الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / مارس 06:02

دولة اليهود وصناعة الأبرتهايد/ بقلم: سليمان ابو ارشيد

كل العرب
نُشر: 22/11/14 18:26,  حُتلن: 09:13

سليمان ابو ارشيد في مقاله:

شعار تحويل اسرائيل الى دولة لجميع مواطنيها جاء ليقول أن الأخيرة دولة عنصرية كونها تميز مواطنيها اليهود ايجابيا وتعطيهم افضلية على سائر المواطنين

الشعار بدا منسجما مع مرحلة ما بعد اوسلو التي نقلت الصراع الفلسطيني الاسرائيلي من الصراع على الوجود السياسي لليهود في فلسطين او أي بقعة منها الى النقاش على كيفية هذا الوجود

شعار نزع يهودية الدولة فرض قضية الفلسطينيين داخل الخط الأخضر على مرحلة اوسلو واكمل حلقة كانت غائبة في البرنامج المرحلي الفلسطيني الذي يقوم على الدولة- لفلسطينيية في الضفة والقطاع والعودة- للاجئين

حمى الإصرار على طرح موضوع "دولة اليهود" إن كان ذلك من خلال مشاريع قوانين، على غرار قانون الكين الأخير وقانون ديختر السابق وقانون شكيد ريجف والتي سيوحدها، على ما يبدو، القانون الذي سيطرحه نتنياهو كحل وسط في الاسبوع القادم، او على طاولة المفاوضات من خلال المطالبة والضغط على الوفد الفلسطيني المفاوض للاعتراف باسرائيل دولة يهودية، هذه الحمى تؤكد صوابية شعار "دولة جميع مواطنيها" بصفته الوجه النقيض والمضاد الذي ينزع يهودية الدولة، وهو الشعار الذي صاغه الدكتور عزمي بشارة وطرحته الحركة الوطنية، غداة اوسلو، ضمن اعادة ترميم وصياغة هياكلها وبرامجها السياسية والتنظيمية ،واصبح لاحقا شعار عموم الفلسطينيين في الداخل على اختلاف الوانهم السياسية.

شعار تحويل اسرائيل الى دولة لجميع مواطنيها، جاء ليقول أن الأخيرة دولة عنصرية كونها تميز مواطنيها اليهود ايجابيا وتعطيهم افضلية على سائر المواطنين، وهو أمر لا يستقيم مع مبادئ المساواة وحقوق الانسان التي ترفض التمييز بين البشر على أساس العرق واللون والجنس، وجاء ليكشف زيف ادعاءات المؤسسة حول دمج المواطنين العرب والمساواة المزعومة ويربط اندماجهم بالدولة بتحويلها الى دولة للجميع والغاء تفضيل اليهود، وجاء ليبين هشاشة شعار المساواة الذي عاشت عليه بعض الأحزاب عقودا من الزمن واظهاره كشعار فارغ من أي مضمون لأنه لا يضرب الأساسات العنصرية التي بنيت عليها الدولة.

الشعار بدا منسجما مع مرحلة ما بعد اوسلو التي نقلت الصراع الفلسطيني الاسرائيلي من الصراع على الوجود السياسي لليهود في فلسطين، او أي بقعة منها، الى النقاش على كيفية هذا الوجود، فبعد ان كان الحديث يدور عن التحرير الشامل الذي سيحل قضايا الشعب الفلسطيني بمختلف قطاعاته، بما فيها جماهير الداخل اضحى النقاش يدور حول مدى صلاحيات الحكم الذاتي الفلسطيني وحدود سلطته السياسية وهل ستصل لىسقف دولة مستقلة في الضفة والقطاع وبعد ان كان الحديث والصراع يدور حول واقع وجود اسرائيل اصبح الحديث والصراع يدورعلى التغيير من الداخل بمعنى تغيير ماهية وطابع دولة اسرائيل العدواني وصولا الى مجتمع تسود فيه العدالة والمساواة في فلسطين .

شعار نزع يهودية الدولة فرض قضية الفلسطينيين داخل الخط الأخضر على مرحلة اوسلو واكمل حلقة كانت غائبة في البرنامج المرحلي الفلسطيني، الذي يقوم على الدولة- لفلسطينيية في الضفة والقطاع والعودة- للاجئين. حلقة فلسطينيي الـ48- من خلال المطالبة بمنحهم المواطنة الكاملة بواسطة تحويل اسرائيل الى دولة جميع مواطنيها. واذا كانت اسرائيل تطالب منظمة التحرير الفلسطينية الاعتراف بها كدولة يهودية فعلى الأخيرة مطالبتها بمنح مليون ونصف فلسطيني مواطنة كاملة عبر الغاء يهودية الدولة.
وليس غريبا أن تستحوذ مسألة يهودية الدولة أم عدم يهوديتها، على اهتمام مركبات المؤسسة الاسرائيلية الحكومية وغير الحكومية وأن تحث اوساط اليمين الاسرائيلي التي ترفض التوصل الى حل وسط تاريخي مع الفلسطينيين، أن تحث الخطى لتعزيز واقع قانوني بعطي افضلية لليهود، هو مثبت حاليا في ما يسمى بوثيقة استقلال اسرائيل وبقوانين الأساس التي تعتبر بمثابة قوانين دستورية.
هذه الأوساط تريد تكريس هذا الواقع في نطاق حدود 67 استعدادا لسحبه على كامل فلسطين التاريخية بعد نسف حل الدولتين، حتى لو كان واقع ابرتهايد، وفي هذا السياق يقول المحلل للشؤون العربية في صحيفة " هارتس" تسفي برئيل، عن قانو القومية الذي قدمه عضو الكنيست ألكين، "ان تعريف العرب كعدو لم يبدأ هذه السنة، فقد سبق ذلك دفعهم خارج ميزانية الدولة، اقصاءهم من السياسة، اقامة الأسوار المحصنة لمنعهم من السكن في المناطق اليهودية وعادية التعامل مع اقتراحات التراسفير التي تسعى الى ترحيلهم الى خارج حدود اسرائيل، كل ذلك هو جزء من هوية الدولة اليهودية، والقانون (قانون القومية) اذا ما تم قبوله فانه سيحيك هذا الواقع العملي بمجدول من الكلمات فقط.

برئيل الذي يقتبس في مطلع مقاله مقولة لهتلر يعاهد فيها ابناء الشعب الالماني بعدم اجبارهم على القيام بأي فعل مخالف لضميرهم، ويتحدث عن قدرة القيادة على صياغة ضمير الشعب وتشكيله على مقاسها، ليستنتج ان القانون الجديد لن يتعارض مع ضمير اليهودي الجديد، فيما الموقع المتدني المقترح للعرب لن يسمح لهم حتى بمعارضته ، وهكذا سيغرق اليهود، كما يقول، في الحساء العنصري الذي صنعوه لأنفسهم والذي يثبت فقط صناعة الأبرتهايد التي ينتجها التزاوج الديني الصهيوني الحاكم في اسرائيل.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة