الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 10 / مايو 03:01

نحتاج الى ما يتجاوز العلم والدين لنفهم الواقع / بقلم: كميل فياض

كل العرب
نُشر: 06/12/14 08:55,  حُتلن: 08:11

كميل فياض في مقاله:

لا يستطيع أحد انكار إشكالية العلاقة بين الوعي والمادة وبينما يُشخصن المؤمنون جزءاً من هذا الوعي كإله ثم يموضعوه داخل وعيهم نفسه خارج الكون

من عيوب الايمان نقص الحجة العقلية فيما يذهب المؤمنون ازاء احوج ما يحتاجه العقل من دلائل علمية قاطعة حول الخلق ومن عيوب الالحاد نفي الملحدين تصور كل ما لا يتفق مع العقل

مناظرة بين د دوكنز وجون لينكس .. الأول عالم أحياء ملحد مؤلف كتاب " وهم الآله" والثاني عالم رياضيات مؤمن مسيحي، كلاهما يحاضران في اوكسفورد .. لكل من العالِمين ظهرت مواطن قوة وضعف في موقفهما من الطرح الآخر.. باختصار اعرض وجهة نظري ازاء الموقفين  دون تطرق لكل تفاصيل المناظرة .. يمكن للقارىء الاطلاع عليها من مصدرها على اليوتيوب ..

قوة طرح دوكنز تمثلت في قوله (( كيف يمكن ان نقارب بين خالق الكون – ببلايين مجراته ونظامه البديع - على افتراض وجوده - بقصص الدين الطفولية والحديث عن ولادة الآله من عذراء، وعن الخطايا .. ثم كيف يمكن تفسير تحويل الماء الى نبيذ والمشي على الماء وما الى ذلك ))؟

واقول: أجل الم يجد الخالق العظيم الذي يملك كل القدرات، طريقة اخرى لتجسده الشخصي، دون ان يصدم يوسف النجار خطيب مريم؟ ولماذا لم يثبت الوهته الا بالمحبة والتسامح والغفران السلبي، بينما العالم غارق في الجور والقهر والظلم ، وهو احوج للقوة الى جانب المحبة ..! وما هي الحكمة حين يستعمل قدرته على الإحياء والإشفاء لبعض افراد في فترة تاريخية محددة ، ويبقى سائر الخلق في حاجة لهذه القدرة لكل تاريخ الوجود البشري على الارض ..!

من جهة أخرى .. كيف يمكن قبول فكرة "الاصطفاء الطبيعي" كبديل عن الخالق ؟! الا توازي هذه الفكرة بسذاجتها ( العلمية ) وعبثيتها، فكرة الرب المسيحي وسواه ..! هذا الرب الذي يوحي بالأمل الكاذب ويتطلب الايمان والتسليم بغيب مجهول لا اكثر، ثم يرهن النفوس الضعيفة الضائعة به الى ما لانهاية، على حساب العمل على الكشف المباشر عن حقيقة الوجود .. لكن كيف توصل النحل الى صنع خليته ذي الاشكال السداسية البديعة الدقيقة عن طريق الاصطفاء الطبيعي ..! كيف نفسر النسقية الجمالية الباهرة الساحرة في اشكال والوان العصافير عن طريق الاصطفاء الطبيعي ..! كيف نفسر عواطف الحب والحنين بالاصطفاء الطبيعي ..! كيف يمكن فهم الشِعر والادب والحاجة الى الفنون المختلفة في ضوء فكرة الاصطفاء الطبيعي الداروينية ! ألا يُضمِّن دوكنز وامثاله لا شعوريا فكرة الاصطفاء الطبيعي ، عقلاً ما يدير عملية صنع الكائنات ..! ؟

وهنا لا بد من القول ان احدا لا يستطيع انكار إشكالية العلاقة بين الوعي والمادة .. وبينما يُشخصن المؤمنون جزءاً من هذا الوعي كإله، ثم يموضعوه داخل وعيهم نفسه خارج الكون، يجعل الملحدون الوعي ناتجًا تطوريًا لاحقاً على وجود المادة، في حين ان هذا الوعي هو الذي يثبت وهو الذي ينفي، وهو الذي يقدم ويؤخر، دون ان تكون لأصحابه هؤلاء، أدلة على صحة اقوالهم من خارج الوعي نفسه ..

استنتاج:
من عيوب الايمان، نقص الحجة العقلية فيما يذهب المؤمنون ازاء احوج ما يحتاجه العقل من دلائل علمية قاطعة حول الخلق .. ومن عيوب الالحاد، نفي الملحدين تصور كل ما لا يتفق مع العقل، إستناداً شبه حصري على ما يقوله فقط المؤمنون، في حين هناك علم روحي يتجاوز العقل والحاجة الى التفسير العقلي وغير العقلي .. ومن نافل القول ان إخضاع الوجود برمته الى مستوى التفكير يجعل من ماهية الوجود فكراً،  بل وتحت مستوى الفكر، اذ يصبح الفكر هو الحكم وهو الاطار، بينما يصبح الوجود كله بكل اسراره وابعاده محتواً، وهذا موقف ساذج، يضاهي بسذاجته ايمان العجائز .. فلكي نتصل بالوجود مباشرة ، يجب تمزيق شباك الفكر، كما تفعل الأسماك القوية بالشِباك التي علقت فيها داخل المحيط ..

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة