الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 17:02

لو يعلم صدام؟!/ بقلم: عدنان حسين

كل العرب
نُشر: 02/06/15 07:56,  حُتلن: 07:59

عدنان حسين في مقاله:

بماذا يمكن أن يتفاخر نظام فيما هو يفتح كل الأبواب وأوسعها للفساد المالي والإداري كيما يضرب كل أركان الدولة ومؤسساتها

النظام الذي يقبل وهو في القرن الحادي والعشرين بأن تجري عمليات مقايضة النساء (زواج الفصلية) بالجملة بإشراف وتشجيع من مسؤولين في الدولة هو من دون أدنى شك بالسوء ذاته الذي كان عليه نظام صدام

نظام صدام حسين كان سيئاً للغاية .. مستبدّاً ودكتاتورياً وقاسياً ومتوحشاً وعدوانياً .. هذا صحيح. وكان أكثر سوءاً من أي نظام حكم سيء على مدار النصف الثاني من القرن العشرين.. هذا صحيح جداً.. وصحيح أيضاً انه لم يكن له نظير في العصر الحديث سوى نظام هتلر النازي وأشباهه.

أقلّ ما كنّا -نحن معارضي ذاك النظام- نعد به الشعب العراقي هو أن نعوّضه عن معاناته الأليمة ومكابداته الطويلة بنظام يناقض ذاك النظام ويخالفه في كل شيء، فهل وفينا بالعهد وأنجزنا الوعد؟

بعد اسبوع من اليوم يكون قد مرّ 4444 يوماً و4444 ليلة منذ الإطاحة بنظام صدام، وإذا أردنا ان نكون صادقين مع أنفسنا ومع الآخرين لابدّ لنا من الاعتراف باننا ارتكبنا بعدد هذه الأيام والليالي من المساوئ.. والحبل على الجرار!

النظام الذي يقبل، وهو في القرن الحادي والعشرين، بأن تجري عمليات مقايضة النساء (زواج الفصلية) بالجملة بإشراف وتشجيع من مسؤولين في الدولة هو، من دون أدنى شك، بالسوء ذاته الذي كان عليه نظام صدام.. وكذا هو النظام الذي يرضى عن طيب خاطر وبمباركة ممن يصنّفون أنفسهم في عداد العلماء والأولياء الفقهاء (رجال الدين) بتزويج الاطفال في عمر13 سنة فما دون. (للتاريخ والأمانة ان نظام صدام ما كان يسمح بهذا كله).

النظام الذي يدوس أعضاء السلطة التشريعية فيه على الدستور والقوانين السارية، ويديرون ظهورهم للقضاء ولسلطة الدولة ويسعون الى حل نزاعاتهم القانونية خارج القانون وبعيداً عن مؤسسات الدولة وفي كنف رجال العشائر والقبائل هو نظام لا يقلّ سوءاً عن نظام صدام.

والنظام الذي يأذن بأن ينهار نظام التعليم في بلاده من أدناه الابتدائي الى أعلاه الجامعي على نحو مريع، وتنشغل إداراته التعليمية والعلمية بالفصل بين الجنسين وبقياس تنورات الطالبات لضمان أن تكون مكانس للشوارع والأرصفة الغارقة بالنفايات والأوحال والأتربة، هو نظام سيئ بالدرجة التي كان عليها نظام صدام.

بماذا يمكن أن يتفاخر نظام فيما هو يفتح كل الأبواب وأوسعها للفساد المالي والإداري كيما يضرب كل أركان الدولة ومؤسساتها: التشريعية والتنفيذية، وحتى السلطة القضائية، بل حتى السلطة الرابعة: الإعلام، فلا يتعفف النائب أو الوزير أو القاضي أو الصحفي عن الأكل من السحت الحرام والإقدام على ما يُشين ويُخلّ بالشرف الشخصي والسياسي والمهني!؟

وهل لنظام أن يباهي بأفضليته على نظام صدام وهو يقبل بأن يحتلّ بعض أعلى المناصب فيه أفّاقون ومزوّرو شهادات دراسية ووثائق رسمية بتواطؤ مع أصحاب مناصب أرفع في الدولة!؟

وكيف لنظام أن يميّز نفسه عن نظام صدام حسين وهو يضيّع ثلث مساحة البلاد في يوم وليلة من دون قتال؟!
هل يعلم صدام، وهو في قبره، ماذا فعلنا بالناس من بعده؟.. الأكيد لو قُدّر له أن يعلم لضحك عميقاً وطويلاً كما لم يضحك وهو على قيد الحياة.

نقلا عن المدى

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة