الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 09:02

لِنُمسِك رُؤوسنا بكلتا يَدَينا ونُفَكّر /بقلم:محمد كناعنة

كل العرب
نُشر: 26/02/15 07:38,  حُتلن: 08:28

محمد كناعنة في مقاله:

نادينا بالنقاش الحَضاري بعيدًا عن "المُزاودة" وهذه الأخيرة أصبَحت تُهمة لِكُلِّ من يُناقِش ويرفض الرأي الآخَر ولا يحق للطَرفين إستعمال أسلوب التخوين والتشكيك

سُرعانَ ما دَبَّ الذُعر لدى أقطاب المُشتركة بعدَ عدّةِ مُناظرات شعبية أو إعلامية، فصَوت المقاطعة المبدئي والتي تتبوء حركة أبناء البلد الصَدارة في حملِ مشروعهِ السياسي والبرنامجي

نحارب الأحزاب الصَهيونية ونسعى لكنسها من مُدننا وقرانا قَولًا وفعلًا، وليسَ فقط جنبًا إلى جنب مع الأحزاب المُشاركة في الإنتخابات وإنَّما في المُقدّمة ولكن بأي عين تقول المُشتركة بكنس الأحزاب الصَهيونية

"الناس الذين يَدَّعون أنَّ بَعضَ الأهداف مُستَحيلَة التَحقيق، يَجِب أن لا يَتَدَخَّلوا في مُحاولاتِ غَيرِهم لِتَحقيقِها". 
جورج برنارد شو 

تشهد ساحة "الجَدَل" أو ما تبقى من حوار، بينَ أقطاب المشاركة في إنتخابات الكنيست الصَهيوني والمقاطعة المبدئية، ضَحالة في طرح الحُجَج والدلائِل والقرائن لِدعمِ الموقف، وهذا حاصل بالتحديد لدى تيار المُشاركة، فليسَ معقولًا أن نستبدل حوار السبيعينيات والثمانينيات بينَ حركة أبناء البلد والحزب الشيوعي والجبهة، هذا الحوار والذي رغمَ حدّتهِ في حينهِ أغنى الساحة السياسية والفكرية بمنظومة أفكار ومواقف وإصدارات تستحق المُراجعة وتصلُح مرجعًا سياسيًا فكريًا حتى يومنا هذا، بنقاش التأمين الوطني والتعليم في الجامعات الإسرائيلية وحمل بطاقة الهُوية الزرقاء، ليسَ إعتراضي هذا على بعض الناشطين المُتحَمّسين، وإنّما على قيادات من الصف الأول والثاني ممن يُطلقونَ مثلَ هذه الحُجَج للطعن في تيار المُقاطعة، وكَم كنا نتمنى الإستمرار في المناظرات السياسية حولَ المشروعين أمامَ الناس والجماهير وخاصة الشبيبة والشباب لِنُغني ما هو بحاجة للزخَم، الحوار والحوار وثُمَّ الحوار، وقد يقول قائل لنا: "أنتُم هاجمتُم وكتبتُم"، نعم فعلنا ذلك، ولكن دونَ تخوين وتشويه، وسَنستَمر بدورنا بما نُؤمن بهِ مع الحفاظ على حد من الإحترام مع الجميع، أمّا من يُغيضَهُ طرح الموقف بحدّتهِ فهذا شَأنَهُ.

