الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 23 / أبريل 19:02

نحن عرب أقحاح قبل ظهور المسيحيّة ولا تناقد بينهما/ بقلم: رامي خوري

كل العرب
نُشر: 18/09/14 10:59,  حُتلن: 17:20

رامي خوري في مقاله:

نفهم من المعطيات أن الخدمة في الجيش لم تعطِ للمعروفيين قيمة زائدة اقتصادية أو تعليمية كما يدّعي دعاة التجنيد

العرب المسيحيون هم جزء لا يتجزأ من الشعب العربي الفلسطيني كانوا وسيبقون شعلة نيّرة وفعّالة في مجتمعنا

نحن عرب قبل أن نكون مسيحيين لا تغرّنكم القشور بل حافظوا على هذا التاريخ المشرّف لنكن خير سلف لخير خلف

من منّا ليست له عائلة مهجرة بسبب النكبة بخلاف انتمائنا الديني؟ أكثر من 400 قرية عربية هجّرت وهدمت إبّان النكبة وبعدها وما زال الغبن قائما حتى اليوم

ابقوا على العهد وأَخرِجوا سَرب دعاة التجنيد المشؤومين من بينِنا فلهم أسيادهم وسيسجّلهم في كتاب "العرب الجيدون" في طبعته القادمة ولكم ولنا أزاهر فلسطين

قال جبران خليل جبران:
وَيلٌ لامةٍ تكثر فيها المذاهب والطوائف ....
طلع علينا منذ قرابة العامين مروّجو التجنيد لجيش الاحتلال الإسرائيلي بدعوتهم للشبان المسيحيين على التجنّد للجيش بحجّة الحصول على فتات من الوظائف والامتيازات السخيفة، وحماية المسيحيين، واختراعهم لفِرية القومية المسيحية التي لا مثيل لها في العالم غير أرض السمن والعسل؛ فقد سمعنا عن قوميات وأديان مختلفة، أما عن قومية مسيحية! فيا للعجب! وكانت الحلقة الاخيرة من المسلسل دعوة وزير الداخلية ساعر وبوساطة كاهن التجنيد جبرائيل ندّاف الى الانتقال من القومية العربية الى القومية الآرامية، واذ نؤكد على أنّها مخطّط سلطويّ يروّج له بواسطة دعاة التجنيد المأجورين بهدف تفريقنا كشعب واحد واعتبارنا مجموعة طوائف من خلال التحريض البغيض وبث المعلومات المغلوطة أو المنتقاة والتي تكشفها الغالبية الساحقة من أبناء شعبنا، وتقوم هذه الدعاية على إيهامنا بوجود عدو من بيننا؛ معتقدين أنّنا نجهل التمييز الحاصل ضدنا على أساس قوميّ منذ قيام الدولة حتى اليوم وبعده.

هل ننسى النكبة وتهجير أهالينا وهدم أكثر من 400 قرية عربية؟ وهل ننسى تضييق الخِناق على القرى العربية الباقية في الداخل؟ هل تم بناء أو زيادة ولو قرية عربية واحدة جديدة منذ قيام الدولة؟ تعمل السلطة على طمس هويتنا والتعامل مع لغتنا على أنها دخيلة على هذه البلاد، وعلى إقصائنا من جميع المراكز ذات التأثير على مستقبل البلاد، ويتمّ التعامل معنا على أنّنا أُناس درجة ثانية، فهدم البيوت بحجّة عدم الترخيص مع أن الحكومة تمنع زيادة مسطّح الأراضي التابعة للمدن والقرى العربية معضلة لا تستند على منطق، بل على بغضاء. هل تذكرون كم مرّة هُدمت قرية العراقيب؟ أكثر من 63 مرّة! سيسجل التاريخ هذا الظلم في كتاب جينيس للأرقام القياسية، وفي المقابل فإننا أبطال الفقر والعاطلون عن العمل في هذة البلاد، نحن أبطال الوفيات جراء حوادث السير!! يا للمفارقة.

تؤكّد لنا كل الإحصائيات الرسمية لدائرة الإحصائيات المركزية الإسرائيلية من خلال المقارنة بين المسيحيين وأبناء الطائفة المعروفية الذين يخدمون في الجيش قصرًا ميل نتائج التحصيل العلمي لصالح المسيحيين. فنتائج امتحانات البجروت التي تجيب على طلبات الجامعات هي 61% للمسيحيين مقابل 45% للمعروفيين. نسبة المتعلمين المسيحيين في المعاهد العليا الإسرائيلية هي 1.9 % من مجمل الطلاب، أي 5400 طالب. و نسبة المتعلمين المعروفيين في المعاهد العليا الإسرائيلية هي 1.6 % من مجمل الطلاب، أي 3600 طالب، مع العلم أن عدد السكان من أبناء الطائفة المعروفية يزيد بقليل عن عدد السكان من أبناء الطائفة المسيحية العربية في البلاد.

هذه هي إحدى أهم المقارنات التي إن دلّت فهي تدل على كذبة الاستفادة من الخدمة في الجيش، كما أن مصادرة الأراضي من القرى الدرزية مشابهة لمصادرتها من قرانا العربية؛ فمن منكم لم يسمع عن قضية أرض المنصورة في السنوات القليلة الماضية؟ ونسبة العاطلين عن العمل متشابهة. نفهم من هذه المعطيات أن الخدمة في الجيش لم تعطِ للمعروفيين قيمة زائدة اقتصادية أو تعليمية كما يدّعي دعاة التجنيد.

زد على ذلك أنّ نسبة المتسرّبين من الخدمة في الجيش من أبناء الشعب اليهودي تصل الى أكثر من 25% للرجال و50% للنساء؛ فكيف لنا أن نقتنع بفرية التجنيد بعد كل ذلك؟

أخواتي وإخوتي أبناء شعبي الصامد، إن العرب المسيحيين هم جزء لا يتجزأ من الشعب العربي الفلسطيني كانوا وسيبقون شعلة نيّرة وفعّالة في مجتمعنا، لنا ما عليه وعلينا ما له. إنّ القواسم المشتركة بين أبناء الشعب الواحد – الوطن الواحد كثيرة جدًا أولها وأهمها اللغة العربية الأصيلة، ثم تأتي العادات والتقاليد، والمسكن، وحبّ الوطن والأرض. فمن منّا ليست له عائلة مهجرة بسبب النكبة بخلاف انتمائنا الديني؟ أكثر من 400 قرية عربية هجّرت وهدمت إبّان النكبة وبعدها وما زال الغبن قائما حتى اليوم، وأكبر مثال على ذلك مهجّرو القرى المجاورة للناصرة (صفورية، معلول، المجيدل، طبريا) ونستذكر باللأخص القريتين المسيحيتين الوادعتين "إقرِث وبرعم" اللتين دُمّرتا أمام أعين أهاليهما بطائرات جيش الاحتلال الإسرائيلي بعد قيام دولة إسرائيل، فقرية إقرِث قُصفت ليلة عيد الميلاد 24-12-1951 نعم ليلة عيد الميلاد، ولم يعد أهلها إليها حتى يومنا هذا على الرغم من صدور قرار من مجكمة العدل العليا بعودتهم!!

إن العرب موجودون في الشرق من قَبل التاريخ، تنصّر منهم العديد من القبائل العربية "كالغساسنة والمناذرة" وكان لشخصيات فذّة عربيّة مسيحيّة الأثر على التطور التاريخي للعرب في الشرق، أذكر منها:

أ. في الشعر العربي، كان أشهر شعراء الجاهلية العرب "أمرئ القيس" عام 565 صاحب معلقة (قفا نبكِ من ذكرى حبيب ومنزل)، الزير سالم الملقب "أبي ليلى المهلهل" لأنه أول من نسج الشعر عام 532 ومغامراته المشهورة ، و"حاتم الطائي" رمز الكرم العربي.
ب.اللغة العربية، القس"ساعِدة الأيادي" الذي كان يُلقي خطاباته ومواعظه في سوق عكاظ في مكة، وعظماء اللغة العربية في العصر الحديث كواضع معجم المنجد الأصلي للّغة العربية للطلاب عام 1908م الراهب الأب "لويس معلوف".
ت. روّاد القومية العربية في العصر الحديث كالمؤرّخ العملاق "قسطنطين زريق" وكان أشهر كتبه "الكتاب الأحمر" الذي اعتبر آنذاك ميثاق القومية العربية 1936 ، جرجي زيدان 1909-2000 الذي ألّف روايات التاريخ الإسلاميّ و ميشيل عَفلق مؤسّس حزب البعث العربي.
ث. الموسيقى والغناء، أمثال الرحابنة العظماء والسيدة "فيروز" صاحبة الصوت الملائكي الذي نصحو على صوتها كل صباح، والذين بكوا القدس وبيسان ولبنان...
ج. أصحاب المواقف الوطنية، الأكثر تأثيرا على جماهيرنا العربية الباقية في وطنها أمثال فؤاد نصّار الذي أعلن عن قيام دولة فلسطينية في غزّة عام 1948، حنّا نقارة محامي الهوية والأرض، إميل توما المؤرّخ الفلسطيني بامتياز، إميل حبيبي إميل طوبي...
ح. قيادات الخارج الفلسطيني، أمثال د. "جورج حبش" مؤسّس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، "نايف حواتمة " مؤسّس الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين.
خ. الفن، رائِده "نجيب الريحاني" مؤسّس المسرح المصري والسينما المصرية، وأعظم مخرج في العالم العربي على الإطلاق "يوسف شاهين".
د. الفلسفة، "جبران خليل جبران"، "إدوارد سعيد " صاحب نظرية الاستشراق.
ذ. الأدب، الكاتب "حنّا مينا" السوري ، وابن الناصرة "خليل بيدس" "خليف" 1874-1949 صاحب مجلة النفائِس وصاحب أول رواية فلسطينية، مي زيادة، ميخائيل نعيمة، إيليا أبي ماضي....

أخواتي واخوتي الكرام ، نحن عرب قبل أن نكون مسيحيين. لا تغرّنكم القشور بل حافظوا على هذا التاريخ المشرّف، لنكن خير سلف لخير خلف، ابقوا على العهد وأَخرِجوا سَرب دعاة التجنيد المشؤومين من بينِنا فلهم أسيادهم وسيسجّلهم في كتاب "العرب الجيدون" في طبعته القادمة ولكم ولنا أزاهر فلسطين.

ويكمل جبران قائلا:
ويلٌ لأمةٍ تلبسُ مما لا تنسج، وتأكلُ مما لا تزرع، وتشربُ مما لا تعصر، ويلٌ لأمةٍ تحسبُ المستبد بطلا، وترى الفاتح المذل رحيمًا.

الكاتب هو رئيس الهيئة التمثيلية للطائفة الارثوذكسية في الناصرة

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة