الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 24 / أبريل 09:02

داعش.. اليافطة التي تظهر تحتها أمريكا/ بقلم: سليمان ابو ارشيد

كل العرب
نُشر: 20/09/14 14:05,  حُتلن: 18:35

سليمان ابو ارشيد في مقاله:

كم قتل القذافي؟ وكم قتلت بوارج أمريكا خلال العدوان على ليبيا

وكم "نهب القذافي" وكم نهبت أمريكا ودول الأطلسي من خيرات النفط الليبي؟

قد تمتد البؤرة لتخريب وتفتيت المشرق العربي على طريق تحويل الوطن العربي الكبير الى طوائف وقبائل سابقة على عهد الجاهليّة

إيران تقف هذه المرة في الطرف الخاسر ربما بفقدان دولة حليفة لها مثل سوريا وتداعيات ذلك على لبنان وحزب الله الأمر الذي يهدد بتحجيم دورها في المنطقة

"لا يأتي شيء من الغرب يسر القلب"، مثل حفر اسلافنا في وجدان الموروث الشعبي وفي نفوس السلف الصالح ليختصر علاقتنا بالغرب الاستعماري على اختلاف عصورها، بدءًا بالحملات الصليبية وصولا الى الاستعمار القديم بزعامة بريطانيا وانتهاء بالاستعمار الحديث الذي تتصدره أمريكا وما زال يهيمن على بلداننا وخيراتنا.

لا حاجة بنا الى التفتيش كثيرا في بطون التاريخ لإثبات ذلك، فأمثلة العراق وافغانستان وليبيا ما زالت ماثلة أمامنا، ومثلما جندت أمريكا العالم وفي مقدمتهم العرب العاربة ودمرت بلدًا عربيًا هو العراق وبلدًا اسلاميًّا هو افغانستان، تحت يافطة محاربة القاعدة غير آبهة بقتل ملايين البشر من الاطفال والنساء والرجال خدمة لمصالحها الاستعمارية وحماية لأمن ربيبتها اسرائيل، ها هي تعود بعد أن تعافت من آثار حروبها تلك الى المنطقة وهذه المرة تحت يافطة محاربة إرهاب داعش.

ها هو التاريخ يعيد نفسه في نفس الجغرافيا فأمريكا التي أنشأت تحالفًا عالميًّا، تحت ستار محاربة القاعدة ووظفته لتدمير بلد عربي وتحطيم هياكل دولته الحديثة واعادة هيكلتها على أسس طائفية مذهبية تعيد الكرة مرة أخرى، وهي تنشئ تحالفًا عالميًّا يتقدمه أيضا العرب العاربة، ويتستّر بمحاربة داعش هذه المرة، في حين أن مهمّته الأساسيّة هي استكمال مخططها ضد المنطقة عبر اتمام مهمة تحطيم الدولة السورية وتقسيمها مذهبيًّا، الأمر الذي سيمتد تلقائيًّا الى لبنان في اطار بلقنة الشرق الأوسط وهو المخطط الذي استغل ما يسمى بالربيع العربي لتنفيذه وجاري العمل عليه في المشرق العربي عبر بؤرة العراق – سوريا وفي المغرب العربي عبر بؤرة ليبيا.

وفي ليبيا فقد رأينا وما زلنا بأم أعيننا نتيجة التدخل الأطلسي الذي رعته أمريكا وماذا جرى لليبيا بعد قطع رأس الدولة وتحطيم هياكلها وتحويلها الى قبائل و"عصابات كل مين أيده إله". لقد جرى ذلك تحت ستار"هدف نبيل"، لأول وهلة، وبطلب وإجماع جامعة الدول العربية لإنقاذ الشعب الليبي من "براثن الطاغية القذافي" ونصرة لـ"الثورة الليبية". وبالمحصلة كم قتل القذافي؟ وكم قتلت بوارج أمريكا وقاذفات الأطلسي خلال العدوان على ليبيا، وكم "نهب القذافي" وكم نهبت أمريكا ودول الأطلسي من خيرات النفط الليبي؟ وكيف كانت ليبيا في عهد القذافي وكيف هي ليبيا اليوم؟.

ليبيا اليوم هي مرتع للعصابات المسلحة التي تقوم على أساس مناطقي وقبلي وهي بؤرة يراد لتداعياتها أن تمتد الى مصر والجزائر وتونس لتخريب المغرب العربي وتفتيته، مثلما أريد لبؤرة العراق- سوريا أن تمتد الى لبنان والأردن، واليمن فيها ما يكفيها، لتخريب وتفتيت المشرق العربي على طريق تحويل الوطن العربي الكبير الى طوائف وقبائل سابقة على عهد الجاهليّة.

داعش هي اليافطة التي تظهر تحتها أمريكا، المستدعاة هذه المرة من "العرب" أنفسهم، تظهر بمظهر مخلص العرب من "جاهليتهم" الداعشية أو "اسلامهم الداعشي" الذي يذبحهم بسكينهم باسم الدين وباسم دولة الخلافة. طائرات الأطلسي وبوارج أمريكا ستدخل هذه المرة "بحر العرب" وبرهم لإنقاذهم من "دينهم وديدنهم" لا لتأخذ دينارهم ونفطهم. تماما كما تم الاستنجاد بها بليبيا لإنقاذ " الثورة".

بعد سنوات من الاستنكاف "رغم الاستنجاد والاستغاثة" ستدخل بوارج أمريكا وطائرات الأطلسي لإنقاذ ما لم تنقذه خلال احتلالها للعراق وانقاذ ما لم يتم انقاذه بعد في سوريا، وحاشا أن نقول الإجهاز على ما تبقى من العراق والاجهاز على ما لم يتم بعد الإجهاز عليه بعد في سوريا.

وكما حدث خلال الحرب على العراق حيث العرب يحطمون "الهتهم بايديهم"، يقف شركاؤهم وأعداؤهم ومنافسوهم في المنطقة، رغم التفاوت والتباين وطبيعة العداوات والصداقات، تركيا، اسرائيل وإيران متفرجين رافضين أو مرفوضين، من التدخل بانتظار أن تضع هذه الحرب أوزارها ليروا كيف سيتم توزيع غنائمها.علما أن إيران التي استفادت من احتلال العراق بانزياح دولة اقليمية مجاورة ومنافسة ومعادية لها الأمر الذي ساهم موضوعيًّا في تعظيم دورها في المنطقة ومد نفوذها داخل العراق المحتل، تقف هذه المرة في الطرف الخاسر ربما بفقدان دولة حليفة لها مثل سوريا وتداعيات ذلك على لبنان وحزب الله، الأمر الذي يهدد بتحجيم دورها في المنطقة.

اسرائيل هي الرابح الأكبر هذه المرة أيضا، مثلما كانت الرابح الأكبر في الحرب الأولى، وهذه المرة قد تتخلص من سوريا وحزب الله ومن "العالم العربي كله" بضربة واحدة والى الأبد. أما تركيا التي رفضت توظيف أراضيها واجوائها لصالح هذه الحرب مثلما فعلت في الحرب على العراق فإن أمريكا ستقوم نيابة عنها بما عجزت به خلال سنوات ثلاث بتخليصها من نظام بشار الأسد وتسييدها ربما على العراق وسوريا بعد تحويل اراضيهما أو أجزاء منها الى محميّات عثمانيّة.

واذا كان هناك من يعتقد أن أمريكا تنشئ تحالفًا دوليًّا وتحشد بوارجها وطائراتها وتضع نطاقا زمنيًّا يصل الى ثلاث سنوات لحربها الجديدة لتنفيذ بضع ضربات جوية ضد داعش فهو ساذج.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net  

مقالات متعلقة