الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 20 / أبريل 13:02

النقاط على الحروف.../ بقلم: البروفيسور أحمد الناطور

كل العرب
نُشر: 18/04/15 12:26,  حُتلن: 15:54

البروفيسور أحمد الناطور:

تفاقم الامر يوم شرعت إسرائيل بناء الجدار الفاصل وأعلنت عن آلاف الدونمات التي بقي أهلها وراء الجدار أملاك غائبين

القانون الإسرائيلي يسمح للإسرائيليين الذين يدعون أن مورثيهم كانوا أصحاب الأملاك في القدس المحتلة قبل سنة 1948 باسترجاع أملاكهم

النهج الذي تخجل منه حتى عصابات القاوبوي والمخالف لقواعد العدل والقانون الدولي وتبرأ منه تشريعات الأرض والسماء على حدّ سواء تخرج إسرائيل من دائرة دول القانون والديمقراطية إلى غير رجعة

لقد خسرت عائلة الشماسنة بيتها في الشيخ جراح امام المحكمة , لصالح المستوطنين , وهذه حلقة أخرى في مسلسل سلب العقارات في القدس , عائلة بأكملها باتت مشردة بعد ان أُمِرَت بإخلاء بيتها الى المجهول.
كانت إسرائيل قد شرعت قانون أملاك الغائبين سنة 1950 كي يتسنى لها غصب أملاك اللاجئين الفلسطينيين ومعها أملاك الأوقاف الإسلامية , التي اعتبرتها هي الأخرى أملاك غائبين , وكأن كل هذا لم يكن ُلشبِع جشعها في الاستيلاء على أملاك الناس , فقد تمادت لتصل حتى الى أملاك اهل القدس , التي تقع داخل سلطة بلدية المدينة , مع ان أصحابها يسكنون امتارا معدودة فقط وراء خطوط سلطة البلدية . وما قصة عائلة عياد الا مثالا واحدا لذلك , عائلة عياد هي صاحبة فندق كليف في ابوديس المحاذي لجدار الفصل الذي وضع القيم على أملاك الغائبين يده عليه , رغم ان أصحابه يسكنون في بيت يبعد عنه 200م فقط ولكنهم وراء حدود سلطة البلدية , لقد اعتبر الفندق ملكا لغائب وسيطرت عليه الدولة بواسطة القيم على أملاك الغائبين . ان السؤال المطروح هو , هل يسري قانون أملاك الغائبين على أملاك اهل القدس الذين يسكنون في الضفة الغربية بعد ان قررت اسرائيل ضم القدس اليها ؟ ومع ان البند الثالث من قانون أنظمة السلطة والقضاء لسنة 1970 يستثني سكان شرقي القدس " الذين تواجدوا يوم اجراء امر القضاء , في المنطقة وكانوا من سكانها " من شر القانون– الا ان الاستثناء يشمل فقط من تواجد فعلا وجسديا في القدس الشرقية يوم ان ضمت الى إسرائيل وتقرر اجراء القانون الإسرائيلي عليها , بما فيه قانون أملاك الغائبين المذكور . معناه ان هذا البند , لم يكن ليسعف اهل القدس الذين لهم أملاك في المدينة , ولكنهم يسكنون خارج حدود سلطة بلديتها – أي في منطقة الضفة .
لقد عارض المستشار القضائي للحكومة في حينه مئير شمغار , اجراء قانون أملاك الغائبين على أملاك هؤلاء الناس في القدس , لان " هذه الأملاك لم تكن أملاك غائبين قبل دخول الجيش الإسرائيلي الى القدس , ولم تكن لتصبح أملاك غائبين لو ان القدس بقيت جزءا من الضفة الغربية ولم تضم الى إسرائيل , وليس من شان مجرد ضم القدس الى إسرائيل ان يجعل هذه الأملاك , أملاك غائبين – خاصة وان أصحاب هذه الأملاك ليسوا غائبين بل هم متواجدون تحت سلطة الجيش الإسرائيلي " . الا ان هذا الموقف قد جرى تجاهله تماما سنة 1977 بايعاز من وزير الزراعة آنذاك شارون , فاخذ القيم على أملاك الغائبين ينهب أملاك الفلسطينيين في القدس رغم انهم يعيشون في الضفة الغربية – ولم يتركوا بيوتهم بل بقوا في أماكن تواجدهم , وتحت سلطة إسرائيل العسكرية . لقد تفاقم الامر يوم شرعت إسرائيل ببناء الجدار الفاصل , وأعلنت عن الاف الدونمات التي وجد أهلها انفسهم وراء الجدار كأملاك غائبين . ومع ان المستشار القضائي مزوز – قد عارض هو أيضا هذا النهج التعسفي المخالف للقانون الدولي الإنساني وللمنطق الدولي الا ان حكومات نتانياهو قد كرست نهجها في سلب الاف الدونمات وتسخيرها في بناء احياء استيطانية يهودية كما حدث في جبل أبو غنيم وغيره. والاغرب من هذا كله ان قرارات الاستيلاء على الأملاك على هذه الطريقة ليست معلنة كما هو متبع بشان المصادرة العادية , الامر الذي يبقي أصحابها في حال لا يعلمون فيه شيئا مما يجري بشان املاكهم في أروقة السلطان .
اما القضاء الإسرائيلي , وهو الجهة التي كان يتوقع من حيث المبدا ان تقف سدا امام تعسف السلطة فقد رضخت هي الأخرى الى هذه السياسة الظالمة , باستثناء قرار القاضي اوكون ( قاضي المحكمة المركزية آنذاك ) الذي استهجن هذا النهج وامر بعدم اجراء قانون أملاك الغائبين على القدس المحتلة , الا ان الدولة قد استانفت على قراره هذا وحين امرت المحكمة العليا المستشار القضائي الحالي – فاينشتين – بالادلاء بموقفه تجاه ذلك , وكان امامها أربعة ملفات موحدة , قال المستشار ان بإمكان أصحاب الأملاك التوجه للجنة الخاصه - وفقا للمادة 29 من قانون أملاك الغائبين من اجل إعادة الأملاك اليهم , معناه انه يعتبر هذا الأملاك أملاك الغائبين وانه بخلاف سابقيه يشير بسريان قانون أملاك الغائبين عليها.
ان العجيب في الامر هو ان القانون الإسرائيلي يسمح للإسرائيليين الذين يدعون ان مورثيهم كانوا أصحاب املاك في القدس المحتلة قبل سنة 1948 , باسترجاع املاكهم , وهذا ما حدث في بيت عائلة الشماسنة في الشيخ جراح وغيره الكثير , ويمنع الامر ذاته على الفلسطينيين مطلقا .
أي ان التميز العنصري هو الذي يحكم الامر , ومعه استخدام القوة في انتزاع الأملاك , حتى لو كان الامر مخالفا للعدل والأعراف والقانون الدولي . بالمقابل , فان المستوطنين الذين يعيشون على ارض الضفة المحتلة , لا يعتبرون غائبين مع انهم يعيشون على ارض خارج إسرائيل – جرى تصنيفها – "ارض عدو ", كما انه ليس للاجئين الفلسطينيين او حتى للحاضرين من الفلسطينيين الذين لهم أملاك داخل حدود إسرائيل حق المطالبة باسترجاع املاكهم التي وضع القيم يده عليها فلا يجوز وفق هذا القانون لابن القدس الشرقية الذي هجر من بيته في القدس الغربية المطالبة باسترجاع بيته في القطامون او الطالبية مثلا , مع انه لا زال يسكن المدينة ذاتها . تُرى أي قانون هذا الذي يسمح بالاستيلاء على أملاك الناس بقرار من جانب واحد هو صاحب القوة والسطوة, بتعسف وظلم , لا لشيء اللهم الا لانهم عرب ولأنه هو صاحب السلطة . وهذا غيض من فيض ..
ان هذا النهج الذي تخجل منه حتى عصابات الكاوبوي , والمخالف لقواعد العدل والقانون الدولي وتبرأ منه تشريعات الأرض والسماء على حد سواء , تخرج إسرائيل من دائرة دول القانون والديمقراطية الى غير رجعة.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة