الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 03:02

وليام يتصل بوليام/بقلم: قيصر كبها

كل العرب
نُشر: 08/11/14 08:01,  حُتلن: 08:04

دخل الى صالون الحِلاَقَة بشعرٍ أشْعَث . جلس بين المُحْتَلِقِين وهو يتماوجُ ويراوحُ بين متعةِ الأنقطاع عن العمل والتّوْق اللذيذ الى الحرية والى دلال " التَّمَجْلُسِ" على كرسي الحلاقة، الممزوج بالرغبة الجامحة للراحة ! تم الترحيب به من المُزَيِّن: اهلا وليام ! ضجَّ صدى الترحيب بين جُدْران "الدكان" ! المُحْتَلِقْون عرفوا أنّ اسْمه وليام ! سأله المزين، بينما المِقَصّ يروي عطَشَهُ وشغَفَهُ من شَعْرِ شخصٍ آخر، اذا ما كان قد طوى الأربعين ولمّا يتزوّج بعد ؟ نشرَ وليام على الملأ بانه يبلغُ خمسًا وثلاثين سنة وابْنَهُ يبلغُ اربع سنوات !

دعاهُ المُزَيِّن دعوةً ملوكيةً للجلوسِ على الكرسي الذي شَغَر ! لحظات، قبل ان يقتصَّ المِقَصُّ من شَعْرِهِ، لُمِحَ يحملُ "الآيفون" بيده ويُسارعُ الى النّقر عليه لَمْسًا متأنِّياً.
رُصِدَ يتحدّثُ بصوتٍ مرتفِعٍ يخترقُ الواجهةَ الزجاجية ويصلُ الى آخر الشارع ! عُرِفَ أنّه يتحدث ُالى وليام ما , حديثًا عابرًا ممجوجًا عن.." أحضرتُ وأخذتُ ورحتُ وجئتُ .." ! المُهَاتفة انْتَهت لدى أول لَمْسَةِ مِقَصّ. نظر الى الشاشة وانْتَبَهَ أنَّ مكالمةً وصلت اليه لمّا تحدّثَ مع صديقه وليام ! رجع على الفور الى المتصل وبقي بالأنتظار ! لم يرد عليه أحد. الخط كان مشغولا ! كرر الرجوع وعندما ردّ من رد ! سُمِعَ وليام يقول مدافعاً، إنّهُ كان يتحدثُ مع صديقه وليام. ثم تعاظمت الأيْمَان بانه كان يتحدثُ الى صديقهِ وليام ! فَهِمَ الصالون وروّادُهُ أنه عالقٌ في مكالمة مع زوجته التي تحققُ معه : مع مَنْ كان يتحدث لمّا اتصلت " بحبيبِهَا وفارسِهَا وأملِ حياتِهَا " ؟ عاد واقسم انه كان في مكالمة مع صديقه وليام ! للمنتظرينَ بدا أنَّ التي " اخْتَارَهَا قلبُهُ " لا تقتنع بسهولة ولم تقتنع ! لهم تبدّى مشهداً : الرجل في ورطة والحساب أو العقاب آتٍ لا محالة !

ثم جاء صوتُهُ مترنّحًا متكسّرًا متهدّجاً ومخدوشًا : وأنتِ، عندما رجعتُ اليكِ، الخط كان مشغولا ! مع مَنْ كنتِ تتحدثين ؟ جاءه الجواب .. وقد .. لم يجئْهُ الجواب ! لم يُكَرِّر السؤال على الزوجة ! أغلقَ " الآيفون". نظرَ نظرةً مستجمعةً مستنفرةً مستنطقةً سَاهِبَةً الى المِرْآة ودخل في صمتٍ عميق ! بينما شَعْرُهُ المقصوص يتساقطُ على " المريول " وعلى حضنِهِ وعلى أرداف الكرسي المُرِيح " المُزَعْزِقْ " ! المنتظرون لم يعرفوا ولن يعرفوا .. ماذا كان جواب الزوجة !
سائلةٌ قاصدةٌ دفعت باب صالون الحلاقة الزجاجي دفعاً ودخلت تتوسلُ وتطلبُ " حَسَنَة " ! وليام الوحيد الذي مدّ يدَهُ الى جيبه ! تناولَ المحفظة وأخرجَ ورقةً نقديةً من فئة " العشرين " . ناولها للسائلة التي نظرت وابْتَسمت وفرِحَت وخرجَت على الفور ! وليام قد يكون بذلك يريد أنْ يُكَفِّرَ عن " مكالمته " !
أنا من " حشود " المنتظرين .. على استعداد لحضور المحكمة , إنْ عُقِدَت , والأدلاء بشهادةٍ مشفوعة بالقسم : وليام مظلوم ! وليام حقا كان يتكلم مع صديقهِ وليام.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة