الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / مارس 10:01

ماذا لا يتعظ العرب من اوروبا/ بقلم: د.صالح نجيدات

كل العرب
نُشر: 12/10/14 13:22,  حُتلن: 06:29

الدكتور صالح نجيدات في مقاله: 

شعوب العالم استقلت وقررت مصيرها بنفسها وتحررت من التبعية ولا تسمح لدول اخرى التدخل في شؤونها بينما ما زالت الشعوب العربية بالرغم من اعدادها الهائلة ومساحة جغرافيتها الواسعة وقوتها الإقتصاديه الهائلة من عائدات البترول،قابعة تحت الوصاية والتدخل الاستعماري

الأمة العربية يجب أن تتعظ من الشعوب الاوروبية متعددة القوميات واللغات التي توحدت وكونت الاتحاد الاوروبي وأصبحوا قوة اقتصادية وعسكرية كبيرة والحركات القومية والوطنية في الوطن العربي بحاجة ماسة للعمل على بلورة مشروع الوحدة العربية الذي ينبغي ان يمنح انجازه كل القوى السياسية وكل النخب الفكرية والثقافية في كل اقطار العرب

بدل ان تتوحد الأمة العربية في دولة واحدة وقوية، فهي تذبح ذاتها بأيديها، وهذا بحد ذاته يعتبر انتحارا، وهذه حالة نادرة في التاريخ، فالوطن العربي يشهد بركان ثائر من ثورات وتحركات وحروب أهلية ونزاعات منذ عشرات السنين ويسوده العنف والقتل والدمار والكراهية والتباغض، فشعوب العالم مستقرة وهادئة وتبني وتطور إقتصادها ومجتمعاتها وأبحاثهاالعلمية وتبني المدارس والجامعات من أجل مستقبل اجيالهم والعرب تهدم وتدمر اقتصادها وتذبح ابنائها وتشرد شعوبها بسبب الصراع على السلطة والاقتتال الطائفي البغيض ويا له من عار.
 
شعوب العالم استقلت وقررت مصيرها بنفسها وتحررت من التبعية ولا تسمح لدول اخرى التدخل في شؤونها، بينما ما زالت الشعوب العربية بالرغم من اعدادها الهائلة ومساحة جغرافيتها الواسعة وقوتها الإقتصاديه الهائلة من عائدات البترول، قابعة تحت الوصاية والتدخل الاستعماري السافر في شؤونها الداخلية وهذه القوى هي التي ترسم معالم مستقبلها وتحرك زعمائها كأحجار الشطرنج بحسب مصالحهم، وهذا كله بسبب وجود نظام عشائري فاسد يتحكم في البلدان العربية.

الأمة العربية تعاني من مشكلات اثرت على مصيرها ووحدتها ورسم معالم مستقبلها وهذه المشاكل هي :
المشكلة الاولى: هي كثرة الملل والأعراق والمذاهب والطوائف المركبة للمجتمعات العربية، وعدم صهرها في بوتقة واحدة وخلق المواطن الصالح صاحب الانتماء القوي لوطنه وأمته، الانظمة الحاكمة الفاسدة لم تعمل أي شيء في هذا المجال، وأهملت تعليم وتوعية مواطنيها وفرقت بينهم وهضمت حقوقهم وأقصتهم، فضعف انتمائهم للدولة فأصبح الانتماء للطائفة والمذهب وعندما حدث صراع بين الدولة والطائفة لنيل الحقوق المسلوبة للمواطنين، الإنتماء كان أقوى للمذهب وليس للدولة، والقوى الاستعمارية المعادية استغلت تركيبة المجتمعات العربية من قوميات وطوائف مختلفة فحرضتها على بعضها البعض وغذت بالفتن والسلاح والمال هذه القوميات والطوائف وأشعلت نار العصبية من اجل تفتيت الأمة العربية  لإشغالهم يبعضهم البعض ليتسنى لها نهب ثرواتهم.

المشكلة الثانية: وجود النفط والغاز تحت الارض العربية، فبدلا من أن تكون عائدات النفط والغازمن اهم عواملالغنى والقوة الإقتصادية وتطور ورفاهية الأمة وتقدمها، وان يكون لها ثقل استراتيجي في بناء بنية تحتيةقوية ومصانع ودعم لقضايا الأمة العربية، نجدها اصبحت أداة هدم وضعف الأمة وخرابها وتسلط الدول الاستعمارية على بلدانها والهيمنة على قراراتها السيادية وعلى ثرواتها، بل اصبحت اموال النفط وسيلة لمقاومة القوى الوطنية الشريفة وقمعها.

أما المشكلة الثالثة: تتمثل بأنظمة الفساد والظلم والاستبداد والتجويع والتركيع للشعوب العربية، وقوى العسكر التي استولت على بعض انظمة الحكم وخربت وهدمت اساس كيان الوطن العربي، ودمرت المجتمعات وقتلت العلماء والعلم والحرية والديمقراطيةوروح المبادرة وعملت على تربية اجيال جاهلة ومتخلفة ومهزومة، وزرعت الطائفية ومزقت أوصال الشعب الواحد، بحيث اصبحت لا تقوى على تقرير مصيرها ولا حماية اوطانها وعاجزة عن حماية مستقبلها.
ولذلك اصبح الوطن العربي ساحة للصراع الدولي والإقليمي فنجد مشروعا ايرانيا يحاول ان يفرض وجوده في كل الساحات العربية في العراق وسوريا ولبنان واليمن ومشروع تركي وأوروبي وأمريكي وروسي، كل هذه القوى تريد الاستفادة من الوهن العربي واستغلال ثرواته، فعندما يسقط الثور تكثر السكاكين.

الوطن العربي يقع في منطقة جغرافية هامة جدا ومتواصلة ، بالإضافة الى الشواطئ البحرية الممتدة على البحر المتوسط والبحر الاحمر وبحر العرب ، وصولا الى حدود الأطلسي، ويملكون مركزا استراتيجيا وسطيا على مستوى الكرة الارضية ، بالإضافة الى الممرات المائية الاستراتيجية كقناة السويس، وهذه الأمة توحدها اللغة والدين والثقافة والعادات والتاريخ والمصير المشترك، وتملك كما هائلا من النفط والغاز الاول على مستوى العالم ورغم ذلك فهم لا يملكون القدرة على توحيدهم في دولة واحدة وقوية يجمعون بها شتاتهم والقدرة على حماية اراضيهم ومقدراتهم ومستقبل ابنائهم ، بدلا من ان يكونوا مسرحا للصراعات الدولية.القوى الاستعمارية تعمل ليل نهار من أجل منع وحدة العرب خوفا من أن التاريخ يعيد نفسه ويعيد العرب وحدتهم ويصبحوا قوة تسيطر على باقي الامم.

الأمة العربية يجب أن تتعظ من الشعوب الاوروبية متعددة القوميات واللغات التي توحدت وكونت الاتحاد الاوروبي وأصبحوا قوة اقتصادية وعسكرية كبيرة، الحركات القومية والوطنية في الوطن العربي بحاجة ماسة للعمل على بلورة مشروع الوحدة العربية الذي ينبغي ان يمنح انجازه كل القوى السياسية وكل النخب الفكرية والثقافية في كل اقطار العرب. هذا المشروع يحتاج الى التخلص من كل المشاريع الفاشلة التي كنت في الماضي، ويتقدم نحو اطار واسع ومرن ، يستوعب كل مكونات الأمة الفكرية والسياسية والدينية والمذهبية ، ويصهر كل القوميات في مواطنة واحدة مبنية على المساواة والعدل والقانون ويستند الى مفهوم الاسلام الحضاري الواسع ، ويقدم فلسفة للكون كله يقوم على الوحدة والحرية والتسامح والمشاركة الحقيقية لكل مكونات المجتمع.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة