الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 20 / أبريل 13:02

هل سينقذ نتنياهو اسرائيل/بقلم:د.محمد مصلح

كل العرب
نُشر: 28/03/15 20:21,  حُتلن: 09:37

 د. محمد خليل مصلح في مقاله:

المركب الديمغرافي للمجتمع الاسرائيلي مجتمع يميني متطرف لا يستوى مع الطبيعة البشرية المعتدلة المتصالحة مع نفسها والبيئة المحيطة بها

نجح نتنياهو بإثارة الخوف العميق في داخله ضد المكونات الاخرى لدولة اسرائيل تجسدت في الحملة الاعلامية سواء في الفيديوهات او التصريحات او اللقاءات المتلفزة ضد العرب واليسار

نتنياهو لم يتغير والحليف الاستراتيجي - الولايات المتحدة- تماهت مع اساليب نتنياهو المضطربة وتكتيكات نتنياهو السياسية وتغافلت في كثير من الاحيان عن تصريحاته التي تقلب الطاولة في وجه الجميع

الادارة الامريكية الحالية عجزت بالزام نتنياهو بأي مقترح او خطة للعودة للمفاوضات بل اكثر نتنياهو اصر أن يضع للأمريكيين خارطة للطريق

انتخابات الكنيست العشرين عكست مجتمعا غير سوي تسوده طبيعة سيكولوجية مضطربة غير مستقرة اظهرت تطرفها وهي ليست بمنأى عما يجرى من حولها من اضطرابات سياسية واجتماعية

انها القشرة التي تخفي الكثير من الواقع الاسرائيلي الرخو المفكك في النسيج الداخلي، من القوة الاخلاقية الزائفة، والتدهور الاجتماعي وحالة التنافر بين مركبات المجتمع الاسرائيلي؛ فالمركب الديمغرافي للمجتمع الاسرائيلي مجتمع يميني متطرف لا يستوى مع الطبيعة البشرية المعتدلة المتصالحة مع نفسها والبيئة المحيطة بها لذلك نجح نتنياهو بإثارة الخوف العميق في داخله ضد المكونات الاخرى لدولة اسرائيل تجسدت في الحملة الاعلامية سواء في الفيديوهات او التصريحات او اللقاءات المتلفزة ضد العرب واليسار ؛ اليسار تهديد وجودي لدولة اسرائيل .. والعرب يزحفون الى صناديق الاقتراع .. حكم اليمين في خطر.

في الماضي القريب اتهمت الاحزاب العلمانية واليسارية؛ نتنياهو بانه السبب في قتل رابين عندما وصفه بالخيانة وأنه سيوقف اسحاق رابين ولو بالدم وكانت الصدمة لمجتمع اقنع العالم الغربي؛ بانه مجتمع ديمقراطي، وأنه مجتمع غربي في أساليب حياته، وادارة دولته وسط عالم من دول شرق أوسطية منحطة في اساليبها وتفكيرها وادارة مجتمعاتها وحكمها البدائي لشعوبها ؛ لكن تجاوز العالم لهذا السلوك تحت ضغط النفوذ الصهيوني واللوبي اليهودي العالمي؛ اسرائيل بالنسبة للعالم جزء لا يتجزأ من المشروع الاستعماري للمنطقة؛ لاستغلال كنوزها وشعوبها في لعبة الامم والصراع سابقا واليوم، وان اختلفت قواعد اللعبة بعد انهيار نظام القطبية الثنائية للصراع الكوني.


نتنياهو لم يتغير؛ الحليف الاستراتيجي الولايات المتحدة تماهت مع اساليب نتنياهو المضطربة وتكتيكات نتنياهو السياسية وتغافلت في كثير من الاحيان عن تصريحاته؛ التي تقلب الطاولة في وجه الجميع، الادارة الامريكية الحالية عجزت بالزام نتنياهو باي مقترح او خطة للعودة للمفاوضات بل اكثر؛ نتنياهو اصر أن يضع للأمريكيين خارطة للطريق؛ تحدد فيها المسار المقبول لإسرائيل في التعامل مع الاخطار ضمن اولوياتها؛ الامن الاسرائيلي في المقدمة المصالح الاسرائيلية، بوصلة التحركات والخطط الامريكية في التعامل مع كل الاخطار، وعلى رأسها الملف النووي الايراني؛ كان واضحا جدا للبيت الابيض؛ أن نتنياهو لا يسلم بأولوية المصالح الامريكية، وأنه يربطها بذيل المصالح الاسرائيلية؛ إلا أن البيت الابيض لم يرغب أن يفجر أزمة مع حكومة نتنياهو تحت ضغط اللوبي الصهيوني؛ الا ان نتنياهو هو الذي فجرها بتحدي المجتمع الامريكي ورئيسه؛ بوضع الدولة العظمي في جدل وتناقض داخلي لأول مرة يصل التناقض وحدة التنافس بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري لهذا المستوى بفعل اساليب نتنياهو الكريهة، والتي لم تسلم منها الدولة اليهودية؛ نتنياهو فتح الباب امام كل الاطراف لإعادة تقييم استراتيجياتها في التعامل مع نتنياهو وحكومته بمركباتها اليمينية حول الصراع العربي الاسرائيلي خاصة بالنسبة للفلسطينيين؛ هذا الفوز في الانتخابات الذي خلف وراءه كثيرا من الاحباط والياس لكثير من الاطراف كانت تتوقع الخلاص من حقبته وألاعيبه و عدميته الا انه اظهر انه مازال يمتلك الكثير من القدرات على المناورات وتجاوز الازمات والتعامل مع المتغيرات الطارئة ولو على حساب حلفاءه في اطار حساباته الخاصة بفهمه للنصر؛ نتنياهو بطبيعته وغريزته الافتراسية لا يدفع ثمن اخطائه ولا غزواته الخاسرة طيلة حكمه بل في الاغلب من يدفع ثمن اخفاقاته من يقفون بجانبه من الشركاء حتى وان كانوا من حزب الليكود؛ افترس في حرب عامود السحاب ايهود باراك وفي الحرب الاخيرة عامود السحاب افترس البيت اليهودي في بينت، وإسرائيل بيتنا في ليبرمان؛ لكن على طريقته في معركة الانتخابات، وانقلب على ليفني و يائير لابيد وقضى على ساعر نجم الليكود الصاعد حيث دفع به خارج الليكود.

يبدو ان نتنياهو لا يخاف السير على حطام الكثير ممن حوله من اجل البقاء خشية الا يهزم؛ لقد فشلوا جميعا سواء داخل الدولة أو خارجها حتى حلفاءه في اليمين من هزيمته، وما يؤلمهم أنهم يدركون؛ انهم مضطرون للإبقاء عليه خاصة اليمين؛ إنها حالة فريدة ومعادلة غريبه فرضت عليهم وعلى كيانهم ومصيرهم؛ لكن السؤال الملح: هل نتنياهو سينقذ "اسرائيل" من حافة الهاوية التي دفعهم اليها؟
وماذا سينتج عن تلك الفوضى التي خلفتها الانتخابات الاسرائيلية؟ النتائج لا تبشر بخير لنتنياهو ولا لدولته؛ الخيارات محدودة؛ إما حكومة يمينية ضيقة؛ لن تصمد أمام التحديات الداخلية والخارجية أو حكومة موسعة تضم لها حزب هناك مستقبل، وهذا سيناريو امامه تعقيدات على اثر الخلافات الحادة بين رئيس حزب يوجد مستقبل وحزب شاس ويهودات هتوراه، والسيناريو الثالث حكومة وحدة وطنية ستكون مشلولة غير مستقرة ولن يطول عمرها ، والملاذ الوحيد انتظار نهاية اوباما الرئيس الامريكي المعادي لأفكاره حتى لا يضطر للعودة الى صناديق الاقتراع من جديد في سابقة تكون الاولى من نوعها بعدم تجاوز حكومته الاربعة والثلاثين بضعة اشهر؛ نتنياهو امام تحدي كبير وخطير؛ الملفات التي تنتظره معقده كافيه لإسقاطه سياسيا؛ التهديدات الامنية والعلاقات مع الادارة الامريكية والملف النووي الايراني والصراع الفلسطيني الاسرائيلي والمشاكل الاجتماعية في الداخل.


والخلاصة ان انتخابات الكنيست العشرين عكست مجتمعا غير سوي تسوده طبيعة سيكولوجية مضطربة غير مستقرة؛ اظهرت تطرفها؛ وهي ليست بمنأى عما يجرى من حولها من اضطرابات سياسية واجتماعية بل متأثرة قابلة للانفجار ستفقد معه الامن والرفاه للبقاء.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net
 

مقالات متعلقة