الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / مارس 12:02

أن تكون قوميا عربيا

بقلم: أسعد العزوني

كل العرب
نُشر: 28/03/15 14:13,  حُتلن: 14:15

 علينا كقوميين عربا أن نعي تماما أننا نحن المبعثرين كالأيتام ،نعادي إيران الواحدة الموحدة ذات الموقف الواحد واللسان الواحد والمرجعية الواحدة ، وكذلك تركيا ذات الإقتصاد الصاعد واللسان والموقف والمرجع الواحد 

علينا ألا نفهم أن قوميتنا هي مبعث الإستعلاء على الآخر ، في الوقت الذي لانملك فيه شيئا يستر عوراتنا المكشوفة للقاصي والداني ، ولا نستطيع صد العدوانات المتتالية علينا وعلى مقدساتنا وأراضينا وثرواتنا

أن تكون قوميا عربيا ، يعني أن يكون منفتحا ،لأن الله حرم علينا الإنغلاق ، بدليل الموقع الجغرافي أولا ،كما أن الله كرمنا بالإسلام ، وبعث الله نبيه العربي محمد "صلى الله عليه وسلم"، رحمة ورسولا للعالمين وليس لبني قومه فقط ، كما هو الحال بالنسبة لأنبياء بني إسرائيل قبل أن ينقرضوا ويظهر بدلا منهم يهود بحر الخزر.

هذه هي الرسالة الأولى لنا كعرب ، أن نكون منفتحين مع الآخر وعليه ، في حين أن الرسالة الثانية هي أن الله سبحانه وتعالى جلت قدرته ، قد أنزل القرآن الكريم باللغة العربية ، وجعل هذه اللغة لسان أهل الجنة ، وهذا ما يتوجب علينا التوقف عنده كثيرا ، وأن نعمل بمقتضاه.
وعلينا ألا نفهم أن قوميتنا هي مبعث الإستعلاء على الآخر ، في الوقت الذي لانملك فيه شيئا يستر عوراتنا المكشوفة للقاصي والداني ، ولا نستطيع صد العدوانات المتتالية علينا وعلى مقدساتنا وأراضينا وثرواتنا.
الآخر الذي أعنيه على وجه الخصوص هم الأعاجم الذين كرمهم الله بالإسلام وأصبحوا أخوة لنا ، "إنما المؤمنون أخوة" ،وهم أصلا جيراننا جغرافيا وشركاؤنا تاريخيا ، وهم الإيرانيون والأتراك الذين نجحت الصهيونية في النفاذ إلى إيران إبان حكم الشاه المخلوع ، الذي كان بنك إسرائيل المركزي وبئرها النفطي ، وعينها التدميرية على العراق ، من خلال الأخوة الأكراد الذين تورطوا من حيث يعلمون أو لا يعلمون في إضعاف العراق، لكن هذه المهزلة توقفت عند إزالة الشاه المقبور، إلا أننا نحن العرب ومعنا أخوتنا الإيرانيون لم نوفق في وضع إستراتيجية للتفاهم المشترك في ما بيننا فخسرنا بعضنا لصالح إسرائيل بطبيعة الحال.
أما تركيا فقد لعبنا معها بطريقة خاطئة وأجبرناها على فتح أبوابها على مصراعيها للصهيوينة، لتجعل منها جزءا من أمنها القومي ، ووكرا للتجسس ، وعندما جاء حزب العدالة والتنمية لحكم تركيا عام 2002 ، لم نحسن أيضا في وضع إستراتيجية للتعامل معهم ، وقلنا أنهم عثمانيون جددا يريدون العودة لحكم العرب ؟؟!!
على ما يبدو أن العرب قد أضاعوا بوصلتهم ، ولست في وارد الغوص في هذا الملف لثقله وكثرة الأسباب ، وأهمها أننا لم نعد على دراية بأسس التحالفات ومفهوم الصراعات ، والجهل بوجود صراع رئيسي لا يمكن حله إلا بالدم وهو حصرا مع "مستعمرة" إسرائيل، الذي زرعها الغرب- للتخلص من يهود وتصرفاتهم – سرطانا ساما في حلوقنا ، بعد أن تخلصوا منهم ، كما قال رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ونستون تشيرشل ثعلب بريطانيا الماكر الذي قال:"لقد تخلصنا من السرطان اليهودي وألقينا به في حلوق العرب".
أنصر أخاك ظالما او مظلوما ، ،هذا كلام جميل ،ومتعارف عليه ،ولكننا ويقينا أبعدنا عن مفهومه الصحيح.والنصرة هنا لا تعني الوقوف او التخندق مع الأخ المظلوم أو الظالم على عواهنه ، وزيادة حدة لهيب النيران المستعرة أصلا ، بل المفهوم الصحيح لذلك هو الوقوف مع المظلوم لنصرته ، ومع الظالم لثنيه عن ظلمه ، وتحويل مساره من العدوانية والظلم إلى التصالح ، ما دام الأمر مندرجا ضمن الصراع الثانوي الذي يحل بالحوار بعيدا عن الدم والنار ، الذي يغلف علاقاتنا مع إخوتنا الأتراك والإيرانيين.
ما نحن فيه هو أننا قلبنا المفاهيم ، وبات الصراع الثانوي رئيسيا والرئيسي ثانويا ، وأصبحنا نتحالف مع "مستعمرة"إسرائيل ، ونعادي كلا من إيران وتركيا ، وننظر إليهم كأعداء يجب إقتلاعهم ،علما أننا كما قلت لم نرد العدوان على فلسطين والقدس والأقصى والجولان ، ولا أريد أن أقول أننا كعرب نحن الذين سهلنا سيطرة الصهيونية على فلسطين ،لأن الصهيونية دقت اوتادها في الإقليم أولا ، ومن ثم نصبت خيمتها فوق فلسطين ، وإشترت الجولان لاحقا ، ومع ذلك فما نزال نغني "أمجاد يا عرب أمجاد".

المطلوب منا كقوميين عربا ، وفي هذه المرحلة بالذات ، أن نعيد ترتيب أولوياتنا ، وأن ندرس واقعنا جيدا ، ونحدد أعداءنا والوقوف عند إمكانياتنا ، حتى ننطلق من فكر قومي جديد ، يكون فاعلا متفاعلا ، يخلق صدى يصعب إيقافه ، لكن أن نبقى على ما نحن فيه وعليه ، لا حول لنا ولا قوة ، ورهنا موقفنا ل"مستعمرة "إسرائيل ، مبعثرين في مزارع مساحة بعضها حجم روث ذبابة ، ولا نملك حتى كلفة مؤتمر نعقده لبحث قضايانا ، ونترك الأمر للمحسنين كي يجودوا علينا ببعض مالهم ويتحكموا في مسار المؤتمر ، فهذا الأمر لا يخلق فكرا ولا يحرر أرضا.
القومية العربية ليست خطابات نارية ، أو مؤتمرات مغلقة منغلقة ، بل هي فعل متجذر ، فاعل متفاعل ، منفتح يغني أفكار الآخرين ويحفزهم للتضامن معنا ، بدلا من تركهم نهبا للإصطفاف مع أعدائنا ، ولنا أن نتصور إنتكاسة في الموقف الإيراني إلى حضن الكيان الصهيوني ، أو ردة في الموقف التركي ، فما الذي سيحصل؟
سيتهافت الغرب بأسره لنيل الرضا الإيراني ،وسيتكالبون على طهران طوابير للفوز بعقود نووية ، وسيتم في اليوم التالي إعلان إيران دولة نووية ، وسط ترحيب صهيوني على أعلى المستويات ، بدلا من فرض الحصارعلى ايران ،وإعاقة مشوارها العلمي للحصول على الإنجاز النووي للأغراض السلمية.

علينا كقوميين عربا أن نعي تماما أننا نحن المبعثرين كالأيتام ،نعادي إيران الواحدة الموحدة ذات الموقف الواحد واللسان الواحد والمرجعية الواحدة ، وكذلك تركيا ذات الإقتصاد الصاعد واللسان والموقف والمرجع الواحد ، وأخش ان نوغل في تقوقعنا ونخسر حتى الباكستان وأندونيسيا ، وتكون خسارتنا للهند أكثر بفعل مواقفنا غير المدروسة.
يجب التنبه أيضا إلى أن التمترس خلف فلسطين بدون سلاح يخلق واقعا مميزاعلى الأرض ، يلحق الضر بفلسطين وشعبها ، ويحملها مآسينا نحن الذين إعتدنا على الجعجعة بدون طحن.
المطلوب ، ومن أجل وقف سيل الضرر المتدفق في جرثمة العلاقات العربية مع إيران وتركيا ، هو إرسال الوفود الشعبية العربية إلى كل من تركيا وإيران ، ونعقد الحوارات التي ترتقي إلى العصف الذهني ، بعيدا عن وسائل الإعلام غير المنضبطة التي يهمها الإثارة ، وصب الزيت على النار ، والتشبيك مع أعداء الأمة.
نحن أمة إسلامية واحدة ، ونحن جناحا الإسلام ، وإن اكرمنا عند الله أتقانا ، ولا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى، والتقوى هنا لا تعني الإبتعاد عن المحرمات فقط، بل التفكير السليم والعمل على التوفيق بدلا من تعميق الخلافات ، وإن صدقت النوايا نكون قد نجحنا في إنقاذ ما يمكن إنقاذه من وطننا العربي المنكوب ببعض أهله .

مقالات متعلقة