الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 21 / مايو 00:02

الانتهازية والتخاذل لن يمرا/ بقلم: محمد برغال

كل العرب
نُشر: 04/09/14 08:29,  حُتلن: 10:49

محمد برغال في مقاله:

ليس فقط الامريكان والاسرائيليون لم يعرفوا او لم يريدوا ان يبينوا هذه الناحية في شخصية سيد المقاومة ولكن كذلك قياداتنا الفلسطينية السياسية لم تدرك قيمة ما تمثله قيادة بمثل اخلاق ومواصفات نصرالله

ما أن هدأت المدافع حتى انفلتت بعض الالسن عبر الاعلام بالتهجمات والسجالات التي طغت على السطح بصورة مخزية كادت ببشاعتها ان تطغي على حلاوة انتصار شعبنا في غزة

لقد استفادت غزة كثيرا من تجربة حزب الله ومن مدرسته القتالية، التي طورت حرب العصابات كما عرفها العالم من ماو تسي تونغ الصين وجياب فيتنام وجيفارا امريكا اللاتينية بل والعالم.

طور حزب الله مدرسة فاجأت الاسرائيلي وجعلت الامريكي يحاول ان يستكشفها ليدرسها ومن ثم ليدرسها في مدارسه الحربية وقد ادرك ان المقاتل في الميدان هو من اهم عناصرها، الذي ما كان ليدخل في حزب الله الا بعد أن يجتاز الكثير من الاختبارات القاسية ولكن الضرورية ايضا لانتقاء الافضل بالعديد من النواحي والصفات ومن اهمها صدق ايمانه بقضيته وعقيدته.

لكن ما لن يكون بامكان الامريكي تدريسه او الاستفاده منه، هو ذلك الايمان والالتصاق القوي بالقضيه ليس فقط لدى المقاتلين في حزب الله وانما ايضا وبالاساس لدى أعلى مرتبة في الحزب-، الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.

وبناء عليه لم يكن من المستغرب أن تفرد اسرائيل افضل الخبراء لديها لتدرس شخصية حسن نصرالله كما نقلت ذلك قناة الميادين قبل عدة ايام ومع ذلك ومع انهم كخبراء لم يكن بامكانهم ان يجدوا صفات سلبيه بالرجل. الا انهم كما الامريكان من قبلهم، حين وظفوا مئات الملايين باعتراف "جفري فلتمان" لمحاولة شيطنة حزب الله ونصرالله ولم يفلحوا، فإن الاسرائليين ايضا لم يدركوا او لربما ادركوا لكنهم كانوا معنيين بإخفاء حقيقة أن أهم ما يميز شخصية السيد حسن نصرلله، عدا عن صفاته القيادية وشخصيته الآسرة للقلوب، هو انه لم يرغب ولا يريد ان يترأس حزبه ولو عاد الامر اليه لفضل ان ينفرد لعبادة ربه وللاستزادة في العلم بان ينهل ما استطاع من العلوم الدينية، ليس للرجل اي مطمع شخصي وهو لا يبحث عن أي مكسب شخصي من خلال ما يؤديه او ما يشغله في منصبه الذي لا يمكن الاستغناء عنه به. هذا الاخلاص والتواضع والتفاني في القيام بكل ما يخدم القضية بعيدا عن أية اعتبارات او اهواء شخصية او فئوية او حتى حزبية جعلت هذا الرجل وحزبه بحق افضل ما جاد لنا به تاريخنا العربي الاسلامي الحديث.

ولكن وبكل أسف ليس فقط الامريكان والاسرائيليون لم يعرفوا او لم يريدوا ان يبينوا هذه الناحية في شخصية سيد المقاومة ولكن كذلك قياداتنا الفلسطينية السياسية لم تدرك قيمة ما تمثله قيادة بمثل اخلاق ومواصفات نصرالله بابتعاده التام عن أية اهواء شخصية، واقول السياسية لان محمد ضيف بخروجه علينا اثناء العدوان لاقل من 4 دقائق كان نموذجا قياديا فلسطينيا احبه الناس لما لمسوه في كلامه من تواضع القائد العظيم ولكن الحازم والحاسم في كلامه الذي دخل قلوب الناس لصدقه في الاخلاص لقضيتهم ولمصداقيته. ولكن لسوء حظنا كفلسطينيين اننا لم نحظَ بنظير له يمتلك بنفس الروح والتوجه على المستوى السياسي كما هو الحال لدى حزب الله لكن للانصاف يتوجب علينا ان نميز مواقف القيادي في حماس المناضل محمود الزهار، الا انه ليس من يتربع على اعلى الهرم التنظيمي في تنظيمه حماس.

فبكل أسف ما أن هدأت المدافع حتى انفلتت بعض الالسن عبر الاعلام بالتهجمات والسجالات التي طغت على السطح بصورة مخزية، كادت ببشاعتها ان تطغي على حلاوة انتصار شعبنا في غزة. فقد بدا لنا جليا من اي معدن قيلدي مختلف هو خالد مشعل، حين شكر وامتدح دور قطر واميرها في التصدي للعدوان على غزة وكأنه خالد بن الوليد في زمانه واردوغان، حليف اسرائيل وامريكا والعضو في حلف الناتو والذي حين توقفت شركات الطيران الاوروبية بل حتى الامريكيه عن الهبوط في مطار اللد اثناء العدوان على غزة لم تتوقف طائراته التركية عن نقل السياح من والى اسرائيل، كدنا من فرط مديحه له ان نظن بانه كان الراعي الاقليمي الذي قدم السلاح والتدريب ليتحقق انتصار غزة!

هذا المستوى لتلك القيادة وفر مناخا ومدخلا مريحا لمن هو بالمقلب الآخر كمشروع وكمستوى تفاوضي وتفاوضي، وكنهج امني وتنظيمي يوفر ارضية خصبة لنمو شبكات العملاء، فارتفع صوت ابو مازن ثانية ليقطف ثمار صمود الاهل في غزة وكأنه هو بنهجه التفاوضي (التفريطي بثوابت شعبنا الوطنية والنابع من موقف الضعف) قد حقق النصر المؤزر لشعبنا. بعد تجربة المفاوضات العبثية التي اقل ما يقال عنها انها اضاعت من عمر قضيتنا النضالي ما يزيد عن ربع قرن كان متوقع من رئيس بعد ان كان فشله واضحا لدرجة انه هو نفسه اقر به، ان يتنحى جانبا ويقر بفشل نهجه. لكن ما يحصل بكل اسف هو امر لا يمكن له ان يتم الا في وضع يسود فيه الفساد. اذ انه بالوضع الطبيعي لاي مجتمع، يحاول ان يكون متعافيا خاليا من الامراض، وحين تفشل قيادته باداء دورها، فانها اقله تقال وتعزل ان لم تحاكم على ما تسببت به من اضرار.

اما ما يحصل من عودة لصورة التجاذبات والسجالات والاعتقالات المتبادلة بين فتح وحماس والتي تثلج رؤيتها قلب الاعداء، هو تحصيل حاصل لمن ربط مشروعه من جهة بالاستجداء والتباكي لتحصيل ما يمكن تحصيله من رواتب ومن جهة اخرى من لم يستفد من اخطاء حركة الاخوان المسلمون باتبعها لنهج انتهازي حاولت عبره "الاستفاده" حتى من الامريكان هذا ان لم نقل ان انتهازية بعض قياداتها على الاقل وصلت لدرجة التنسيق مع الامريكان بما يخدم مشاريعهم في المنطقه والفشل الذريع الذي حققته، بينما بالمقابل لم تستفد قيادة حماس السياسيه، كما فعل ذراعها العسكري، من نهج الثورة الاسلامية في ايران التي رغم ضعغها الطبيعي في بداية انتصارها قبل قرابة 35 عاما الا انها ادركت منذ ذلك الحين ان هنالك امور مبدئية واضحة لا يمكن المساومة عليها. فكانت خطوة طرد السفير الااسرائيلي من الخطوات الاولى واستلم الفلسطينيون مبنى السفارة الاسرائيلية بطهران وتم الاعلان جهارة ان امريكا هي الشيطان الاكبر لانها ببساطة بكل سياساتها تهدف الى استغلال المنطقة واهلها ونهب خيراتها ولانها القوه الاساس وراء اسرائيل ودورها الهدام للمنطقه وشعوبها. تماما كما ان كل محاولات واغراءات اسرائيل الهائلة على مدى عشرات السنين لم تثنِ القائد الكبير فيدل كاستروا عن موقفه المبدئي ولم تجعله يقيم اي علاقات مع اسرائيل.

ولتنظر حماس أين وصلت ايران بهذا النهج حيث التقدم جارٍ على قدم وساق في كل المجالات والميادين وأين وصل الاخوان بنهجهم الانتهازي والمتذبذب بالقضايا المبدئية وأين ستصل حماس بارتباطها الوثيق باعوان امريكا قطر وتركيا. وبالمقابل فان انتهازية محمود عباس بالتودد للامريكان والتقرب لانظمة السعودية والامارات ومصر تجعله يعتقد انه سيكون بوضع افضل يمكنه بالاضافة الى "رضى" اسرائيل عليه، مقارنة بحماس، من تحقيق سيطرته التامه على معبر رفح وما سيتم من اعمال اعمار لغزة!! اوليس بهذا المستوى من التجاذبات والتحالفات ما يؤلم؟ خاصة وان من سيتم المراهنة على اوضاعه الصعبه ومعاناته هو ليس سوى الاهل الابطال اهلنا في غزة.

يجب ان لا يسمح بهذا ان يتم. فبعد الانتصار في غزة يجب ان لا يسمح لاصوات تذكرنا باصوات السنيوره في لبنان بان تعلو وكما استفدنا من تجربة حزب الله القتاليه يجب ان نستفيد ايضا من الاسلوب الحكيم الذي تعامل به مع من كانوا وما زالوا مرتبطين ومرتهنين لقوى خارجيه لا يهمها لا لبنان ولا مصلحة اهله.

لقد برز دور باقي الفصائل الفلسطينية بموقفها الميداني الموحد اثناء العدون على غزة وعلى رأسها حركة الجهاد الاسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.على هذه الفصائل جميعا وباقي القوى الحريصة على قضيتنا العادله تقع مسؤولية عدم السماح، بأي شكل من الاشكال، باستغلال معاناة شعبنا واطالة هذه المعاناة عبر تلك السجالات والمواقف الانتهازية. حين يتعلق الأمر بالأهل في غزة وما يجب ان يتوفر لهم من فتح للمعابر واعادة الاعمار، يفترض بكل الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها تلك التي شاركت في صد العدوان وقدمت التضحيات، ان لا تكتفي بابداء المواقف الخجوله سواء من ممارسات فتح او حماس بل يجب ان يتم التعامل مع هذا المظهر المخزي بحزم وسرعه ومسؤوليه وبدون اي تواني بل ان شعبنا يتوقع من كل الفصائل ان تاخذ دورها المسؤول وتبدع في التعامل مع هذا الوضع المسيء. ما نرجوه هو ان نرقى بمستوى التعامل مع هذا االمظهر التعيس الى مستوى يقارب المستوى الذي اظهره مقاتلو غزة الشجعان في تصديهم للعدوان.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net


مقالات متعلقة