الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 10 / مايو 11:01

ما وراء التثوير والتدهيش/بقلم:كميل فياض

كل العرب
نُشر: 19/04/15 14:45,  حُتلن: 07:52

الاثارة والدهشة والبحث عن الاثارة والدهشة، هو اساس في عقلية عامة مسيطرة .. واما انت فعليك ان تفاجئهم دائمًا بما يثيرهم ويدهشهم ويسعدهم ، لتنال قسطك من المدهش المثير ايضًا.. من انت؟ الكاتب ، الممثل ، الشاعر ، المغني ، الرقاصة ، الشيف الخ .. هل هذه (خرطة) تبتز الناس من قبل مختلف انواع تجار الثقافة والفن والاعلام والتسويق ؟ ام ان سيكلوجية طلب الاثارة هو محاولة لكسر الروتين والرتابة التي ان طالت تقترب من الموت في الحياة ؟ فالبحث عن مذاق مختلف ، عن قصيدة اخرى ،عن مسلسل آخر ،عن ثياب جديدة ، عن منظر جديد ،عن آيفون جديد ، عن تجربة جديدة ، هو امر شبه قاهر في النفس ، وهو نقيض الاستقرار والقناعة والهدوء ، لكنه في آن مسبب للاستقرار والهدوء ، لكن الى حين ، اي الى ان تُستَنفَد الضحكة ،واللقمة، والصورة، والكلمة، والغرض ، والعَرض ، وتصبح اشياء عادية ثم منسية .. ربما هي تراكمية التطور الذي يقودنا دائمًا الى ما لا نعلم حتى نعلم .. وفي كون لا بداية له ولا نهاية ، وفي زمن لا بداية له ولا نهاية ، دائمًا يجب ان ننسى لنذكر ، ونجهل لنعلم ، ونسكن لنتحرك ، ونقف لنخطو .. غير ان طلب الدهشة والاثارة دون تقيد بمعايير تضمن الصحة والسلامة ، يؤدي الى الندم والاحباط وربما الى التدمير .. وبما ان الصحة والسلامة خاضعة في النهاية لموضوعية النمو حتى العجز والخرف والموت على المستوى البيلوجي ، يجب ان تدفع بنا نزعتنا شبه الغريزية لطلب الاثارة والتجديد - وكمحرك للتطور - يجب ان تدفع بنا للتحول بالطلب من مستوى الاغراض الحسية الى مستوى الافكار الخلاقة ، اي غير العادية المرتبطة بما استُهلِك في حدود المعروف والموصوف .. بمعنى ادق ان تكون تلك الافكار دائرة في مطلب ما لا يموت ولا يفسد .. اذ ان التطوير والتجديد في نطاق الاغراض ، يتحول الى نشاط سيزيفي والى ركض وضغط شبه فارغ ، او لا يلبث عن يفرغ سريعًا من الجدوى والمعنى ..

واذن لا بد من مستوى وجودي مختلف جذريًا .. ولا يهم ان جاءت هذه الافكار الخلاقة المرتبطة بذلك تعبيراً فلسفيًا ، ادبيًا ، فنيًا ، او دينيًا .. المهم ان ترتفع بالوعي عن الواقع الحسي ، الذي يفتقر بطبيعته الى المطلوب ، طالما نحن غير خالدين على الارض .. اما اذا كان العالَم ( الآخر) او الفوقي والذي هو غير منفصل عن الواقع ، يتطلب التطور والتراكم كما هو الامر في الحياة الحسية الغرضية ، فالجواب بالخبرة : نعم لكن تتصف التراكمية هنا بالتحول اعمق واطول في درجة التذبذب والتوتر بين نزعتين متضادتين : واحدة تطلب الحقيقة الوجودية الكاملة ، والتي تقتضي الانسلاخ عن الهموم الارضية غير الطبيعية وغير الضرورية ، والاخرى تطلب الاستمرار – المحالي - للخلود على الارض ، جريًا وراء الأغراض الفردية والحسية المختلفة .. ومن خلال هذا الصراع إما يتم التغلب على الموت وعلى الروتين والجمود ، ومنه ينبثق المعنى على الدوام ، وإما نموت أحياء كأكثرية البشر.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net 

 

مقالات متعلقة