الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 00:02

النظريات السياسية والربيع العربي..محاولة في فهم النتائج !/ بقلم: أ. ابراهيم خطيب

كل العرب
نُشر: 29/01/15 16:05,  حُتلن: 07:47

إبراهيم خطيب في مقاله:

تشير نظرية الحداثة إلى علاقة طردية بين التطور والتقدم الاجتماعي والاقتصادي مقابل التحول نحو انتعاش الحريات والدمقرطة في المجتمعات

في مقارنة بين مصر وتونس لكلتا الدولتان في الفترة التي سبقت الثورات فيهما وفقاً للإحصائيات التي نشرها البنك الدولي- وأرى أنها معطيات تتسم بنوع من التفاؤل - يمكن تفصيل التالي: مصر من حيث سلم الدخل تصنف على أنها أقل من المتوسط فيما تصنف تونس على أن سكانها من ذوي الدخل الاعلى من المتوسط

نظرية الحداثة تفسّر لحد ما عوامل نجاح التحول نحو الديموقراطية في تونس مقابل انتكاسة هذا التحول في مصر فوفقاً للاحصائيات تبدو تونس أكثر تقدماً من مصر

النظرية في العلم الحديث هي مجموعة كاملة ومنتظمة من الأفكار التي تصف وتفسر ظاهرة أو مجموعة معينة من الظواهر المترابطة. النظريات بعلاقة مع الواقع، التجارب والملاحظات البشرية، وتقوى النظرية مع إضافة الشواهد لها في العالم الحقيقي.

سأحاول من خلال هذا المقال، وبشكل مبسّط، شرح احدى النظريات السياسية وعلاقتها بالتحولات الديموقراطية ومحاولة تطبيقها، إن كان بالإمكان إسقاطها، على السياق المصري والتونسي كتجربتان إحداهما في طريقها للنجاح، وهي التجربة التونسية، والاخرى متعثرة وهي التجربة المصرية مع التأكيد أن هناك نظريات أخرى يمكن أن تكون أكثر او اقل ملائمة لشرح الظاهرة وتبعاتها وهذا ما سيتكشف من خلال تحولات الاحداث في هاتان البلدان.
تقر نظرية الحداثة - Modernization theory- (موضوع مقالنا هذا) بالتقسيم والتراتب بين المجتمعات كمسبب لتقدم المجتمعات اقتصادياً واجتماعياً مقابل مجتمعات أخرى ما زالت لم تواكب هذا التقدم، لن نخوض في الخلفيات والتبعات الفلسفية للموضوع، وإنما سنركّز على المعايير التي تطرحها هذه النظرية وانعكاسها في الواقع الاجتماعي والاقتصادي في مصر وتونس.

تشير نظرية الحداثة إلى علاقة طردية بين التطور والتقدم الاجتماعي والاقتصادي مقابل التحول نحو انتعاش الحريات والدمقرطة في المجتمعات، ومن أهم معايير قياس هذا التطور والحداثة هو التعليم، النمو الاقتصادي، الفقر، والتمدن وعوامل متصلة بهذه المعايير.
وفي مقارنة بين مصر وتونس لكلتا الدولتان، في الفترة التي سبقت الثورات فيهما، وفقاً للإحصائيات التي نشرها البنك الدولي- وأرى أنها معطيات تتسم بنوع من التفاؤل - يمكن تفصيل التالي:
مصر من حيث سلم الدخل تصنف على أنها أقل من المتوسط فيما تصنف تونس على أن سكانها من ذوي الدخل الاعلى من المتوسط.
معدل الفقر – وفقاً لخط الفقر المحدد في كل دولة – في مصر قبل الثورة كان معدل الفقراء يفوق 25% فيما في تونس 15% (مع الاخذ بالاعتبار الاختلاف في متوسط الدخل والفقر في كل دولة).
معدل الدخل القومي للفرد – في مصر سنة 2010 كان 2510$ في نفس العام كان في تونس 4160$.

ومن معايير التقدم والحداثة هو التوجه للصناعة وترك العمل الزراعي وفي هذا السياق العمل في الزراعة في مصر يشغله 29% من المواطنين مقابل 16% في تونس في نفس الفترة. وفي سياق ذي صلة تظهر الاحصائيات أن التمدن في تونس في ازدياد إذ شكل سكان المدن 67% من سكان تونس، فيما شكل سكان المدن في مصر 43% فقط من مجموع السكان في الفترة الممتدة بين 2010 ل 2014.
في سياق التعليم تشير الاحصائيات كذلك أن معدلها في تونس أعلى منه في مصر وذلك في عام 2010، أي بالفترة التي كانت الدولتان على أعتاب الثورة.

واخيراً في سياق الصحة تشير الاحصائيات أن المواطن والدولة في تونس انفقا على الصحة أكثر مما أنفقه المواطن والسلطة في مصر في نفس الفترة (عام 2010) ففي تونس أنفق 282$ فيما أنفق في مصر 126$.

تظهر النتائج الاولية – والتي تحتاج لتمعن ودراسة من قبل المختصين أكثر مما يتحمل هذا المقال- أن نظرية الحداثة تفسّر لحد ما عوامل نجاح التحول نحو الديموقراطية في تونس مقابل انتكاسة هذا التحول في مصر، فوفقاً للاحصائيات تبدو تونس أكثر تقدماً من مصر ولكن كل ذلك لا يعني أن هذه هي النظرية الوحيدة التي يمكن أن تفسر صيرورة الاحداث في مصر وفي تونس وهناك نظريات أخرى مثل نظرية الجهات الفاعلة، نظرية الانتشار او الالهام والنظرية البنيوية والتي يمكن أن يكون لها قدر من التأثير في سياق الحالتين وسنحاول معالجتها في مقالات أخرى.

- إبراهيم خطيب باحث في مركز الدراسات المعاصرة وطالب دكتوراة في العلوم السياسية جامعة هومبولدت- برلين

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة