الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 23:01

نفذ صبري/ بقلم: رزان بشارات

كل العرب
نُشر: 20/04/15 10:25,  حُتلن: 12:31

رزان بشارات في مقالها:

نفذ صبري من تجاهل الحقيقة والاصرار لعدم المعرفة والرضوخ تحت سُلطة التبعية والقطيع

نفذ صبري من الاستغلال الجنسي والجسدي والمادي والاجتماعي للفتيات

نفذ صبري من الرضوخ للماديات والمواد وتجاهل الشغف والحُب

وجودكنّ في الملجأ الانتقالي هو قوة وعزيمة وأداة للتغيير المنشود انتنّ قدوة في نظري ثورتكنّ وعدم رضوخكنّ للظرف القائم المؤلم، تمردكنّ على الواقع المرير

نفذ صبري من الطبقية التي بدت تتشكل اكثر واكثر وتزرع الحقد والاستغلال وعلاقات قوى تنتشل لب الانسان وجوهره وتغلفه بأشواك حادة اليمة

لم ينفذ صبري وايماني من التطوير المجتمعي والتفكير النقدي الدائم والبحث وراء الحقيقة والمعرفة

نفذ صبري من تجاهل الحقيقة والاصرار لعدم المعرفة والرضوخ تحت سُلطة التبعية والقطيع، ما زالت كلماتها تخترق آذاني عندما قالت: " لا اريد ان أعلم، انا افضل هذا المكان، انه قدري ومكتوب ان احيا في هذه الظروف وسأبقى فيها" ولكن عذرًا سيدتي، لا يمكنك تجاهل حقيقة الموقف وزخرفتها بأفكار سيطرت عليكِ من قِبل مجتمعكِ المسالم الذي يؤيد المساواة، ويحارب التمييز والعنصرية! انني امازحكِ، ليست هذه هي الحال! ولكنكِ تخدمين مصالح تتناقض مع سلامكِ وسلام عائلتك من اناث وذكور، وانت تستطيعين القيادة الى مجتمع يتمتع بانسجام وتوافق بين البشر وذلك من خلال تربيتك والمعرفة، معرفة الحقيقة ومجراها وتأثيرها.

نفذ صبري من الاستغلال الجنسي والجسدي والمادي والاجتماعي للفتيات. تُعنّف الفتاة من جيل صغير على يَد الاب والاخ والعم وابن العم، وذلك من خلال ظاهرة الزواج المبكر حيث اخبرتني صفاء اثناء تكتل الدمعات في عيونها: "كان عمري 14 سنة فقط وزوجوني ابن عمي 40 سنة".

ظاهرة التحرشات الجنسية التي عبّرت عنها شدا قائلة: " اخوووي .. هو اللي ضايقني .. وبالآخر اعتدى علي جنسيًا! انت مصدقتيني؟ لانه بالبيت فكروني مجنونة وبطلع مع شباب، زتوني بريت البيت ومفكريني اتهمت اخوي". وقالت ربى التي كانت تناشد النجدة اثناء حديثها: " بدي اكمل تعليمي، انا كتير بحب اتعلم .. بس ابوي ضربني لما قلتلو بديش اتجوز" واكثر ما اثارني غيظا ومرارة المقولة التالية: " كانوا مجموعة يمكن 3 او 4 .. هني اسا برا .. عايشين حياتهم .. بريت السجن! وانا هون بالملجأ ليه؟! انا شو عملت !؟ "
الفتيات العزيزات، اعلم ان مجتمعنا يفرض قيودًا معيّنة واراء مسبقة حول عدة فئات من بينها انتنَّ، ويتوج الذكور بالحرية والكفاءة ويلقي على كتفكنّ عبء الشرف الذي يقتحمه ذلك المتحرش العنيف! فعلًا عليكِ الانتباه فالشرف يتعلق بك وحدكِ دون علاقة للشاب! انتبهي لا تخرجي من البيت ابدًا للحفاظ على "الشرف" فشرفكِ هو شرف كل العائلة ولديهم القدرة ايضًا على اقتحامه، فقط الاب والعم والاخ ! عجبًا.. انني امازحك عزيزتي واسخر من تلك الالقاب والاحكام التي يلقيها مجتمعنا.

وجودكنّ في الملجأ الانتقالي هو قوة وعزيمة وأداة للتغيير المنشود، انتنّ قدوة في نظري، ثورتكنّ وعدم رضوخكنّ للظرف القائم المؤلم، تمردكنّ على الواقع المرير، بحثكنّ عن الامكانيات الملاءمة والخروج من قوقعة الظلام الى عالم الآفاق والمعرفة التي تتطورعند دخولك الى الملجأ. ملجا ؟! الآراء المسبقة لملجأ الفتيات "المضروبات" (القصد جسديًا وعقليًا ونفسيًا) عُذرًا الفتيات هن بضائقة كفى قول مضروبات! وهل حياة احدًا من بيننا تخلو من الضيقات ؟!!! إذًا كفى للآراء المسبقة والرجعية.
نفذ صبري من التربية التي تصبّ المعلومات في ذهننا وتجعل منا آلة مبرمجة يتحكم بها المجتمع من خلال جهاز تحكمي لا يتحلى بالإبداع ابدًا عليك يا ايتهاايها الطالبة التفوق والامتياز بكل المواضيع والابتعاد عن الفن والابداع والصوت الداخلي!! تفوقي لكي يهنئك المجتمع هيا انهض/ي وتعلم/ي مهنة طبيب ة مهندسة محامية .. واذا لم تتفوق/ي .. هنالك مجالات اخرى كالرسم مثلا او الموسيقى وعلم الاجتماع .. تبًا لك مجتمعي !! ( ع قولة ستي: " اعطي الخبز لخبازة" في مجتمعنا الخباز مش عارف ابداعه).
الابداع هوعبارة عن الشغف الداخلي الذي يحفزنا والاداة للسعادة وتذوق الحياة والعيش بنكهة.

نفذ صبري من الطبقية التي بدت تتشكل اكثر واكثر وتزرع الحقد والاستغلال وعلاقات قوى تنتشل لب الانسان وجوهره وتغلفه بأشواك حادة اليمة.
نفذ صبري من الرضوخ للماديات والمواد وتجاهل الشغف والحُب، ما يميز الحُب هو ان الآخر يغدو جزءًا من هويتي وانا من هوية الآخر وهذا لا يمكن ادراكه ابدًا الا عند اكتمال هويتي الشخصية ومعرفة حدودها وتعريفها ومعرفة الذات والاكتفاء الذاتي، غير ذلك نخطئ الاختيار ونكمل رحلة البحث عن ذلك الفراغ العاطفي حتى بعد الزواج واذا وجدناه .. لم نتنازل عنه وتبدأ مسيرة صراع جديدة صراع الضمير المجتمعي والشغف، الذي يطلق عليه مجتمعنا "الخيانة".

قالت هُدى اثناء مقابلة لبحثي الجامعي: " انني احبه .. فعلا اشعر بذلك الحب .. ولكن عند اصطدامنا بالشاحنة وتأزم وضعه الصحي .. فقدت ذلك الاعجاب والبريق والحب .. لذلك قررت الانفصال عنه .." عزيزتي .. عُذرًا ربما اعجبك مظهره، حديثه، اناقته، نفوذه ولكنك لا تعشقينه! لو احببته فعلًا، هل تنفصلين عنه؟! بالطبع لا! وذلك عندما يكون الاختيار سليم .. بحُب وصدق وامان ..
وسألني ذات يوم: " بتحبيني جد؟! " فاجئني سؤاله وقلت نعم .. سألني كيف تدركين!؟ قلت انني لا استطيع الغياب عنك لفترة زمنية طويلة ! فقال: " انا مدخن واعرف خطورة الدخان، لا احبه ولكنني لا استطيع الغياب عنه مدة طويلة ايضًا!" وبدأ الصراع .. وادركت لاحقًا انه ليس الحُب .. بل العادة ..
ولكن حتى اليوم ....

لم ينفذ صبري وايماني من التطوير المجتمعي والتفكير النقدي الدائم والبحث وراء الحقيقة والمعرفة.
ولم ينفذ صبري من الشغف الداخلي والقدرة العظيمة الموجودة عند كل انسان لتغيير نفسه نحو الافضل.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة