الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 20 / أبريل 00:02

البطة العرجاء/ بقلم: وديع عواودة

كل العرب
نُشر: 19/09/14 11:30,  حُتلن: 13:57

وديع عواودة في مقاله:

 العدوانية المتفشية داخل المجتمع العربي انذرت التوسع والتسبب بما فشلت به إسرائيل حتى الآن في تحقيقه من ناحية تفتيته واختراقه وإشغاله بإطفاء حرائق وبتناقضات غير رئيسية

الصورة الحمراء للجريمة هي مرآة لتداعي جبهة داخلية أهملتها الفعاليات السياسية والأهلية لصالح الكنيست ومواجهة العنصرية في إسرائيل وهذه بلا شك جزء من المشكلة من ناحية تبني الشرطة مقولة " بطيخ يكسّر بعضه" 

سبق وقررت لجنة "المتابعة" في بدء ولاية محمد زيدان الثانية عام 2009 مواجهة العنف المستشري فتمت مشاورات مع بعض المثقفين وأطلقت للفضاء بعض التصريحات وتكررت البيانات وعلى الأرض زادت الظاهرة

تقتضي كل معالجة مجتمعية جماعية جدية لمثل هذه الظاهرة توفير ميزانيات ملائمة وطواقم خبراء ومهنيين تجمعهم خطة مداها طويل تسندها الفعاليات السياسية والثقافية والشبابية

لن يكتب النجاح حتى لهذه المبادرة إن لم تتغيّر الرؤية والتوجهات والأولويات بحيث تكون الأولوية للقضايا الحياتية الداخلية،للحقل وللزراعة والاستثمار بها

تدلّل قراءة التحولات الشاملة (الديموغرافية،المعيشية الاقتصادية والفوارق الطبقية والمؤثرات الاجتماعية المحلية والعالمية وغيرها) أن العدوانية المتفشية داخل المجتمع العربي انذرت التوسع والتسبب بما فشلت به إسرائيل حتى الآن في تحقيقه من ناحية تفتيته واختراقه وإشغاله بإطفاء حرائق وبتناقضات غير رئيسية.

القلاع تحتل من داخلها وما نشهده يشي بتطابق المثل مع واقع الحياة كما هو الحال مع موضوع العربية فهي تواجه خطرا داخليا(غزو العامية والأعجمية والعبرية وتهميشها بأيدينا وداخل مؤسساتها وبتخاطبنا) أشد من مخططات خارجية لنزع صفتها لغة رسمية في إسرائيل.

هذه الصورة الحمراء للجريمة هي مرآة لتداعي جبهة داخلية أهملتها الفعاليات السياسية والأهلية لصالح الكنيست ومواجهة العنصرية في إسرائيل وهذه بلا شك جزء من المشكلة من ناحية تبني الشرطة مقولة " بطيخ يكسّر بعضه" والتمييز بميزانيات التربية والتعليم والرفاه وغيره. لكن الشرطة الإسرائيلية تملك قسما هاما من الحل وهناك سلوكيات وظواهر اجتماعية قريبة من العنف لا تكافح بالردع والقانون فحسب.

بدأت بالأسبوع الماضي لجنة مكافحة العنف المنبثقة عن " المتابعة "،برئاسة عضو الكنيست السابق طلب الصانع بالتحرك من أجل "قطع رأس الغول" وقطع دابر العنف المستشري بأدوات متقادمة أكل عليها الدهر وشرب وأفعال أخرى. وسبق وقررت لجنة "المتابعة" في بدء ولاية محمد زيدان الثانية عام 2009 مواجهة العنف المستشري فتمت مشاورات مع بعض المثقفين وأطلقت للفضاء بعض التصريحات وتكررت البيانات وعلى الأرض زادت الظاهرة كما وخطورة كما كان متوقعا من عمليات محاربة طواحين الهواء.

تقتضي كل معالجة مجتمعية جماعية جدية لمثل هذه الظاهرة توفير ميزانيات ملائمة وطواقم خبراء ومهنيين تجمعهم خطة مداها طويل تسندها الفعاليات السياسية والثقافية والشبابية. بدون ذلك تبدو محاولاتنا المتكررة هذه صبيانية أو " لرفع عتب " باللجوء لما هو سهل ومريح ويؤّمن منصة وعنوانا صحفيا للقيمّين على مكافحة الجريمة بسيف من كرتون. لن يكتب النجاح حتى لهذه المبادرة إن لم تتغيّر الرؤية والتوجهات والأولويات بحيث تكون الأولوية للقضايا الحياتية الداخلية،للحقل وللزراعة والاستثمار بها.

وحتى نكون جديين من غير المعقول أن تبقى لجنة متابعة التعليم العربي لجنة حزبية و"بعثية" خطابها خشابي ومتكلس دورها هامشي ورد فعل هنا دون رعاية مشروع تربية اجتماعية حقيقي في المدارس العربية بمشاركة كل الجهات من الوزارة حتى لجان الآباء. هذا يعني إعادة الاعتبار للميدان وتحريره من طغيان البرلمان والرهان على الكنيست وهي رغم أهمية وجودنا هناك ليست سوى منصة لـ " توك شو " ولفشة خلق تكون عاينا وليس لنا أحيان كثيرة.

هذه بالأساس مهمة الأحزاب السياسية التي تهرب أحيانا من مسؤولياتها بتعليق القصورات على أكتاف " المتابعة " وكأنها لقيطة بلا أم وأب معروفين أو كأنها مكونة من مركبات أخرى أو من كوكب آخر أو جبل للمصائب نراكم فيه فشلنا ونستريح. هذا يعني البدء بإنهاء المهزلة السائدة اليوم في الحكم المحلي من خلال تكريس الطاقات نحو بناء فروع حزبية حقيقية،لا مخترات عصرية، وتشجيع الحراك الشبابي حتى تكون جاهزة للمشاركة في الانتخابات المحلية وانتداب من هم مبصرون ويتحملون المسؤولية ويخضعون للمسائلة والمحاسبة. تبدأ مسيرة التغيير عندما تتوقف الرؤية للسلطة المحلية في كافة المدن والقرى العربية كـ " بقرة حلوب " وتصبح رافعة للتغيير تحفظ مقدراتها من النهب والهدر وتحمى من لصوص داخلها وخارجها وتستثمر فعلا في التربية على التسامح وقبول الآخر وتبذ الفرض الديني، والتعليم والثقافة والرفاه. عندما تكاد تخلو البلدة العربية من فعاليات ثقافية ورياضية منظمة وتقتصر فعالياتها الاجتماعية على حفلات زفاف مرهقة ومملة ومكلفة تزداد الجريمة وينتصر الشارع على المركز الثقافي. ومهمة الأحزاب ومنظمات الشباب والمجتمع المدني باتت أيسر لما يتيحه الانترنت من قدرات على التنظيم والتعبئة وتوفير المعلومات. هزيمة الأحزاب العربية في الانتخابات المحلية الأخيرة جاءت نتيجة خلل فيها بالأساس والجمهور الواسع اضطر لمعاقبتها ببدائل غير جديرة ولصالح أفراد أو رؤساء سابقين منتهية صلاحيتهم. المجتمع العربي في حراك ويمكن إعادة تنظيم صفوفه واستثمار طاقاته وترتيب أولوياته بالتفاعل الحقيقي والمكلف معه وليس بـ " الهيلمات " فالضحك على كل الناس كل الوقت مهمة غير ممكنة،ومن يراهن على الشباب والصدق في العمل رهانه رهاننا رابح وبهم نلج طريق التجدد والإصلاح ومواجهة الجريمة والتخلف. المجتمع العربي يستحق قيادة سياسية أفضل تؤثر الوطن على الحزب وتشارك بتكريس العمل الجماعي تحت قيادة وطنية مركزية تتمثل بلجنة متابعة سليمة مع رؤية وقدرات وأدوات وليست كما هي اليوم عاجزة وهي كلجان أخرى لدينا بطة عرجاء. 

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة