الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 23 / أبريل 20:02

كفرقاسم... دمك المهدور ما زال وما زلنا نقاوم/ سليمان أبوارشيد

كل العرب
نُشر: 01/11/14 12:54,  حُتلن: 18:29

سليمان أبوارشيد في مقاله:

ريفلين معه حق أن لا يعتذر وكيف يعتذر عن فعل ما زال متواصلا انه يتواصل في غزة ويتواصل في القدس ويتواصل في كل بقعة من الوطن

كفرقاسم هي قصة شعب وهي شقيقة دير ياسين وصبرا وشاتيلا وقانا وبحر البقر وعشرات المجازر والملاحم التي تمتد على طول مسيرة الصراع العربي – الفلسطيني الصهيوني

من يريد اقتلاع كفرقاسم من السياق التاريخي للصراع العربي- الفلسطيني الاسرائيلي، ليسترعي كلمة أسف وبادرة عطف من رئيس دولة اسرائيل ريفلين أو سلفه شمعون بيرس، انما يخون دماء الشهداء الذين تم حصدهم بدم بارد برشاشات ما انفكت حتى يومنا هذ،ا تطلق وابل رصاصها باتجاه أبناء شعبنا في قطاع غزة والقدس وجنوب لبنان وعرابة وسخنين وكل بقعة يتواجد فيها الفلسطيني ويصارع على وجوده وكرامته.

ومن يعتقد أننا "عرب اسرائيل" وأن اطلاق النار علينا وقتلنا بدم بارد في كفرقاسم كان مجرد خطأ في التشخيص يمكن اصلاحه حتى بأثر رجعي، أو أن وضعيتنا كـ"عرب اسرائيل" تطورت منذ عام 1956 حينها كنا في طور الخروج من النكبة ونجثم تحت طوق الحكم العسكري، يجب أن يذكر شهداء يوم الأرض وشهداء انتفاضة الأقصى في اكتوبر 2000.

كفرقاسم هي قصة شعب وهي شقيقة دير ياسين وصبرا وشاتيلا وقانا وبحر البقر وعشرات المجازر والملاحم التي تمتد على طول مسيرة الصراع العربي – الفلسطيني الصهيوني، واعتذار ريفلين لن يكون له معنى اذا لم يشمل أخوات كفرقاسم واصلاح الأخطاء التاريخيّة التي ارتكبت بحق شعبنا، وكم بالحري عندما لا يشمل الاعتذار كفرقاسم نفسها.

كفرقاسم هي بلسان توفيق زياد قصة شعب وحديث ملاحم:

ألا هل أتاك حديث الملاحم
وذبح الأناسيّ ذبح البهائم
وقصّة شعب تسمّى
"حصاد الجماجم"
ومسرحها قرية
اسمها كفرقاسم
زياد يضع مجزرة كفرقاسم في موقعها الصحيح في التاريخ والجغرافية السياسية العربية والفلسطينية عندما يقول:

يقولون الدعيون والغاصبون
بأنا أقلية سوف تجلى
وإلا ستفنى اضطهادًا وذلاً
ولكن .. أقلية نحن ؟
كلا ...
ومليون، كلا !!
فنحن هنا الأكثرية
نسير شعوبًا تخوض المنون
وتبني سعادتها الأبدية
ففي مصر نحرق جيش الطغاة
ونغرقه في مياه القناة
وفي كل شبر بأرض الجزائر
تدور بأعداء شعبي الدوائر
وتلتهب الأرض ذات السرائر
وتنطق بالنصر أحلى البشائر
ونكتب تاريخنا في العراق
بسيل دم للحياة مراق
ونمضي : صدورا
تحدث رصاصا ونارا
وبعد تأكيد البعد القومي الذي كان حاضرًا بقوة في فترة ارتكاب المجزرة التي وقعت خلال العدوان الثلاثي على مصر يعود الشاعر الى نقطة البداية للصراع الى فلسطين ليجمل قائلا:

وفي هذه الرقعة الساحرة
هنا .. في الجليل الأبي وفي الناصرة
لنا وطن أثخنته الجراح
وروع طيره ذات صباح
وصار كسيرًا مهيض الجناح

لنا وطن راسف في القيود
وشعب تشرد عبر الحدود
ولكن ..
سنمضي بعزم شديد
لنرجع حقًا
أبى أن يعيد
سنرجعه من جديد
ومن لا يريد أن يعتمد توفيق زياد نحيله الى ما كتب الكاتب الاسرائيلي ب. ميخائيل في صحيفة "هارتس" هذا الاسبوع. ميخائيل أجرى مقارنة بين مذبحة " كيشينيف" التي ارتكبت ضد اليهود عام 1905 وراح ضحيتها 49 يهوديا وبين العدوان على غزة الذي ذهب ضحيته 2104 فلسطينيا تأكد حتى الآن أن من بينهم 1475 مدنيا بينهم 257 إمرأة و506 طفلا.

يقول الكاتب، في مذبحة "كيشينيف" التي قتل فيها بفظاعة 49 شخصا يهوديا لم تكف 100 عام وبحق لنسيانهم وفي العدوان على غزة قتل بلياقة وتقنية عالية 1475 مدنيا لم يمر شهرين حتى تبخرت ذكراهم ( اسرائيليا).
ويحار الكاتب لماذا لا يشكك أحد في رواية قتلهم؟ لماذا لا يبحث أحد في كيفية قتلهم؟ لماذا لا يطأطئ أحد رأسه خجلا لقتلهم؟ والجميع يختبئ خلف الادعاءات التي توفرها الدولة مثل، أنهم خبأوا مقاتلين واستخدموا كدروع بشرية وهي ادعاءات بائسة ووقحة، كما يقول، خاصة عندما تأتي من دولة يجثم مقر قيادة جيشها في قلب مدينة مكتظة بالسكان وعلى مرمى عصا من مستشفى كبير.

ريفلين معه حق أن لا يعتذر، وكيف يعتذر عن فعل ما زال متواصلا، انه يتواصل في غزة ويتواصل في القدس ويتواصل في كل بقعة من الوطن. اسرائيل لم تتغير أو تتراجع عن سياستها العدوانيّة تجاه شعبنا وريفلين ليس ديغول الذي وقّع على استقلال الجزائر وليس ديكليرك الذي وقع صك انهاء الأبرتهايد في جنوب أفريقيا وهو حتى لا يصلح ليكون رابين الذي وقع اتفاق أوسلو، المشؤوم بنظرنا، ويتعرض للشتم من قبل معسكر ريفلين وكما هو معروف فقد تعرض لأكثر من الشتم، لأنه وافق على مبدأ تقسيم ما يعرف بقاموسهم بـ "أرض اسرائيل".

ريفلين هو أحد أبرز رموز اليمين العقائدي الصهيوني وهو من كبار مؤيدي المستوطنين في إسرائيل ومؤيدي تقسيم الحرم الإبراهيمي في الخليل، ومستوطني الخليل. وكان من أشد مناصري أرييل شارون، بل رافقه عند اقتحامه الاستفزازي للمسجد الأقصى في سبتمبر/أيلول 2000. وهو من دعاة أرض "إسرائيل الكاملة"، ويرفض الاعتراف بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وبحل الدولتين، وعلى هذا الأساس "كسب" عداء نتنياهو له، وليس بفعل تأييده أو دعمه لحقوق الفلسطينيين في الداخل أو حرية التعبير للنواب العرب، وهو يتهم نتنياهو بأنه و منذ خطاب بار إيلان الشهير، خرج عن الخط التاريخي لحركة "حيروت"، وللحركة التصحيحية التي أسسها جابوتنيسكي في ثلاثينيات القرن الماضي، ودعت إلى إقامة دولة يهودية على كامل فلسطين التاريخية، بما في ذلك شرق الأردن.

والحال كذلك، فان استقبال ريفلين في كفرقاسم قبل كفرقاسم، في ضوء تواصل وتفاقم السياسات العدوانية للمؤسسة التي يمثلها على شعبنا، هو بمثابة قرش شيدمي جديد وصلحة 1957 جديدة وهو ليس ذرا للرماد في العيون فقط بل نوع من المساومة على دماء الشهداء وعهدهم الذي سجله شاعرنا سميح القاسم بقوله:
.ومن جيل لجيل
أملأ الدنيا هتافا لا يساوم:
كفرقاسم
كفرقاسم
كفرقاسم
دمك المهدور ما زال
وما زلنا نقاوم!

*صحافي فلسطيني من منطقة 48

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة