الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 13:01

ابعاد وإجلاء القاتل وأهله/ بقلم: د. صالح نجيدات

كل العرب
نُشر: 16/10/14 08:46,  حُتلن: 07:01

د. صالح نجيدات في مقاله:

إبعاد وفصل ذوي القاتل والمجني عليه خوفاً من أي احتكاك مباشر أو غير مباشر هي بمثابة الهدنة أي وقف الاقتتال

ترحيل عشرات العائلات لمجرد صلة القرابة مع القاتل غير منطقي وغير انساني وغير مقبول ويتعارض مع قوانين حقوق الانسان


عند وقوع جرائم القتل في مجتمعنا العربي، تقوم اللجنة القطريّة للإصلاح باتخاذ اجراءات وقائيّة، فترحل القاتل وأهله وإبعادهم من مكان سكناهم اذا كانوا من نفس القرية الى مكان خارج القرية، وإبعاد القاتل وأهله هي أحد أهم الاجراءات العشائريّة الوقائيّة التي تتم ممارستها عند وقوع الجريمة، وتطبقها في مرحلة انتقالية تهدأ خلالها النفوس الهائجة ولتسمح بعدها بالتدخلات لحل القضية وفق العادات والتقاليد العشائريّة كما أن من وجهة عمليّة فإنّ إبعاد وفصل ذوي القاتل والمجني عليه خوفاً من أي احتكاك مباشر أو غير مباشر هي بمثابة الهدنة أي وقف الاقتتال، والغاية منها حتى لا يكون " فورة دم " وردة فعل سريعة على حدوث الجريمة وإبعاد ذوي القاتل حتى لا يقوم ذوو القتيل بعمل مماثل ردا على جريمة القتل.

ويتطلب تطبيق الاجلاء أو الابعاد ترك المنازل وانتقال طلبة المدارس لمدارس أخرى والموظفين لدوائر أخرى وترك المزارعين أراضيهم، وأحيانا طلاق النساء اذا كانت مصاهرة بين أهل القاتل والمقتول، وهذا يخلق مشاكل كثيرة لهم وحياة شاقة وصعبة في مواقع تواجدهم الجديدة.

ترحيل القاتل وأهله منطقيًا ومقبول لحمايتهم من الانتقام، ولكن ترحيل عشرات العائلات لمجرد صلة القرابة مع القاتل غير منطقي وغير انساني وغير مقبول ويتعارض مع قوانين حقوق الانسان تحت مظلة القوانين والأنظمة والتطور القانوني الحديث، واعتقد أنّ النتائج السلبيّة التي تتركها قضيّة الاجلاء أو الترحيل صعبة جدا ولا يشعر بها إلا من جربها، وأتمنى من لجنة الاصلاح القطريّة التفكير بحلول بديلة بخصوص ترحيل أقارب القاتل ويقفوا من موضوع الاجلاء أو الترحيل وقفة جادة، فلا يمكن ان يتم ترحيل عشرات العائلات في وقت قصير من منطقة الى اخرى تاركين كل شيء ليبدأوا حياتهم من جديد بالبحث عن بدايات عيش جديدة. ألم ينظروا للإمكانات والقدرات للمرحلين ليدفعوا ثمن شيء لا علاقة لهم به؟ هذا يعني أنّ جريمة قتل يرتكبها شخص برعونة او قد تكون دفاعا عن النفس او قد تكون استفزازا او من غير قصد بساعة شر ستمتد شرورها دهورا وسيدفع ثمنها ابرياء لا ذنب لهم .

القاتل معروف والقانون سيطاله ويعاقبه ولا ادري لماذا يصر أهل المجني عليه معاقبة من لا علاقة له، حتى ما علاقة أب وإخوة وأبناء عم القاتل وكل الأقارب؟ يجب تحميل الذنب والمسؤوليّة الى القاتل فقط ليس إلا، وكما قال تعالى: "ولا تزر وأزره وزر أخرى". عامل الناس كيفما تريد أن يعاملوك، هل يرضى ذوو القتيل او يقبلون ان يكونوا مكان من سيرحلون بسببهم؟ ليفكروا قليلا قد يكونوا هم في مرحلة لاحقة، فلماذا لا نفكر بذلك !!!.

الابعاد والترحيل أو ما يسمى "الجلوة العشائرية" استعملت في حياة البادية قبل قرون من الزمن عندما لم تكن سلطه مركزيّة وشرطة وقانون والانتقام كان سيد الموقف، ولكن اليوم الحياة تغيرت بشكل جذري في مجتمعاتنا العربيّة ويجب أن نجاري تطورات الحياة وتمدن المجتمع من حياة البادية الى حياة الحضر والاستقرار.

في الماضي عندما سكن العرب في الخيام كان سهلا اقتلاع الخيمة ونصبها وإبعاد وإجلاء القاتل وعائلته الى مكان بعيد، لكن اليوم بعد أن اقيمت المباني فكيف يمكن ذلك؟ أعتقد أنّه لا توجد قوانين في العالم تسمح او تؤيد مثل هذه القضية وعلى لجان الاصلاح وكذلك افراد المجتمع ان يعوا ويدركوا المعاناة التي يتركها الابعاد والترحيل على الناس.
لا بد من وضع حد، وطالما أنّ القانون موجود فلا داعي لأن تفرض ارادات ذاتيّة على القانون، فالإبعاد والترحيل كان لها زمانها ونحن لسنا الان في زمانها واعتقد انه يجب ان تنتهي وان لا يسمح بها لما تتركه من معاناة على البشر. ترحيل وإبعاد الاقارب، يعتبر عقابًا شديدًا لأناس لا ذنب لهم، فارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة