الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 23:01

بلاء الأمّة العربيّة/ بقلم: د. صالح نجيدات

كل العرب
نُشر: 17/12/14 08:04,  حُتلن: 08:05

د. صالح نجيدات في مقاله:

كيف يقبل الانسان العربي في القرن الحادي والعشرين هذه الحروب القذرة وكيف يقبل أن يغتصب عرضه ويبيع النساء والأطفال سبايا في سوق النخاسة؟

كيف طلبوا من مسيحيي العراق أمّا اعتناق الاسلام أو دفع الجزية وطردهم من بيوتهم وتدمير كنائسهم والله عز وجل قال في القرآن الكريم "لا إكراه في الدين"؟

لا ادري ما الذي اصاب الأمّة العربيّة من امراض عقليّة واجتماعيّة يصعب علاجها، فعلى مر التاريخ لم يحدث مثل ما حدث للأمة العربيّة، شعب يدمر ذاته بذاته ويهدم بمعول الهدم اساساته، فنحن بحاجة الى زيادة الوعي وتكثيفه لنستوعب ما جرى ويجرى من تصرفات إن دلت على شيء تدل على أمّة جاهلة تسير نحو الانتحار.

هذه التصرفات والأحداث تتنافى مع العقل والمنطق، في زمن العقل والعلم والمعرفة والتقدم التكنولوجي عند الشعوب الأخرى، وتغييب المنطق والعقل والتفكير وازدياد نسبة الجهل عند أمتنا العربيّة!!!؟ فكيف يتقبل الانسان العربي عودة الزمن بكل عقاربه إلى عصور كان لها خصائصها وأسبابها وكيف يريد ان يرجع الى ما كان عليه اجدادنا من السلف الصالح قبل 1400 سنة عندما كانت الحياة بدائيّة؟ الدين الاسلامي يتلاءم مع كل عصر ويقبل التطور والانفتاح ويتمشى مع كل عصر، اذن لماذا يريد قسم ارجاعنا الى ما كان قبل 14 قرنا الى الوراء؟ هل هذا منطقي ومعقول؟ وكيف يقبل الانسان العربي الذي يتمتع بثمار التجربة الإنسانية الراقية التي جلبت التقدم والتطور والعلم والتكنولوجيا واكتشاف الادوية لمحاربة الامراض من أجل خدمة المجتمع البشري بالرجوع الى الوراء.

كيف يقبل الانسان العربي في القرن الحادي والعشرين هذه الحروب القذرة؟ كيف يقبل أن يغتصب عرضه ويبيع النساء والأطفال سبايا في سوق النخاسة، وذبح الناس بلا رحمة أو شفقة وكأنهم ليسوا من خلق الله؟ لقد رأينا على شاشات التلفاز دماء العرب سالت وتسيل مئات المرات أكثر من الدماء التي سالت زمن غزو المغول وحتى في عهد الاستعمار، فكيف نجرؤ بعد اليوم تعليم اولادنا على الأحداث التاريخية في مناهجنا المدرسية؟ وماذا سنقول للأجيال القادمة عن هذه الحقبه من تاريخ هذه الأمّة المذل والمنحط؟

لقد ساعد قادة العرب بأموالهم التي يدرها النفط على استباحة دماء العرب، وقبلوا بدخول ثمانين جنسية غريبة إلى العراق وسوريا لقتل شعبيها، والأصعب من كل هذا قبول العرب بهيمنة التعصب الفكري المغلق على عقول الأجيال الجديدة وتوظيف هذه الأجيال بمهام التدمير والقتل واعتقال الفكر الحر، وتقييد حرية التفكير، والأخطر من كل هذا نشر وبث الفكر والممارسات اللا- انسانيّة المؤسفة عبر الانترنت وتطويعها وتقبلها بين هذه الأجيال، ليصبح منظر الأب القاتل وهو يحمل طفلته ويدربها على ركل رأس آدمي بقدمها الصغيرة منظرًا عاديًا! وليصبح الفيديو الذي يتحدث فيه مجموعة من القتلة عن بيع الإيزيديات في سوق النخاسة حدثا مقبولا، أو قتل داعش مئات الرجال خلال تصوير الفيديو، ولتصبح جثث ابناء العشائر في العراق وسوريا والدماء المراقة حولها منظرا لا يستوقف العربي ولا يبعث على الاستهجان.

كيف طلبوا من مسيحيي العراق أمّا اعتناق الاسلام أو دفع الجزية وطردهم من بيوتهم وتدمير كنائسهم والله عز وجل قال في القرآن الكريم "لا إكراه في الدين" كيف دمروا مدارسهم وجامعاتهم ودور عبادتهم وقراهم ومدنهم وشردوا وقتلوا اهلهم؟ هل من يفعل هذا يعتبر انسان سوي وعنده عقل في رأسه؟ هم شلوا عقولهم، وهذا ما فعلوه، ومن يتم شل عقله وتعطيل فكره فهو بالتأكيد فاقد للحواس والشعور الانساني، فهل سيعود الانسان العربي الذي انشل وتعطل عقله للتفكير من جديد؟ هل سنقدر على محو هذه الجرائم البشعة من عقول أطفال فتحوا عيونهم على العنف وقذفوا بالرؤوس القتلى بأقدامهم الصغيرة؟

وهل سيصبح هؤلاء آباء وأمهات يربون أجيالا عربيّة تبني حضارات وتتعايش مع العالم بإنسانية؟ نسبة الأميّة في العالم العربي كانت قبل احداث "الربيع العربي" حوالي 70% لكن اليوم بسبب الحرب الأهليّة وتدمير المدارس والجامعات ستصل نسبة الجهل حسب اعتقادي الى 90% وهذه الحروبات الأهليّة المشتعلة سوف تأخر الأمّة عن ركب مسيرة الشعوب عشرات السنين، فعوا يا عرب من شر قد اقترب وإذا بقيتم في هذا الحال سوف تنقرضون.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة