الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 23:01

آذار الـ76 كان آذار التحدي/ بقلم: عوض حمود

كل العرب
نُشر: 01/04/15 19:50,  حُتلن: 08:20

عوض حمود:

آذار شهر العزة والكرامة وبه انكسرت وتحطمت كل حواجز الخوف وسياسة البطش الممارسة على رقاب شعبنا منذ عقود

نحن اصحاب الحق والأرض والبيت الأصليين فهذه السياسة ممنهجة وممارسة ضد ابنائنا منذ انشاء هذه الدولة وحتى الآن

تسعة وثلاثون عاما قد مرت على الهبة الشعبية البطولية ووقف أصحاب الأراضي كالطود الشامخ في وجهه قرارات الظلم والبطش لمصادرة الأراضي انذاك براسة رابين والتي حاولت من خلال هذه القرارات مصادرة واحد وعشرين ألف دنم من أراضي منطقة المل وتحويلها الى منطقة عسكرية ومنع أصحابها من الدخول اليها وكان ذلك بناءا على رسالة بهذا الخصوص كان قد أرسلها الى المجالس المحلية ديرحنا عرابة وسخنين بالإضافة لتصريح له نشر بصحيفة الأنباء الصادرة بتاريخ 05.02.1967 شمعون بيرس وزير الأمن آنذاك.

فعلى ضوء هذا التصريح قامت ادارات المجالس المحلية الثلاث بتوجيه رسالة معاكسة لوزير الأمن تطالبه بالعودة عن تصريحاته السابقة بخصوص قرار المصادرة وإلغاء اشعارات المنع التي كانت قد أرسلت للمواطنين بمنعهم من الدخول الى المنطقة تسعة أو الى اراضيهم ومزاولة زراعتها وفلاحتها كالمعتاد. إلا أن بيرس وحكومته رفضوا هذا المطالب لرؤساء المجالس المحلية واستمروا في بلطجتهم وعنجهيتهم ضد جماهير شعبنا ولم يتنازلوا عن قرار المصادرة. وبناءا على هذا الصلف والتكبر من قبل السلطة الحاكمة قررت لجنة الدفاع عن الأراضي أن الثلاثين من آذار عام ستة وسبعين سيكون يوم اضراب سلمي شامل للوسط العربي وذلك احتجاجا على قرار المصادرة الظالم، وفعلا هذا ما قد حصل في تلك الأيام وأن لجنة الدفاع عن الأراضي قد توصلت الى هذا القرار بعد أن استنفذت وأوصدت جميع الأبواب الحكومية للتوصل الى الإتفاق لإلغاء قرار المصادرة عنها.

آذار شهر العزة والكرامة
إن آذار شهر العزة والكرامة وبه انكسرت وتحطمت كل حواجز الخوف وسياسة البطش الممارسة على رقاب شعبنا منذ عقود طال امدها وذلك بفضل الدماء الزكية التي سفكت على ايدي قوات الأمن. ولقد حاولت السلطة عن طريق عملائها من رؤساء المجالس المحلية آنذاك على سبيل المثال لا للحصر رئيس مجلس باقة الغربية طارق عبد الحي ورئيس مجلس طمرة زكي دياب وغيرهما من الرؤساء المرتبطون بسياسة الحكومة حاولوا مدفوعين منع اتخاد القرار بالإضراب بإجتماع شفاعمرو وقد فشلوا فشلا ذريعا وكان لهم بالمرصاد طيب الذكر تفيق زياد تسانده جماهرية واسعة محتشدة في ساحة الإجتماع غاضبه من هؤلاء فقال لهم توفيق زياد سيتخد قرارا بالإضراب (غصبن عنكم والي مش عاجبه يشرب من البحر) وقد حصل الإضراب الشامل في جميع قرانا ومدننا العربية وعندها تدخلت قوات الأمن الى جميع القرى والمدن العربية محاولة منها لكسر واخضاع هذا الإضراب بقوة السلاح لكنهم فشلوا فشلا ذريعا وتم فعلا كسر حاجز الخوف والتشظي الى الأبد.

اكتب هذا لدغدغة افكار هؤلاء الاخوة الذين نسوا ما قد حصل من احداث مؤلمة واعتداءات رجال الأمن على المواطنين في تلك الأيام. أكتب هذا ايضا الى ابنائنا وبناتنا من الجيل الصاعد ولأبناء شعبنا كله الذين لم يحالفهم أو يسعفهم حظ المشاركة في البطولات والتضحيات في تلك الأيام وما بذلوه من شجاعة منقطعة النظير بالتصدي لمنجزرات الجيش وآليّاته العسكريّة عندما دخلت الى ساحات القرية وشوارعها وازقتها.

هؤلاء الدخلاء الذين جاءوا ليحطموا ارادة هذا الشعب بقعقعة المجنزرات وكانوا يطلقون الصراخ على المواطنين لتخويفهم وارعابهم ادخلوا الى البيت والا سنطلق النار عليكم ولكن هذه الصرخات ردت الى نحور مطلقيها وتصدت لهم الجموع الغاضبة بكل عزم وقوة من صبايا ونساء حتى من كانوا في سن العجزة قد شاركوا بالدفاع عن الأرض والعرض والشرف وحتى والدتي رحمها الله التي كانت بسن السابعة والستين من العمر قام الجيش باعتقالها وادخالها الى مجنزرة ومن ثم نقلوها الى معسكر الإعتقال الجماعي على المدخل الغربي للقرية وكان هناك العشرات من الشباب التي تم إعتقالهم من قبل رجال الجيش.

لقد كان الشرف الكبير لديرحنا أن قدمت العشرات من الشباب الجرحى أسوة ببقية قرانا ومدننا في سبيل الدفاع عن روحية وانتمائهم الوطني ودفاعا عن الأرض والعرض. ومن بين هؤلاء الشباب الجرحى الأخ محمد محمود سالم ولولا لطف الله لبترت يده وقد حالفنا الحظ بارسالة في حينة للعلاج عن طريق الحزب الشيوعي الى موسكو وتم علاجه وشفاؤه. وهناك العديد من الأخوة الجرحى الذين سقطوا برصاص الجيش وتم علاجهم محليا ومن بينهم الأخ رجا خطيب ونايف حجو والقافلة من الجرحى طويلة من الذين اصيبوا برصاص القوى الغاشمة.

عودة على ذي بدء أن آذار عام ستة وسبعين كان آذار التحدي والصبر على الآلم ومواصلة المعركة ومن خلاله كسر حاجز الخوف من سياسة البطش والتخويف وفرض سياسة الأمر الواقع كما هي والغرامات الباهضة على المواطنين بشتا الحجج والمسميات الكاذبة كالبناء غير المرخص وغيره فآذار ستة وسبعون هو آذار ماجد مجيد ووضع من خلاله حدا لغطرسة هؤلاء العنصرين ووضع حد لهذه العنتريات السلطوية على مدار عقود طويلة من الزمن هذا بالطبع يرجع بفضل الدماء الطاهرة التي سفكت على أيدي هؤلاء المعتدون.

اكتب هذا التاريخ الناصع من معاناة شعبنا وعن صموده الرائع في وجه سياسة الظلم والإضطهاد القومي الممارس بحقنا كاقلية قومية بهذه البلاد. كيف لا ونحن اصحاب الحق والأرض والبيت الأصليين فهذه السياسة ممنهجة وممارسة ضد ابنائنا منذ انشاء هذه الدولة وحتى الآن.

اكتب هذا ليعكس أثره الفكري الوطني على الجيل الناشئ الصاعد لكي لا ينسى ما وقع من معاناة على والده ووالدته وشقيقه وابن عمه وجاره أيضا وأنا بحكم المتأكد أن هناك نسبة عالية جدا من شباب اليوم لا تدرك الا القليل جدا عن احداث آذار وما واكبه من أحداث مؤلمة عام ستة وسبعين ولربما لا يدرك هؤلاء الشباب عظم وأهمية هذا الحدث التاريخي في حياة شعبنا. إن هذا الذي كتب هنا ليس كل ما حصل في آذار ستة وسبعين انما هذا جزء يسير مما حصل وسنعود على ذكره في قادم الأيام إن شاء الله وليبقى ذكرى آذار معلما تاريخيا راسخا مترسخا في قناعاتنا وفكرنا ونهجنا ولنعمل على نقل هذه السيرة الناصعة من تضحيات شعبنا في سبيل الدفاع عن الأرض والعرض الى من سيرثوننا ولكي تبقى هذه الشعلة مضيئة في سراديب الظلام الحالك في هذه الأيام.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة