الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 17 / مايو 03:01

من الذي يهمس في أذن الإدارة الأمريكية؟ /بقلم:فيصل عباس

كل العرب
نُشر: 09/10/14 06:35,  حُتلن: 06:38

فيصل عباس في مقاله:

قد يكون كلام بايدن الذي اعتبر أن الإمارات والسعودية وتركيا هي من كان وراء تنظيم «داعش» الإرهابي بسبب الإصرار على الإطاحة بنظام الأسد صدر عن جهل أو عدم دراية

بعض هؤلاء المستشارين يهمسون في آذان المسؤولين بالنصائح الخاطئة والمعلومات المغلوطة وتفاجأ حين تقابلهم بمدى جهلهم واقتناعهم بالصور النمطية بدلاً من الوقائع على الأرض

بايدن تحديداً يعلم أكثر من غيره كم مرة حذرت السعودية والإمارات واشنطن من مغبة التردد الأمريكي في التعامل مع النظام السوري الذي ذبح أكثر من 150 ألفاً من شعبه وشرد الملايين

على الرغم من اعتذار نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن لدولة الإمارات العربية المتحدة، وحلفاء الولايات المتحدة عموماً، عن تصريحاته المثيرة للجدل التي أدلى بها مؤخراً حول دعم «داعش»، فإن في كلام بايدن مؤشرات خطيرة حول عقلية الإدارة الأمريكية الحالية ومستشاريها.

ففي أحسن الحالات، قد يكون كلام بايدن الذي اعتبر أن الإمارات والسعودية وتركيا هي من كان وراء تنظيم «داعش» الإرهابي بسبب الإصرار على الإطاحة بنظام الأسد صدر عن جهل أو عدم دراية، وهو أمر في غاية الخطورة لكوننا نتحدث عن نائب رئيس دولة تعد القوة الأكبر في العالم. وفي أسوأ الحالات، قد يكون كلام بايدن صادراً عن قناعة دفينة، ربما تجنب إبرازها سابقاً لتجنب مشاكل دبلوماسية مع الدول المعنية، وهذا سيناريو وارد للغاية حين تستمع لآراء بعض مستشاري الإدارة الأمريكية وموظفيها الإقليميين الذين يفترض أنهم «متخصصون» في قضايا الشرق الأوسط والعالم الإسلامي.

فبعض هؤلاء المستشارين يهمسون في آذان المسؤولين بالنصائح الخاطئة والمعلومات المغلوطة، وتفاجأ حين تقابلهم بمدى جهلهم واقتناعهم بالصور النمطية بدلاً من الوقائع على الأرض. وهؤلاء المستشارون والموظفون هم المسؤولون عن إقناع الإدارة الأمريكية بضرورة الارتماء في أحضان الإيرانيين بعكس نصائح كافة حلفاء واشنطن في المنطقة، والاكتفاء بمناقشة الملف النووي بدلاً من التحدث في تقليم أظافر طهران ولجمها عن تمويل وإدارة التنظيمات الإرهابية مثل عصائب أهل الحق في العراق، والعبث بالقضايا الداخلية لدول الجوار لها وإشعال النيران في لبنان وفلسطين واليمن وغيرها.

وهم الموظفون نفسهم الذين كانوا وراء الدعم غير المبرر لواشنطن لجماعة الإخوان المسلمين، والذين ما يزالون لغاية اليوم يقفون على الأطلال ويلتقون بأصحاب الميول الإخوانية في المنطقة ليمنحوا لهم الدعم ويتلقوا منهم النصائح حول كيف يتم التشكيك والتضييق على المحور الإماراتي-السعودي-المصري الجديد الرامي لنشر ثقافة الاعتدال والسلام في المنطقة، وانتشال الشعوب من حالة الضياع التي خلفها الربيع العربي ومن أرادوا استغلاله لترسيخ دولة الإسلام السياسي من المحيط إلى الخليج.
لكن هؤلاء لا يلامون، فهم إما أصحاب نظرة حاقدة لا تريد الخير والرقي للمنطقة، أو مدارون من قبل جماعات ضغط ومنظمات فكرية ممولة من قبل أعداء محور الاعتدال. لذلك، فإن من يلام وبلا شك هم المسؤولون الأمريكيون الذين قد يستمعون لهم، وأولهم جو بايدن الذي لا عذر له على الإطلاق، فهو سياسي دولي مخضرم لكونه كان عضواً في لجنة الشؤون الخارجية للكونغرس وهو من أكثر السياسيين دراية بتعقيدات منطقة الشرق الأوسط وقضاياها.

وبايدن تحديداً يعلم أكثر من غيره كم مرة حذرت السعودية والإمارات واشنطن من مغبة التردد الأمريكي في التعامل مع النظام السوري الذي ذبح أكثر من 150 ألفاً من شعبه وشرد الملايين، ويعلم كم من مرة تمت الإشارة إلى الأخطاء التي كان يمارسها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بحق السنة والتي أدت إلى تكوين بيئة خصبة لنمو تنظيم «داعش» في العراق.
عموماً، بإمكان بايدن توزيع الاتهامات وإلقاء اللوم على من يشاء والاستماع لمن يشاء، لكن إن أرادت الإدارة الأمريكية بحق أن تحل الأزمة الراهنة في المنطقة، فعليها أن تدرك أن لا حليف لها أفضل من حلفائها التقليديين. وعليها أن تدرك كذلك أن القضاء على تنظيم «داعش» لن يتم بإلقاء بضع قنابل أو إطلاق بضعة صواريخ من الجو، فكما أشار مقال حديث للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن فإن القضاء على «داعش» لن يشكل سوى الخطوة الأولى لحل مشاكل العراق، وعلى المجتمع الدولي معالجة القضايا التي تسببت في خلقه في بادئ الأمر.
والكلام نفسه يمكن أن يطبق على الوضع في سوريا، والخلاصة هي لا بد من القضاء على الظلم والطغيان في سوريا، والتأكد من عدم عودة خط وفكر المالكي للحكم في العراق.

نقلا عن صحيفة "الرؤية" الإماراتية

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net


مقالات متعلقة