هُناكَ من يُغيضَهُ هذا الكلام من طَرف المُقاطعين، رفاقي في المَوقف، ولستُ نادِمًا على أنَّ مقالاتي "لايت" خفيفة على الروح كما يُقال، مع أنَّها حادة كَحدّ السيف في وضوح الرؤية والمبدأ الذي تربينا عليهِ وآمنا بهِ وحافظنا عليهِ في أوقات الهزائِم والشِدّة والإنحرافات العظيمة في جسَد الحركة الوطنية الفلسطينية، وهل يجب أن أشتُم وأتَّهم الآخرين حتى أصبح ثَوريًا أو جذريًا، العكس تمامًا هو المطلوب في هذه المرحلة، أن نتمسَّك بالموقف المبدئي ولا نتراجع عنهُ وعن حقنا في التنظير والتجنيد لهُ وأن نُحافظ على شعرة معاوية مع خصومنا لتُصبح حبلًا متينًا لا ينقطع في معاركنا المُشتركة، هي قناعات في ضرورة الحفاظ على الوحدة الوطنية، وحدة الساحة، ساحة الداخل الفلسطيني في مواجهة المصادرة والإستيطان والعُنصرية والإحتلال والفقر والعُنف، هذا رأي وموقف نؤمن بهِ رغمَ صدور العديد من الإتهامات بحقنا بالعمالة وخدمة ليبرمان والإنتهازية ومصطلحات سوقية، ومن منا لا يَغضَب عند نعتهِ بهذه النعوت البذيئة، ولكن يبقى الوطن هو البوصلة.
نادينا بالنقاش الحَضاري بعيدًا عن "المُزاودة"، وهذه الأخيرة أصبَحت تُهمة لِكُلِّ من يُناقِش ويرفض الرأي الآخَر، ولا يحق للطَرفين إستعمال أسلوب التخوين والتشكيك، المقاطعين قبلَ المُشاركين، ولكن هذا لا يعني عَدم طرح الأوراق السياسية والفكرية -إن وجدَت- والبرنامجية على طاولَةِ الجَدَل، وقد حاولنا ذلك مع بداية الإعلان عن تشكيل القائِمة المُشتركة لخوض إنتخابات الكنيست، طَرحنا أفكارنا وموقفنا بإحترام وبكل الحِدّة والجُرأة التي نملُك ولَم نتلعثم في وضوح رؤيتنا الفكرية والسياسية من طبيعة الصِراع، ومن الإحتلال والنكبة وتبعاتها، "إسرائيل" والوجود والحق والإعتراف والتنازل والتفريط، كلها مصطلحات سياسية تصُب في لُب الجَدَل حول مشروعيَة خوض إنتخابات الكنيست الصَهيوني.
سُرعانَ ما دَبَّ الذُعر لدى أقطاب المُشتركة بعدَ عدّةِ مُناظرات شعبية أو إعلامية، فصَوت المقاطعة المبدئي والتي تتبوء حركة أبناء البلد الصَدارة في حملِ مشروعهِ السياسي والبرنامجي، هو صوت الضَمير، صَوتًا وطنيًا ولا يأتي لِمُناكَفةِ أحَد، وإنَّما يهدف إلى طرح البديل العقلاني والثَوري لحل الصراع من خلال تبنيه وطرحهِ لحل الدولة الديموقراطية العَلمانية الواحدة في فلسطين، ويأبى أن يكونَ قابعًا تحتَ سقف البرنامج "الإسرائيلي" سياسيًا، وفي إحدى المُناظرات الإعلامية ذُعرَ زميلي لأنني قلت لهُ أنتُم إخترتم اللعب في ملعب السياسة الإسرائيلية وإتهمني بالمُزاودة، وأستغرب من إستغرابهِ وكَأنَّهُ يتحرك سياسيًا في غزة مثلًا أو في مخيمات لبنان، ولم نقل هذا الكلام من باب المُزاودة المزعومة أو لِلطَعنِ بأحَد، هو واقع ما تفعلهُ الأحزاب العربية المُشاركة في هذه اللعبة.
إذن لماذا هذا الذُعر!؟ من مَصلَحةِ مَن تغييب النقاش السياسي والفكري! لِدرجة رفض المُشاركة في المناظرات السياسية مع تيار المُقاطعة، هذه مُحاولة لِتغييب الصَوت الآخَر، لتشويه وعي الأجيال الصاعدة، عدا عن تشويه الحقائق والمُعطيات والأرقام، كَأن نقول مثلًا بأنَّ غالبية شعبنا مع المُشتركة، هُم لا يُريدون لِطُلابنا أن يسمعوا عن أغلبية شعبنا، شعبنا في المخيمات وغزة والقدس والضفة، ناهيكَ عن أنَّ حوالي 50% في الداخل لا تصوت وتقاطع الإنتخابات هذا عدا عن الأصوات المؤسفة التي تذهب للأحزاب الصَهيونية، إذًا لماذا هذا التشويه وقلب الحقائق!
نحارب الأحزاب الصَهيونية ونسعى لكنسها من مُدننا وقرانا قَولًا وفعلًا، وليسَ فقط جنبًا إلى جنب مع الأحزاب المُشاركة في الإنتخابات، وإنَّما في المُقدّمة، ولكن بأي عين تقول المُشتركة بكنس الأحزاب الصَهيونية وتُشارك بقيادتها من الصَف الأول وعلى رأسهم رئيس القائمة الرفيق أيمن عودة، في مناظرة مع أعضاء الأحزاب الصَهيونية في مدن عربية، أليسَ هذا تَصَرُّفًا أخرقًا، تجلسون على منصة واحدة مع مرشحي الأحزاب الصَهيونية كأنَّكُم في الهوا سَوا، كانَ الأجدَر رفض هكذا مناظرة مُمولة من مؤسسة صهيونية.
وكما يُقال الصورة بألف كلمة، شاهدنا الصُوَر وما زِلنا نمسكُ رؤوسنا بكلتا يدينا ونُفَكّر!

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة