عوض حمّود في مقاله:

القائمة العربيّة المشتركة هي المولود الجديد وهذا المولود سيلاقي دعمًا وترحيبًا واسعًا لدى جماهيرنا العربيّة

اقولها بكل ود واحترام لكافة الإخوة إنّ البوصلة الأولى والأخيرة لشعبنا هي القائمة العربيّة المشتركة ومن يعتقد غير ذلك فهو واهم

بعد غيبة عن الاصدقاء ما يزيد عن ستة شهور بسبب مرض شديد ألمّ في ركبتي اضطرني للرضوخ مرغما لعملية جراحية صعبة جدا. أعود اليوم بعد هذه المدّة من المعاناة، بعد أن أصبحت الأمور أفضل وزادت شفاءا وأكثر تحسنًا عمّا كانت عليه سابقا. أنا اليوم بانتظار الدور لإجراء العمليّة في الركبة الثانية إن شاء الله. 

ما أود أن أقوله وأنا في نشوة وذروة الانبساط وما شدني في التغلب على بعض من الآلام والاوجاع التي ما زالت تعاودني وخاصة عند الجلوس والكتابة لساعات طويلة هو ذلك البيان الهام جدا وانا اعتبره بيانًا تاريخيًا وأصيلًا، يعبر عن ارادة هذا الشعب واصالته وطموحاته الوطنيّة الخلاقة، التي كان جزءا كبيرا لا بل المعظم منه يطمح الى تحقيق هذه الأماني وإبرازها منذ زمن طال أمده وانتظاره لدى جماهيرنا العربيّة المتعطشة بل المتلهفة لسماع هذا البيان، بحيث كانت تترقب حصوله منذ عقود طويلة طواها الزمن. ولكن كما يقال حسنًا أن يسطع نور هذا القمر متأخرًا من ألا يأتِ ابدًا.

القائمة العربيّة المشتركة هي المولود الجديد وهذا المولود سيلاقي دعمًا وترحيبًا واسعًا لدى جماهيرنا العربيّة، وإنّه من حيث المنطق السياسي والاجتماعي لوضع الأقليّة العربيّة في هذه البلاد يجب أن يكون كذلك دون أي تردد أو التباس في دعم القائمة العربيّة المشتركة هذه رغبة غالبيّة شعبنا منذ زمن بعيد وإن كان هناك البعض من الأخوّة من أبناء جلدتنا يدعون لمقاطعة هذه الانتخابات لأسباب لا سبيل لذكرها الآن.

ومن هنا أقول أنّه لا بد من أن نشد جميعًا على أيدي هؤلاء الإخوة الذين بذلوا جهودًا جبّارة من أجل تحقيق أماني وطموحات هذا الشعب للوصول لتأسيس هذه القائمة وانطلاقها من رحم هذا الشعب ومعاناته في ظل سياسة الاضطهاد القومي وسياسة التمييز العنصري الفاضح في عهود كافّة الحكومات الاسرائيليّة المتعاقبة منذ تأسيس هذه الدولة وحتى يومنا هذا.
اعتقد أنّ هذه تجربة رائدة في حياة شعبنا وعلينا تجسيد وتعميق هذه التجربة الرائدة بكلّ قوّة وثبات، ففي هذه الأجواء وبعد الإعلان عن تشكيل القائمة العربيّة المشتركة وتوحيد معظم القوائم العربيّة في قائمة واحدة يوجد هناك ارتياح واسع في الوسط العربي وجو من التفاؤل.

أولًا، من حيث حصول هذا التوجه وتحقيق هذا الإنجاز الوحدوي هو بحدّ ذاته تفاعلًا وانتصارًا معنويًا وسياسيًا ووطنيًا، وتهيئ الأجواء المريحة قبل أن تجري الانتخابات في السابع عشر من آذار القادم.

ثانيًا، إنّ هذا التقارب أو هذا المد الشعبي الوحدوي ما بين القوائم على الساحة العربيّة يستفيد منه استفادة كبرى الشارع العربي بكافة مكوناته الاجتماعيّة والشعبيّة وتعمّق أيضًا من ترابطه السياسة والنضاليّة وتقرّب الناس أيضًا بشكل شمولي الى بعضها البعض، وبذلك تمنع الاحتكاكات بأنواعها وأسبابها المختلفة ما بين مؤيّد لهذه القائمة ومعارض وتمنع أيضًا تمزيق الاعلانات والصور لهذه القائمة المعاضة أو تلك وتمنع أيضًا التلاسنات ما بين كوادر القوائم العربيّة المختلفة في التلاقي بمنحنيات وزوايا الطرق فهذا الروتين (المتبع) كنا قد تعودنا عليه للأسف فيما مضى .

ربّ ضارة نافعة
فهذا العنصري المأفون ليبرمان كان قد تقدّم باقتراح للكنسيت لرفع نسبة الحسم في انتخابات الكنيست الحاليّة وعلى هذا الأساس تمّ رفع هذه النسبة من اثنين ونصف الى ثلاثة ونصف بالمائه وهذا القانون بكل ما يعنيه ويحتويه من بنود عنصريّة موجهة بالأساس ضد العرب لمنع مشاركتهم في خوض معركة انتخابات للكنيست اعتقادًا منه أو من أمثاله من أنّ رفع نسبة الحسم ستحول دون وصول القوائم العربيّة الى مقاعد السلطه التشريعيّة في هذه البلاد ومنع الصوت العربي المدافع عن حقوق المواطن العربي في هذه البلاد لما يعانيه ويتعرّض له من إجحاف ومظالم متواصلة ودائمة في عهود كافة الحكومات الاسرائيليّة المتعاقبة منذ قيام الدوله حتى الآن.
ولكن هيهات وكما يقولون بالمثل الشعبي العتمه لم تأتِ على قد ايد الحرامي، فقيادات شعبنا على مختلف مشاربها السياسيّة والانتمائيّة والحزبيّة، انتبهت جيّدًا لما يخطط ويرسم لها من كافّة الدوائر السلطويّة المجتمعة دون استثناء أحد منهم وهذه القيادات قامت بضربة معلم طال انتظارها عندما اولدت القائمة العربيّة المشتركة ردًا على التحريض العنصري من قبل اليمين المتطرف وذلك بتاريخ 22 من كانون الثاني 2015، فهذا الانجاز يعتبر انجازًا تاريخيًا في مسيرة وحياة شعبنا ونضاله المستمر دون كلل ولا هوادة أمام سياسة متغولة ومتأصلة في عروقهم وذهنهم وسلوكهم اليومي.

أعتقد أنّ تحصيل القائمة العربيّة المشتركة كان الرد الحصين الرصين الطبيعي على هؤلاء اقزام زمن الترللي أن يصبح حارس مقهى للرقص الليلي (وعتال افندي) فيما مضى في مسقط رأسه الأساس روسيا وأن يهاجر الى بلاد (السمن والعسل) وأن يتقلد منصب وزير خارجيّة!؟ ولله في خلقه شؤون. فعنصريّة هذا القادم الجديد وتطرفه الاعمى المعادي للعرب بات من الافول الحتمي على الساحة السياسيّة الاسرائيليّة وذلك في ظل ما يتعرض له حزبه من الاتهامات بالسرقات والاختلاسات لاعضاء بارزين في صفوف هذا الحزب العنصري وان افوله أو سقوطه أصبح بين عشيّة وضحاها أي ما بعد الانتخابات للكنيست التي ستجري في السابع عشر من آذار القادم وكل الاستطلاعات تشير الى هبوط مستمر في مستوى التأييد الشعبي لهذه القائمة الفاشيّة (اسرائيل بيتينو). وهذا مما يؤكّد وبقوّة عدم عودته لتسلم منصب رفيع أو قيادي يتغنى من خلاله ببذاءاته المعهودة وكرهه للعرب .

وعلى أثر إجراء انتخابات الكنيست، كنت قد كتبت أكثر من مقال تحت عنوان: لماذا لا تتوحد القوائم العربيّة بقائمة واحدة، واذا تعذر ذلك فليكن بقائمتين والهدف من ذلك هو احتواء المعظم من الأصوات العربيّة وجرفها للتصويت الى جانب القائمة العربيّة او الاثنتين معا، اذا تقرر ذلك، وعندها نستطيع إيصال 17 أو 18 عضو كنيست، طبعًا هذا يتم بالتفاف وتأييد هذا الشعب بمعظمه، بما ذكر وألا تذهب بحينه من الأصوات العربيّة للأحزاب الصهيونيّة، ولكن هذا الحلم لم يتحقق آنذاك وقد كتب لنا أن يتحقق هذا المطلب الشعبي الجامع متأخرًا خيرًا من ألا يأتِ أبدًا. واقولها بكل ود واحترام لكافة الإخوة إنّ البوصلة الأولى والأخيرة لشعبنا هي القائمة العربيّة المشتركة ومن يعتقد غير ذلك فهو واهم.

ديرحنا