الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 09:01

الثعلب والأسد/ بقلم: سلام الرّاسي

كل العرب
نُشر: 07/05/15 09:30,  حُتلن: 13:53

يُحكى أنَّ السّبعَ ملكُ الغابةِ، هَرِمَ وَشاخَ، فضَعُفَتْ همِّتُهُ ، فانْزوى في عرينِهِ يُفِكِّرُ بِهمومِهِ وَحالتِهِ. فَهوَ لمْ يَعُدْ قادِرًا عَلى تَأْمينِ طَعامِهِ وَشَرابِهِ.
فَأَقْبَلَ الثَّعلبُ يزورُهُ ، وَجلسَ على بابِهِ. وَبعدَ التّحيّةِ وَالسّلامِ، قالَ لِلأسِدِ: "يا سيّدَ الوحوشِ، لقدْ قالتِ الحُكماءُ: إذا شحّتِ الأبصارُ وضعُفَ الجسمُ، فليسَ لكُمْ منْ دواءٍ يَشفي إلّا لحمُ الحمارِ ؛ إنّهُ يجلبُ العافيةَ ويشدُّ الرُكَبَ الْمُتراخيةَ".

وقدْ رأيْتُ وأنا في طريقي إليْكُم، حمارًا سمينًا مُتعافيًا ، يرْعى في مكانٍ قريبٍ، فإنَّ قبلْتُم بِنصيحتي، رافَقْتُكُم إليْهِ، فَتنعمونَ بِقلبِهِ وَلسانِهِ وَدماغِهِ، فَتعودُ إليْكُمْ عافيتُكُم، وَيُشْفى بصرُكُمْ، وَتتركونَ ليَ الفضلاتِ تعْويضًا عنْ إخلاصي وَمحبّتي لكُم...

سَمِعَ الأسدُ كلامَ الثّعلبِ، وَمشى إلى جانبِهِ إلى المكانِ الّذي يرْعى فيهِ الحمارُ، وأخذَ الثّعلبُ يتودّدُ إليهِ، ويُسمعُهُ كلامًا يَسْترضيهِ بِهِ: "سلامةُ نظرِكَ سيّدي الأسدَ... أنا فِداكَ أيُّها السّبعُ... شفاكَ اللهُ يا سيّدَ الوحوشِ..." ثُمَّ انتظرَ إلى أنْ وصلا إلى موقعِ الحمارِ، فنصحَ الأسدَ بأنْ يَهْجُمَ على الحمارِ منَ الخلفِ، ويفترسَهُ قبلَ أنْ يلتفتَ إليهِ.

لكنَّ الحمارَ، لمْ يكنْ غافلًا، فَما كادَ الأسدُ يقتربُ منهُ، حتّى تناولَهُ برفسةٍ من قدميْهِ على صدغِهِ ، أتبعَها برفسةٍ تحْتَ أذنِهِ، فترنّحَ الأسدُ ثُمّ سقطَ على الأرضِ مَغْشيًّا عليهِ. وَعندما استفاقَ من غيبوبتِهِ، سمِعَ الثعلبُ يقولُ للْحمارِ: "صباحُ الخيرِ يا سيدي الحمارَ... حفظَكَ اللهُ أيّها الجحشُ العظيمُ... يا صاحبَ الصوتِ الرخيمِ والعقلِ السّليمِ والذّيْلِ المستقيمِ...".
فانْتفضَ الأسدُ، رُغمَ ألمِهِ وتعبِهِ، وصاحَ بِالثّعلبِ: "ما هذا الكلامُ الجميلُ الّذي تَمدحُ بهِ الحمارَ، وكنْتَ قدْ رغّبْتني بِلحمِهِ، ومشيْتَ معي إليه لافتراسِهِ؟!"
قالَ الثّعلبُ: "الناسُ معَ الواقفِ إلى أنْ تنْجليَ المواقفُ"... وصارَ قولُ الثّعلبِ مثَلًا يُردّدُهُ النّاسُ.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة