الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 19:01

العمل رسالة الأحياء/ بقلم: قيصر اغبارية

كل العرب
نُشر: 05/03/15 18:22,  حُتلن: 07:45

 قيصر اغبارية في مقاله:

مجتمعنا في الداخل الفلسطيني لن يكون له مكان في الاقتصاد العالمي وسنظل على هامش اقتصاد دولة صغيرة نسبيا إلا إذا آمنا بقدراتنا واكتشفنا ذواتنا وسخرنا ما عندنا من طاقات وقدرات وإمكانات لكي نتقدم ونتعلم ونبادر ونتطور

آن الأوان لمعاداة ومحاربة كل الأفكار والثقافات التي تثني عزم الإنسان وتبين أننا خلقنا فقط للآخرة ولا عمران للآخرة إلا بعمران الدنيا

إن التعارض الذي أوجدته الأفهام السقيمة والعقول العليلة بين الحياة الدنيا لا علاقة للإسلام به وليس من الإسلام في الشيء هذه الثقافة المشوهة التي ظن الكثيرون من خلالها أنه لا يمكن الفوز بالآخرة إلا من خلال طلب الموت

نحن بحاجة لمن يعيش في سبيل الله لا لمن يموت في سبيل الله هذا هو الأصل الحياة وفق منهاج الله ومراد الله أما أن نظن أن رسالة الإسلام جاءت للأموات أو للأحياء ليحرصوا على الموت فهذا لا علاقة له بالإسلام طرفة عين

أصبحنا نعيش اليوم في عالم متقارب حتى صار وكأنه قرية صغيرة، بل إنه قد يحدث في القرية الصغيرة أحداث لا يعلمها كل سكان هذه القرية، بينما كل ما يحدث في العالم بات معروفا ومكشوفا..


هذا الانفتاح يتطلب من كل مسلم وكل مجتمع إسلامي أن يكون صاحب رسالة، وأنه وُجد في هذا العالم ليقدم إفادة معينة، وقيمة للبشرية، وبذلك يسهم كل فرد وكل مجموعة بدور فاعل في أن يجعل العالم مكانا أفضل للعيش.
مجتمعنا في الداخل الفلسطيني لن يكون له مكان في الاقتصاد العالمي، وسنظل على هامش اقتصاد دولة صغيرة نسبيا، إلا إذا آمنا بقدراتنا واكتشفنا ذواتنا وسخرنا ما عندنا من طاقات وقدرات وإمكانات لكي نتقدم ونتعلم ونبادر ونتطور وننهض.. فكثيرة هي الفرص المتاحة أمامنا لكي ننهض ونتقدم ويكون لنا شأن بين الأمم، في العالم العربي والإسلامي والعالم بأسره.

كيف نكون أصحاب رسالة؟!
الوعي بالذات وإدراك القدرات وتوجيه الطاقات، وأن يدرك كل شخص يعيش في هذه البلاد أن عليه مسؤولية عظيمة بأن يرتقي بالمجتمع من خلال مجال يختاره وفق ميوله ورغباته من جهة، ووفق قدراته وإمكانياته من جهة أخرى، فإذا تمكن من اكتشاف المنطقة المشتركة، والمساحة الواقعة بين الميول والرغبات، وبين الإمكانيات والقدرات، وأن يحول هذا المجال إلى مشروع ومبادرة، من خلاله يضيف قيمة للآخرين، وإفادتهم للارتقاء بحياتهم، مع القدرة على التسويق والإقناع، والتميز في المبادرة، فهذا سيفتح أبوابا هائلة للنجاح.

تشجيع ريادة الأعمال والمبادرات، وتنويعها وعدم التقوقع في قطاعات ضيقة، فالمجالات كثيرة والعالم أفقه واسع، وبالإمكان اقتباس العشرات بل المئات من التجارب، الذي بالإمكان أن نستفيد منها من أجل النهوض. إن مجتمعا يسعى أفراده كلهم نحو الوظيفة، مهما كانت، وفي أي مجال كانت، على أن تدر كفافا أو كفاية في أحسن الأحوال لصاحبها، إن هذا مجتمع يستحيل أن ينهض ويتقدم وينمو، لا سيما إذا كان مجتمعا يفتقر إلى الروافد الذي ترفده، ويعاني من سياسات مجحفة.

وجود رجال أعمال مخلصين صادقين ناجحين يسهمون في النهوض باقتصادنا، إقامة المشاريع وإيجاد فرص عمل، ومن خلال تأهيل الشباب وتدريبهم وتمويلهم لإنشاء مشروعات صغيرة، ومساعدتهم على تطوير أعمالهم وتنمية استثماراتهم وكذلك توفير المساعدات العلمية والتقنية والإدارية لهم، ويمكن في هذا الإطار قيام المشروعات التجارية والصناعية الكبيرة بدور مهم في التمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تمثل منتجاتها مدخلات لها. وهو ما يسهم في علاج مشكلة البطالة، ويدفع بقاطرة التنمية والإنتاج، ويضعنا على الطريق الصحيح لتحقيق النهضة الإسلامية المأمولة.

رجال الأعمال هم عصب أي اقتصاد في كل زمان ومكان، والدعامة الكبرى في ازدهار الدول وارتقاء الأمم وتزداد أهميتهم في عصرنا الحاضر الذي يشهد عدم قدرة الدول العربية والإسلامية على استغلال مواردهم، واعتمادهم على غيرهم في تلبية حاجاتهم.
آن الأوان لنشر ولبعث ثقافة جديدة محبة للحياة والأحياء، ثقافة تشجع على العمل والإنتاج لخدمة البشرية، ثقافة من خلالها ينمو الإبداع، وتزدهر الطاقات، وتنطلق في هذا العالم الفسيح لتنشر الخير والنور.

آن الأوان لمعاداة ومحاربة كل الأفكار والثقافات التي تثني عزم الإنسان، وتبين أننا خلقنا فقط للآخرة، ولا عمران للآخرة إلا بعمران الدنيا، إن التعارض الذي أوجدته الأفهام السقيمة والعقول العليلة بين الحياة الدنيا لا علاقة للإسلام به، وليس من الإسلام في الشيء، هذه الثقافة المشوهة التي ظن الكثيرون من خلالها أنه لا يمكن الفوز بالآخرة إلا من خلال طلب الموت. المؤمن لا يطلب الموت أبدا، بل هو حريص كل الحرص على الحياة، وإعمار هذه الحياة بالعمل والعمران والارتقاء.
نحن بحاجة لمن يعيش في سبيل الله لا لمن يموت في سبيل الله. هذا هو الأصل، الحياة وفق منهاج الله ومراد الله، أما أن نظن أن رسالة الإسلام جاءت للأموات، أو للأحياء ليحرصوا على الموت. فهذا لا علاقة له بالإسلام طرفة عين.

واختتم مقالتي بفقرة قوية للشيخ محمد الغزالي (رحمه الله) رأيت أن أثبتها هنا: "... لا بدّ وأن تتفوق الأمة الإسلامية في شتى مجالات الحياة لكي تستطيع تبليغ دينها وإيصالها إلى الآخرين، وأنها لكي تكون على مستوى دينها، وكي تنجح في المحافظة عليه، وكي تستطيع إيصاله للآخرين، لا بدّ وأن تكون راسخة القدمين في شؤون الحياة كلها، بل يجب أن تكون سباقة في شتى الميادين، مسموعة الكلمة في آفاق العلم، برا وبحرا وجوا. ومن حق الأمم الكبرى التي تحتقر الأمية العلمية والصناعية أن تنظر إلى دعاوي المسلمين وأفكارهم وقيمهم بريبة أو بسخرية، ما دام المسلمون نماذج رديئة للتخلف الإنساني.. إن المسلمين في عصور انهيارهم العقلي والخلقي وهموا أن الاشتغال بالدنيا أمر منكر، فاضطربت في أيديهم مصالح الحياة، وأدى بهم ذلك إلى شر لا بدّ منه، فضاعت من أيديهم مطالب الدين نفسه. وظلت مضاعفات هذا الغباء تترادف حتى سقطت دولة الإسلام، وأصبحت أرضه كلأ مباحا للاستعمار الغربي واللصوصية الدولية.. ".

وحتى يكون لهذا المقال الأثر العملي والمنهجي أقول: إن ما يقال على صعيد الأمة ككل، ينطبق على الفرد، إنما تنهض الأمم والمجتمعات بنهوض أفرادها، والسبيل لذلك أن يكتشف كل شخص ذاته ويعرف رسالته ويتفانى في النهوض بهذه الرسالة من خلالها يضيف قيمة للآخرين، ويحسن حياتهم، يجعل الحياة مكانا أفضل للعيش. بذلك نخدم ديننا أجل خدمة، من خلال أن نقدم لهذه البشرية كل ما هو خير من في شؤون الدنيا وشؤون الآخرة.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة