الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 14:02

إقتراح قانون القوميّة في خانة المعنى القضائي/ بقلم: بلال شلاعطة

كل العرب
نُشر: 28/11/14 08:26,  حُتلن: 18:30

بلال شلاعطة في مقاله: 

طرح إقتراح قانون القومية وفي هذه الفترة بالذات مبني على مكاسب سياسية من الدرجة الأولى إلا أن طرحه سيعطي أبعاداً سياسية أخرى في الخارطة السياسية والحزبية الإسرائيلية مستقبلاً

إقتراح القانون هذا يصطدم بشكل أساسي مع قوانين أساسية أخرىإ فوفق ما اقر في محكمة العدل العليا وفي سابقات قانونية لا يستطيع قانون متأخر أن يتفوق أو يتغلب على قانون سابق 

القانون الاسرائيلي قانون مقارن وهو بحد ذاته لن يسمح بتمرير قوانين عنصرية تجاه الاقلية في البلاد ومن هنا تقع مسؤولية على اليسار الاسرائيلي ومن ضمنه الأحزاب العربية في فتح النقاش حول فحوى القانون 

طرح قانون القومية وفي هذه الفترة بالذات له أبعاده وأسبابه في ظل ما تمر به البلاد من توتر بين الأقلية الفلسطينية في البلاد من جهة وبشكل خاص وما يمر به العالم العربي من جهة أخرى وبشكل عام.  

إقتراح قانون القومية مع إعتماده على يهودية الدولة بشكل أساسي يقوض من المبدأ الديموقراطي فما زال الصراع قائما ما بين يهودية الدولة ومضمون الديموقراطية فيها حتى أن محكمة العدل العليا وعلى مدار سنوات ابتعدت عن الخوض في الصراع القائم بين هذين القطبين لان المحكمة بحد ذاتها اعتقدت ولا زالت تعتقد أن هنالك أسئلة لا توجد عليها إجابات.

بإعتقادي، طرح إقتراح قانون القومية وفي هذه الفترة بالذات مبني على مكاسب سياسية من الدرجة الأولى إلا أن طرحه سيعطي أبعاداً سياسية أخرى في الخارطة السياسية والحزبية الإسرائيلية مستقبلاً. المثير للإهتمام أن جلسة الحكومة لمناقشة إقتراح القانون شهدت صخباً لم تشده جلسات الحكومة منذ أن بدأت بالإنعقاد وذلك بإعتراف وشهادة إعلاميين ووزراء وأعضاء كنيست من كافة الأقطاب والتيارات السياسية مما يدلل على الصراع القائم حول هذا القانون وبنود هذا القانون. القانون بحد ذاته يعتمد على إعطاء المساواة الفردية ولكنه يجرد المواطنين العرب في البلاد من مبدأ المساواة القومي مما يدلل أكثر على وجود عدم إجماع حول إقتراح القانون هذا.

بإعتقادي أن إقتراح القانون هذا يصطدم بشكل أساسي مع قوانين أساسية أخرى، فوفق ما اقر في محكمة العدل العليا وفي سابقات قانونية لا يستطيع قانون متأخر أن يتفوق أو يتغلب على قانون سابق كما لا يستطيع قانون عادي أن يتغلب على قانون أساس. بمعنى أن القضاء الإسرائيلي سيقوم بمناقشة إقتراح قانون أساس لا يوجد عليه إجماع في الخارطة السياسية الإسرائيلية ويصطدم أيضا مع أسبقيات قانونية ستفتح النقاش القانوني على مصراعيه. قاضي محكمة العدل العليا سابقاً أهارون باراك اوجد صيغة من خلالها قال : "كل الأمور قابلة لان تكون موضع تفعيل التحكيم القضائي" وقد حاول موازنة العديد من المباديء الاساسية من ضمنها حرية التعبير عن الرأي ومبدأ المساواة حتى في السياق الأمني.

الوضع الراهن
إقتراح القانون هذا لم يأت طرحه صدفة في ظل الوضع الراهن بل هو نتيجة حتمية للأوضاع الراهنة التي تشهدها البلاد. قضية الطرح بحد ذاتها كانت وسيلة لهدف إعلامي واضح مع كل الصراخ الذي طغى على جلسة الحكومة مؤخراً مما يدل على أن هنالك إنتاج وإخراج إعلامي بامتياز لمحاولة فحص الرأي العام بشكل عام وذلك تحضيراً للإنتخابات القادمة. كان واضحاً بعد الجلسة الحكومية أن هنالك عدم إجماع سياسي وحزبي وإعلامي حول إقتراح القانون. إقتراح القانون خلق نقاشاً جديدًا حول قضايا قضائية تابعها القضاء الإسرائيلي في سنوات التسعين مثل المباديء التي عرضتها سابقاً.

تبكير الإنتخابات
أعتقد أن إقتراح القانون هذا سيتسبب بتبكير الإنتخابات البرلمانيّة القادمة وطرحه كان عن قصد لتبكير هذه الإنتخابات، كما أن طرح إقتراح القانون هذا أوجد مرحلة أخرى للنقاش القضائي والقانوني وهو بحد ذاته يعتمد على الماضي القضائي والتشريعي في الدولة. عمليّة التركيز والتفعيل السياسي لها مقومات وعناصر متشابكة هي الأخرى، بمعنى أن الدوافع السياسية كانت وستظل حلقة قوية في الإعتبارات لطرح إقتراحات لقوانين هنا أو هناك وبين فترة وأخرى. جلسة الحكومة الأخيرة هي جلسة حاسمة لوضعية الخارطة السياسية في الداخل. القضاء الإسرائيلي بفحواه وتاريخه لا يستطيع أن يحيد عن المبدأ الديموقراطي في البلاد ولا يستطيع أن يتبنى القضاء العبري لأنه عندها سيفرغ مبناه المستقل والمعروف من مضمونه وهذا لن يكون مقبولا على قضاة محكمة العدل العليا.

من خلال ما أطرح وفي ظل النقاش الدائر تشكل التصادم بعينه ما بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية وبدا واضحاً من تصريحات بعض الوزراء قصدهم من وراء اقتراح القانون، وأحد الأهداف كما يبدو ضعضعة قوة السلطة القضائية وخاصة في مواضيع حساسة لا زالت عالقة منذ قيام الدولة.

الخارطة السياسيّة
حتى لو تم تمرير اقتراح القانون في الكنيست إلا أنه سيسقط في الموازين التي تتبناها محكمة العدل العليا. يجب القول أن الخارطة السياسيّة قد تغيرت فإذا كان القاموس السياسي يعتمد الآن على مصلحات مثل القومية ومكانة اللغة العربية مقارنة مع العبرية فهذا يوضح بشكل قاطع أننا عدنا سنوات إلى الوراء حتى في عملية طرح مواضيع مثل تدعيم اللغة العربية كلغة رسمية في البلاد عندما يكون أحد بنود إقتراح القانون مكانة اللغة العربية، كما أعاد إقتراح القانون الجدل حول المكانة الحقوقية للمواطنين العرب وأعاد قضايا تخص مبادىء جوهرية معتمدة في قوانين الأساس والتي سيتم فتحها من جديد.

القضاء الإسرائيلي ومع قضاة يعتمدون على القضاء الامريكي والذي يعتمد هو الآخر على حقوق أساسية للأقليات لن يقبل بتغيير سياسة الوضع الراهن حتى لو تمت محاولة لتغيير الخارطة السياسية في البلاد. القانون الاسرائيلي قانون مقارن وهو بحد ذاته لن يسمح بتمرير قوانين عنصرية تجاه الاقلية في البلاد. من هنا تقع مسؤولية على اليسار الاسرائيلي ومن ضمنه الأحزاب العربية في فتح النقاش حول فحوى القانون حتى لو كانت لاعتبارات سياسية صرفة. كما يبدو أن النضال البرلماني الآن أصبح نضالاً تشريعياً أكثر من ذي قبل فبالرغم من الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد ووجود قضايا حارقة أكثر إلا أن الاهتمام انصب نحو اقتراح قانون القومية، مما يعني انه سيكون هنالك إعادة لترتيب أوراق السلطة التشريعية وفي تعاملها مع القضاء الإسرائيلي والذي بالتالي لن يسمح بالالتفاف عليه وعلى مبناه التقليدي . لقد توجه القضاء الإسرائيلي قبل عقد من الزمن إلى منظومة تفعيل القوانين الأساسية في جميع المواضيع الساخنة وبمجرد طرح قوانين من هذا النوع سيعيد النقاش من جديد حول العلاقة ما بين القضاء الإسرائيلي والسلطة التنفيذية. في المحصلة أكاد اجزم أن اقتراح قانون القومية حتى لو تم تمريره في الكنيست إلا انه لن يحظى بقبول القضاء الإسرائيلي لتصادمه مع العديد من المباديء القائمة في الدولة على مدار عشرات السنوات.

الكاتب بلال شلاعطة: هو إعلامي وعامل اجتماعي جماهيري ومختص في الإدارة العامة.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة