في غزه ستكون مسيرتنا النضاليه وطبيعة حياتيا مختلفه تماما بل افضل بكثير مما كانت عليه من قبل.
هل سينعكس ذلك بوضوح اكثر في الرؤيا بعد ان كان عدم الوضوح بالرؤيا لدى قطاعات واسعه من شعبنا بالماضي هو الطاغي بالكثير من الاحيان؟ لقد حقق لنا النصر ثقة راسخه بقيادة حققت النصر وأبطال شبان صنعوه وشعب جبار احتضنهم بكل الحب والشجاعة والإباء وتجدد الامل لدينا بإحقاق الحق بعد ان كاد اليأس والإحباط يقتل اي امل لدى الكثيرين من ابناء شعبنا.
وهنا يجدر ذكر ما لمسته ولمسه الكثير من اصدقائي اثر الانتصار ألا وهو التغيير الايجابي في السلوك الشعبي ,والذي برز بشكل ملحوظ ومستغرب، بالذات لسرعة حدوثه عند الكثيرين من ابناء شعبنا , فقد كن السائد قبل الانتصار الذي سجلته غزه , تعاملا فيه نوع من العدوانيه في ما بين السائقين في الشارع على سبيل المثال وحتى بين الناس المتواجدون بالأسواق. ونادرا ما كنت تجد التسامح في التعامل بل غالبا ما يطغى السلوك العصبي وبالتالي يتبع بالعبارات الجارحه وبكل سهوله ننزلق الامور نحو العنف الجسدي.
بينما اثناء العدوان على غزة وخاصة بعد ان بدت تباشير النصر جلية للعيان بتنا لا نسمع حتى صافرات السيارات ونشاهد التسامح بين السائقين بأمور كانت لتراق الدماء جرائها في السابق وهذا غيض من فيض, بالذات تجدر الاشاره الى المسلك الراقي والطبيعي والذي حصل تلقائيا وكأن ابناء شعبنا خارج غزه قد اتفقوا فيما بينهم, تخاطرا, ان يستغنوا عن الكثير من مباهج الاحتفال والبهرجة التي كانت سائدة في الاعراس واقتصرت الافراح على الحد الادنى الضروري لإتمام الأعراس وذلك نبع من احساس صادق بآلام الاهل في غزة.
في اوج الحرب حيث الكل يتابع بعقله وقلبه وروحه كنا نستمع ,حتى من ابناء شعبنا الفلسطيني ,لبعض الاصوات الآتيه من زمن الهزيمه بحيث لم يكن بإمكانهم ان يشاهدوا إلا الدمار وقتل الاطفال والشيوخ والنساء فأظهروا الحزن الشديد والأسف على الخسران الهائل بالأرواح للأهل في غزة والدمار الذي حل بها مقارنة ب"القليل" الظاهر لدى العدو المحتل و"القوي"!
وقد يستغرب القارئ أن ينسب الى زمن الهزيمة من شعر بالحزن لما ألم بالأهل في غزه. فصحيح ان الشعور بالحزن طبيعي وإنساني إلا انه من الفلسطيني للفلسطيني سيكون مستهجنا إن اتى بدافع الشفقه وكأن الامر لا يعنينا مباشرة وكأننا لسنا جزء اصيل منه او كأن الحزن هنا يعني سواء بشكل غير مباشر أو مباشر احيانا ان يوضع اللوم في هذا الوضع على المقاومه التي يفترض بها "ان تعرف حجمها" وتتوقف بحدود ومكان يشبه ما رسم بالمبادرة المصريه بصيغتها الأولى , وعليه فهو ما سوف لن يكون مقبولا وطبيعيا بعد اليوم إن لم يأت من خلال وعي وثقافة المقاومة.

لقد قلنا لهؤلاء أن الامور لا تقاس بعدد القتلى او مقدار الدمار وإنما ما يحدد نتيجة الحرب هو انكسار الارادة وحينها تتحقق الهزيمه او بالمقابل الصمود ورفض الهزيمه الى ان يتحقق النصر , والتاريخ يوفر لنا الكثير من الأمثله لشعوب خسرت الملايين من ابنائها ( فأوروبا على سبيل المثال خسرت قرابة 60 مليون ودمرت بنسبة تجاوزت احيانا ال 70% من مبانيها وبنيتها التحتيه) ومع ذلك هي منذ 70 عاما الى اليوم تحكم العالم.  ولكن مع ذلك فإن كلامنا هذا لا يعني اننا لا نبالي بالضحايا من ابناء شعبنا فانا اذكر انني حين قرأت اول قائمة للشهداء قرأت الاسم واسم العائله وان كان شهيدا او شهيده وكم كان عمره او عمرها ومن اي منطقة هو او هي في قطاع غزه وسرحت في خيالي اتصور من منهم بجيل امي او أخي او أختي او ابني او ابنتي وهم قبل قليل كانت لهم احلامهم وأمانيهم وطموحاتهم. لكننا يجدر بنا ان ندرك ذلك بمجمله وندخله بوعينا عبر ثقافة المقاومه التي كان الاهل بغزه من روادها بين ابناء شعبنا. فهذا القتل البشع والمؤلم انما هدف العدو من ورائه ان يثبط فينا العزائم ويغلب فينا التفكير الاستسلامي الانهزامي واللا انساني على التفكير الثوري المقاوم الذي يرفض المذلة والمهانة ويرفض التسليم بهما كطريق حياه هي اقرب الى الموت منها للحياة.

لكن ما كان على صعيد الانظمة العربية في أوج هذه الحرب كان ملفتا اكثر في مستوى انحطاطه وبؤس تفاعله مع الحدث او بالأصح عدم تفاعله او في بعض الاحيان تحركه المعادي والمتآمر والمخزي, وعليه فانه لا يستحق ان نفرد له من الكتابة اكثر مما ذكرناه.
والأصح ان نذكر من وقف معنا ونراهن عليه فنذكر شعوبنا العربية التي تظاهرت في اليمن العربي الاصيل وفي السودان والجزائر وتونس والمغرب وموريتانيا وفي باقي الدول العربية وان بدرجة اقل كذلك. وكذلك نذكر شعوب وأنظمة اختارتها شعوبها لتمثلها بشكل حقيقي وثوري في امريكا اللاتينيه بموقفها الاخوي والمساند للحق بكل قوة وعناد ومنها نخص بالذكر بوليفيا.

كما أنه يفترض بنا أن لا ننسى ايران والشعب الإيراني وحزب الله وسيد المقاومة نصر الله وسوريا، فقد تبين بالقطع أن اغلب السلاح والعتاد الحربي الذي توفر للمقاومة في غزة قد توفر منذ 2012 اي بعد ان كان الخلاف السياسي بين حماس وسوريا جليا وعلنيا وظهرت انعكاساته السلبية، لكن ما تبين ايضا انه كانت هنالك ثقافة مقاومة فصلت تماما بين الموقف السياسي ومن يطرحه والعمل الكفاحي والعسكري المقاوم فاستمر تبادل الخبرات بين حزب الله ومقاومة غزه واستمر التدريب.

والاهم نقل تكنولوجيا صناعة الصواريخ من ايران التي بادرت بما لم يسبق حدوثه من قبل فعلمتنا الصيد بالإضافة الى منحنا السمك. وفي اوج العدوان حين كان صمت الرجال، العرب منهم بالذات، معيبا، صدح صوت القائد الايراني العظيم قاسم سليماني ليشد من ازر احبابه المقاومين. فجاد بكلام لا يمكن له ان يصدر إلا ممن عشق فلسطين بكل جوارحه وأحاسيسه بهدي وعيه الذي هداه للموقف الثوري المساند للمظلومين والمقاوم للظلام فلم يكتفي بالمواقف المسانده لشعبنا من قائده الامام علي خامنئي وقال ضمن ما قال:"....إن فلسطين هي القلب النابض الذي يضخ الدماء في شرايين البشرية ليهب الإنسانية حياة جديدة في كل حين وفلسطين هي من تهب العالم العنفوان وتسقي بدماء أبناءها وأطفالها المظلومين سنابل الحرية والتحرر" .." ن فلسطين في هذا الزمن هي الحد الفاصل بين الحق والباطل وبين الجور والعدالة وبين الظالم والمظلوم"... وأكد دوره ومسؤوليته واستعداده الدائم كشريك في معسكر المقاومة. "إننا في محضر الله عزوجل نعاهد الشهداء بأننا باقون على العهد ولن نبدل تبديلا.. فكما كنا ولا نزال نقوم بواجبنا الديني في دعم المقاومة فإننا نؤكد أننا مستمرون بإصرار على نصرة المقاومة ورفعها إلى النصر حتى تبيت الأرض والهواء والبحر جهنما للصهاينة وليعلم القتلة والمرتزقة بأننا لن نتوارى للحظة عن الدفاع عن المقاومة ودعمها ودعم الشعب الفلسطيني ولن نتردد في هذا. إننا إذ نذكر الجميع بأننا عشاق الشهادة وأن الشهادة على خط فلسطين والشهادة في مسار القدس هي أمنية يتوق إليها كل مسلم شريف لا بل أن أحرار الإنسانية يفتخرون بها" لقد قيل هذا الكلام في 30.07.2014 حيث صمت الكثير من الرجال العرب وحيث كان الصمت معيبا معيب...
وبكل اسف لم نجد من مثقفينا من يتوقف قليلا امام هذه المواقف الايرانيه المحبة والصادقه لشعبنا ولقضيته العادلة، والتي كانت بالأفعال قبل أن تكون بالأقوال.

*ملحوظة: حين بدأت تحضير النقاط الأساسيه لكتابة هذا المقال لم يكن ما كتب هو ما كان مخطط له فقد كانت الافكار الاساسية تدور حول الدروس المستفاده من انتصارنا في غزه وكيفية تطبيقها على واقع شعبنا في اماكن تواجده المختلفه وبالذات حيث انا بالداخل (48)، ولكنني وجدت القلم يأخذني الى حيث اخذني فمشيت منقادا بحبي لفلسطين.

يتبع ...

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة