الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 20:02

صيغ فاشلة لشعب مقهور/ بقلم: سميح خلف

كل العرب
نُشر: 19/11/14 18:56,  حُتلن: 09:12

سميح خلف في مقاله:

ليست حكومة التكنوقراط لها علاقة في جوهر البرنامج السياسي الذي ترتبط فيه تلك الدولة مع بعدها الإقليمي والدولي 

في الوضع الفلسطيني أعتقد أنها وسيلة من وسائل الالتفاف على جوهر القضايا فالواقع الفلسطيني يمر بأزمة برنامج وطني وليست أزمة اقتصادية والأزمة الاقتصادية ما هي إلا ظاهرة من ظواهر أزمة البرنامج الوطني

طرح حكومة التكنوقراط هي وسيلة من وسائل المراوغة على حقائق الأشياء وخطورتها هو شل فصائل العمل الوطني وشل أدائها السياسي وتتيح لمؤسسة الرئاسة الاستفراد سياسيا بالقضية الفلسطينية

يخطئ من يطرح مثل تلك الحكومة على الشعب الفلسطيني كما يخطئ من يطرح حكومة الطوارئ وبخطأ من يطرح حكومة التكنوقراط والخطأ قائم أيضا عندما يوضع الشعب الفلسطيني تحت الاستفتاء وهو في حالة حصار

بداية يتفنن أصحاب الوجوه الملونة في أخذ بعض الصيغ للخروج من المأزق الفلسطيني – الفلسطيني والفلسطيني الإقليمي والدولي-، ومن ضمن هذه الأطروحات حكومة التكنوقراط لعلها تكون سبيلا للخروج من الأزمة الاقتصادية اعني الحصار كما يدعون ونسوا هؤلاء أو تناسوا إنها محاولة للالتفاف على جوهر القضايا التي تمس عمق الشأن الفلسطيني .

من التاريخ ومن تجارب الشعوب لم تطرح فكرة التكنوقراط إلا على دولة مستقلة لها منظومتها الاقتصادية ولسبب ذاتي أو إقليمي، تدعوا النخب السياسية أو الأحزاب إلى حكومة كفاءات تدير شئون الدولة ونتيجة معضلة اقتصادية أو ظاهرة البطالة وانحصار في الإنتاج ، وليست حكومة التكنوقراط لها علاقة في جوهر البرنامج السياسي الذي ترتبط فيه تلك الدولة مع بعدها الإقليمي والدولي ، وحقيقة وكما طرح بعض الإخوة أن حكومة التكنوقراط طبقت في أمريكا في فترة العشرينات ويمكن أن تطبق مثلا في الصين إذا ما قارنا مفهوم هذه الحكومة والتكوين البشري لتلك الدولة والتزاماتها نحو التكتلات البشرية الضخمة وكذلك يمكن أن تطبق في باكستان واندونيسيا وبنغلاديش .. تلك الدول التي تعاني من أزمات اقتصادية.

أما الوضع الفلسطيني فأعتقد أنها وسيلة من وسائل الالتفاف على جوهر القضايا فالواقع الفلسطيني يمر بأزمة برنامج وطني وليست أزمة اقتصادية والأزمة الاقتصادية ما هي إلا ظاهرة من ظواهر أزمة البرنامج الوطني وقضية الالتفاف على هذا البرنامج تعني استفراد مؤسسة الرئاسة بشكل مطلق بالقرار السياسي الفلسطيني وخاصة هذا القرار الذي يمكن ان يتحكم فيه فرد وليس مؤسسة، وللأسباب الآتية :
1- منظمة التحرير الفلسطينية وبشكل فعلي ليست موجودة كما أن 75 % من أعضاء لجنتها التنفيذية قضوا ولذلك فهي لجنة تنفيذية ضعيفة والموجودين على قيد الحياة لا يعبرون إلا عن مرحلة سابقة ويفتقدون دستورية القرار بحكم العدد والتمثيل.
2- المجلس الوطني الفلسطيني الذي لم ينعقد منذ أكثر من عشرين عاما كذلك مؤسسة مجمدة وتجميدها يعطي الرئيس حرية الحركة في اتخاذ القرار الفردي.
3- مؤسسة الرئاسة التي تعتمد على حركة فتح كغطاء لها ودعم لها أيضا أطرها مهلهلة ومؤسساتها مجمدة بنيتها القاعدية والكادرية مغيبة مؤتمرها الحركي الذي هو وسيلة من وسائل التجديد والتغيير في أطرها القيادية ينعقد تحت ابجديات وبحكم أن الرئيس هو عضو لجنة مركزية في حركة فتح والآن على حسب القول ( رئيس فتح ) يمكن أن يأخذ القرار المطلق في حرية التصرف باسم حركة فتح المهلهلة الضعيفة.

خدمة قضايا سياسية
وللأسباب السابقة إن طرح حكومة التكنوقراط هي وسيلة من وسائل المراوغة على حقائق الأشياء وخطورتها هو شل فصائل العمل الوطني وشل أدائها السياسي وتتيح لمؤسسة الرئاسة الاستفراد سياسيا بالقضية الفلسطينية، واستفرادها بالقرار الفلسطيني وهذا مكمن الخطورة في حكومة التكنوقراط ، علما ان كثيرا من الوزارات سواء في عهد حماس او في الحكومات السابقة كانت تحتوي بنيتها وفي غالبيتها على كفاءات علمية وليس بجديد ولا هو بحل طرح مثل هذه الحكومة إلا لخدمة أكثر من قضية أساسية:
1- القضية الأولى كما قلت هي عملية التفاف على برنامج المقاومة وبرنامج عدم الخضوع للإملاءات والإتاحة للآخرين للخروج من النافذة وهي مفتوحة وبدون إحراج .
2- هي عملية قبول بالإملاءات وشروط الرباعية وإسرائيل وبمذاق آخر وبثوب آخر وإحياء الفرصة أمام برنامج الرئاسة الذي يتقيد باتفاقيات أوسلو وتفاهماتها وابعد من ذلك أيضا واهم هذه التوجهات دحض فكرة المقاومة واستنكارها والتشكيك في جدواها أي بمعنى اصح هي عملية اعتذار غير مباشر للطرف الآخر عن تاريخ الشعب الفلسطيني النضالي منذ عام 65 والذي اعتمد الكفاح المسلح وسيلة لاسترداد الحقوق وتحرير فلسطين .
3- بالتأكيد أن نهج أوسلو يدافع عن مصالحه التي تبلورت بشكل أوضح منذ عام 95 وحتى العام 2002 أي قبل الانتفاضة الثانية حيث خسر هذا النهج كثيرا من امتيازاته ومصالحه الأدبية والاقتصادية والسياسية وخاصة بعد رحيل قائد الثورة الفلسطينية الرئيس أبو عمار ، ولذلك حكومة التكنوقراط إذا كانت يمكن أن تخدم الشعب الفلسطيني بنسبة 35% فإنها ستخدم طبقة أوسلو إذا صح التعبير بنسبة 65% سواء في مجال الطموح السياسي و الاستفراد بالقرار أو بالامتيازات الاقتصادية التي ستسمح لها حكومة التكنوقراط من استخدام مراكز قواها الاقتصادية كوسيلة من الاحتكار الاقتصادي ومن ثم السياسي على الشعب الفلسطيني .

ويخطئ من يطرح مثل تلك الحكومة على الشعب الفلسطيني كما يخطئ من يطرح حكومة الطوارئ وبخطأ من يطرح حكومة التكنوقراط والخطأ قائم أيضا عندما يوضع الشعب الفلسطيني تحت الاستفتاء وهو في حالة حصار، فكل تلك الأطروحات لن تحل إشكالية الكينونة الفلسطينية وأزمتها الداخلية وخطورة تلك الأطروحات كما ذكرنا سابقا أنها لن تعطي أمنا للشعب الفلسطيني ولا لإسرائيل وباختصار شديد فان ذلك سيدعو إلى ظهور مجموعات وتركيبات نضالية جديدة متطرفة في الشعب الفلسطيني وخاصة أن هذا الشعب يمتلك بين يديه تجربة نضالية كبيرة . ومن المؤكد وكما اعتقد ان حماس لن توافق على أي طرح من تلك الأطروحات وسيبقى الباب مفتوحا بين المد والجزر في الحالة الأمنية الفلسطينية .
إسرائيل فقدت قيادتها التاريخية .. إسرائيل تعاني من أزمة في كينونتها السياسية والاقتصادية.. إسرائيل تعاني من هزيمتها المعنوية والمادية بعد عدة حروب فمنن الاجدر ان تتخلى السلطة عن برنامجها السياسي السابق المتمسك بأوسلو ودروبها المشينة وعليها أن تعمل على رفع مستوى المطالب الفلسطينية السياسية وعليها ومن خلال مجلسها الثوري ان تتحرر من عقدة مراكز القوى والهيمنة للرئيس وتأثيرها على قرارات المجلس فتيار أوسلو واضح ومسلكيته واضحة وكيفية تعامله مع الأزمة واضحة وننصح أن لا ينجر هذا المجلس وخاصة انه الإطار الأعلى المقرر في حركة فتح المنساقة إلى عدت أشخاص ياخذون الحركة إلى مستنقع من التنازلات وبدون مقابل.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net


مقالات متعلقة