الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 16:01

نختار التربية للحياة المشتركة/بقلم:هزار مصري حسين

كل العرب
نُشر: 03/03/15 14:49,  حُتلن: 07:59

هزار مصري حسين في مقالها:

كما ازدادت حدة الشرخ اليهوديّ العربيّ خلال الصيف بشكل خاص مما حدا بوزارة التربيّة والتعليم تزويد المدارس بمخططات خاصة لدروس في موضوع العنصريّة لأول أسبوعين من السنة الدراسيّة 

نصف عام مضى ولم تختف العنصريّة والعنف من الشوارع وفقط في الأسبوعين الأخيرين شهدنا حالتين تم فيهما الإعتداء على اثنين من المواطنين العرب الدروز بالضرب في الحيز العام لأنهما تجرءا على الحديث باللغة العربيّة

بأعقاب الصيف الصعب الذي مرّ على المجتمع الإسرائيليّ كان من المتوقع أن ينشغل بعض السياسيين من الأحزاب المختلفة على الأقل في مسألة النضال ضد العنصريّة والعمل على تعزيز التعارف بين اليهود والعرب 

مع إفتتاح السنة الدراسيّة الحاليّة كان الموضوع المُلحّ على جدول أعمال المجتمع الإسرائيليّ، والذي تغلغل إلى الجهاز التعليميّ، هو مواجهة العنصريّة المستشرية. اضطر المعلمون مواجهة مظاهر العنصريّة والكراهيّة للآخر، التي غمرت صفوف المدارس بأعقاب الحرب على غزة في الصيف الماضي، وكذلك موجة العنف والعنصريّة التي إجتاحت بأعقاب ذلك المجتمع الإسرائيليّ. وقد أشار المعلمون إلى إرتفاع في التفوّهات العنصريّة خلال الدروس، وبكثافة أكثر خارج الصفوف خلال الاستراحات، الرحلات وخلال فعاليّات اخرى.

كما ازدادت حدة الشرخ اليهوديّ العربيّ خلال الصيف بشكل خاص، مما حدا بوزارة التربيّة والتعليم تزويد المدارس بمخططات خاصة لدروس في موضوع العنصريّة لأول أسبوعين من السنة الدراسيّة في محاولة لمساعدة المعلمين على مواجهة الوضع الناتج.

نصف عام مضى ولم تختف العنصريّة والعنف من الشوارع. وفقط في الأسبوعين الأخيرين شهدنا حالتين تم فيهما الإعتداء على اثنين من المواطنين العرب الدروز بالضرب في الحيز العام لأنهما تجرءا على الحديث باللغة العربيّة. تُقلق هذه الموجة البغيضة من العنصريّة والعنف العديد من المواطنين في إسرائيل: أهالي الطلاب، مربيات ومربيين، مواطنين ومواطنات؛ لكن يبدو أن الخطاب العام خلال فترة الانتخابات يتجاهل هذه الظاهرة، بل ويتلخّص بتصريحات عنصريّة وإقصائيّة من هذا النوع أو غيره، والتي تساهم في تعميق الاستقطاب والكراهية.

مهما فعلنا فإن اليهود والعرب سوف يستمرون في العيش سويّة في دولة إسرائيل. سيستمرون في العمل، التعلم والسكن معًا أو في الجوار. والسؤال هو: كيف ستبدو هذه المعيشة، كيف ستبدو حياتنا جميعًا وحياة أطفالنا؟ هل ستتحول مظاهر الكراهيّة، الخوف، العنف والعنصريّة إلى ظاهرة هامشيّة، أم هي التي سوف تملي علينا واقع حياتنا المشتركة؟ حتى الآن، وربما ليس بالصدفة، امتنع المرشحون والأحزاب عن التعامل مع قضايا المجتمع المشترك، العنصريّة والاستقطاب.

قد يمتنعون هم عن مناقشة القضية وحلولها المحتملة، لكننا نحن لا نتوانى عن ذلك. فالجواب عن ذلك السؤال يكمن أولا وأخيرا في مجال التربية والتعليم.

على سبيل المثال، برنامج "يا سلام" لتعليم اللغة والثقافة العربيّة، الذي تديره مؤسسة مبادرات صندوق إبراهيم بالتعاون التام من قبل وزارة التربية والتعليم، يُدرّس اليوم في نحو 220 مدرسة إبتدائيّة يهوديّة من قبل معلمات ومعلمين عرب. ويشير بشكل واضح البحث التقييمي الذي أجراه معهد هنريطة صولد ان أن حضور معلم عربيّ في الصف وتدريس اللغة العربيّة العاميّة يُحدان من المواقف السلبيّة والآراء المسبقة تجاه العرب. وهنالك دراسات لا تحصى تشهد على القيمة الهائلة الكامنة في برامج اللقاءات المتواصلة والعميقة بين الطلاب من المجموعات المختلفة.

في عام 2009 تم تقديم تقرير اللجنة العامة لبلورة سياسة رسميّة في موضوع التربية للحياة المشتركة بين اليهود والعرب في إسرائيل إلى وزارة التربيّة والتعليم. وكانت الوزيرة السابقة في وزارة التعليم يولي تمير هي التي عيّنت هذه اللجنة برئاسة البروفيسور جابي سلومون والبروفيسور محمد عيساوي. يطرح التقرير خطة شاملة لإدراج مسألة التعليم للحياة المشتركة بشكل شامل في جهاز التعليم، من مرحلة البستان وحتى الصف الثاني عشر، ومن خلال مواضيع تدريس متنوعة.

رغم أهميته القصوى في بناء مجتمع متسامح واندماجيّ، لم يتم حتى الآن تطبيق تقرير سلومون عيساوي. هذا التقرير ما زال ذو أهمية ويشكل خارطة طريق ممتازة للخطوات التي ينبغي على جهاز التربية والتعليم اتخاذها في خصوص التربية للحياة المشتركة. ومع ذلك، لم يفت الأوان لنفض الغبار عن التقرير وتخصيص الميزانيات اللازمة لذلك.

غالبية المواطنين يؤيدون ذلك بالتأكيد. حيث يشير الاستطلاع الذي أجراه منتدى المنظمات للتربية للحياة المشتركة بعد الصيف الماضي أن 65% من المستطلعين من بين عينة تمثيليّة شملت 594 طالبًا عربيّا ويهوديّا، يعتقدون أن وزارة التربية والتعليم لا تستثمر بما فيه الكفاية من أجل تعزيز التربية للحياة المشتركة بين اليهود والعرب في إسرائيل.

على ضوء ذلك، وبأعقاب الصيف الصعب الذي مرّ على المجتمع الإسرائيليّ كان من المتوقع أن ينشغل بعض السياسيين من الأحزاب المختلفة على الأقل في مسألة النضال ضد العنصريّة، والعمل على تعزيز التعارف بين اليهود والعرب، وتوسيع برامج تعليميّة لخلق الحوار وغيره. لكن وللأسف لم يتم ذلك. فلماذا عليهم التعامل مع مسائل حقيقيّة تشغل بال المواطنين، ما دامت هناك طرق نجاة "أسهل" بكثير، مثل خطاب نتنياهو في الكونغرس الأمريكيّ، المواجهات التلفزيونيّة- بين مؤيد ومعارض؟ وذلك بدل عرض مواقف وحلول تخص العلاقات اليهوديّة العربيّة, العنصرية.

هم (السياسيون) لا يتحدثون عن الموضوع، لكننا نطالبهم بالأجوبة. مسألة القضاء على العنصرية وتعزيز التربية للحياة المشتركة هي مسألة ضرورية لنا جميعًا: مواطنين ومواطنات، أهالي، طالبات وطلاب، معلمات ومعلمين، والمجتمع الإسرائيلي بأكمله.

كاتبة المقال مديرة مجال التربية في جمعية مبادرات صندوق إبراهيم، التي تعمل من أجل تعزيز الدمج والمساواة بين المواطنين اليهود والعرب في إسرائيل، وهي عضو منتدى التنظيمات للتربية للحياة المشتركة.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة