الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 18:02

قُلْ الحمد لله/ بقلم: نديم ابريق

كل العرب
نُشر: 27/06/15 07:46,  حُتلن: 07:47

نديم ابريق في مقاله:

كثرة الأحزان والعقبات والصعاب في الحياة أنستنا حمد الله أنستنا بأن الله سبحانه وتعالى قد أغدق علينا من فائض نعمه وأغرقنا بها

نعم الله عليك عظيمة وكثيرة تغرق فيها من الصباح حتى المساء فأنت تأكل وتشرب وتمشي وترى وتسمع وتتذوق وتتكلّم وتعمل وتتعلّم


الحمد لله، أول كلمة بدأت فيها سورة الفاتحة، كلمة وَجبَ علينا أن نُردّدها يوميًّا، بل بالأحرى عدة مرات خلال اليوم. ولكن، وللأسف الشديد، ونتيجة لما آلت اليه الأوضاع في حياتنا وفي مُجتمعنا نجد أن العديد العديد منا قد ابتعدوا عن حمد الله وعن شكره، فكثرة الأحزان والعقبات والصعاب في الحياة أنستنا حمد الله، أنستنا بأن الله سبحانه وتعالى قد أغدق علينا من فائض نعمه وأغرقنا بها.

عندما تُعاني، يا أخي، من ضنك الحياة وضيقها اجلسْ وتُفكر رويًا.حاولْ أن تضع جدولا في عقلك وفي تفكيرك، واجتهدْ من خلال هذا الجدول أن تجري مقارنة بين ما تملك في هذه الحياة وما ينقصك، بين ما حلّ بك من مصائب ومشاكل وبين ما أصاب غيرك، فعندما تجري هذه المقارنة البسيطة ستجد بالتأكيد من هو أسوأ منك في حاله ومن يُعاني أكثر منك من وضعه...

أُنظرْ إلى الاعمى وتأملْ – فأنتَ تفتح عيناك صباحًا، لترى الدنيا بجمالها وبزينتها وزخرفتها وألوانها، أما هو فلا يرى سوى الظلام، وهو غير قادر على رؤية هذا الجمال وهذه الألوان. قارنْ نفسك معه وقُلْ: الحمد لله...

تفكّرْ في الأصم وتأملْ الأبكم، فأنتَ تستطيع أن تسمع من حولك، قادرٌ أن تسمع عائلتك وأصدقائك ومُعلّميك، تستطيع أن تسمع زقزقة العصافير وحفيف الشجر وخرير الماء وصوت زخات المطر، تستطيع أن تُعبّر عما يدور في خلدك وداخلك وعمّا يجيش في صدرك من مشاعر وأحاسيس، أما هم فلا يسمعون ما يدور حولهم ويُعبّرون عما يدور في خلدهم بلغة الاشارة. قارن نفسك معهم، وقُلْ: الحمد لله...

راقبْ المشلول، فلكَ رجلان يساعدانك على الركض وعلى السّير والمشي إلى المدرسة، إلى العمل وإلى أماكن العبادة والصلاة، يساعدانك على ممارسة الرّياضة، أما هو فيُدفعُ على كرسي مُتحركة، وقد شُلّت أقدامه أو بُتر ساقه ،نتيجة حادثٍ أو بفعل مرضٍ فلا يستطيع المشي. قارن نفسك معه وقُلْ: الحمد لله...

زُرْ المريض، فأنتَ تتمتع بتمام الصحة ولا تُعاني من مرضٍ يُنهك قواك ويُضنيك، أما هو فقد أضناه المرض وأتعبه، فخارت قواهُ وسقم جسمهُ من المرض ومن الأدوية ومن المُسكّناتِ، ويتمنى أن يشتري الصحة حتى لو بأغلى الاثمان وأبهظها. قارنْ نفسك معه وقُلْ: الحمد لله...

جالِسْ فقيرًا بدون بيت يؤويه، فينام في العراء ويلتحف السماء، وقد يموت جوعًا في كل لحظة وقد خرّت قواه من الجوع وقلة الطعام، وأنت لديك بيت يأويك وسرير دافئ مريح وتتنافس بتناول وتقديم أشهى وأجود المأكولات. قارنْ نفسك معه وقُلْ: الحمد لله...

قارنْ نفسك، يا أخي، مع الآخرين وقُلْ دائمًا الحمد لله: الحمد لله عند الفرح والسّرور ووقت الحزن والغضب والشّرور، الحمد لله بأن لديك عائلة وغيرك يتمنى أن يكون لديه عائلة، الحمد لله بأن لديك أب يهتم بك ويرعى شؤونك ويهتم بمستقبلك وغيرك يتيم، الحمد لله بأن لديك أم تحِّن عليك وتُرشدك وتعطف عليك وغيرك فقدَ أمهُ وهو ما زال في فترة الطفولة وحُرمَ من حنان الأم ورأفتها، الحمد لله بأن لديك أخ وأخت تزورهم ويزوروك، تُساعدهم ويُساعدوك، تستشيرهم ويستشيروك، وغيرك وحيد لا اخ له ولا أخت، الحمد لله بأنك تنام طوال الليل بدون أدوية وغيرك بحاجة لمسكنات لكي يخلد للنوم، الحمد لله بأنك تأكل بدون فواتح للشهية، وغيرك لا يستطيع الأكل بدونها، الحمد لله بأنك تعمل في مكان عمل مُنظّم، وغيرك يبحث مُنذ مُدة طويلة عن وظيفة يرتزق منها، الحمد لله بأنك تدرس وتتعلّم في المدرسة أو في الجامعة أو في الكُليّة وغيرك يُريد الدراسة، ولكنه محروم منها، الحمد لله بأنك تُحب كل الناس وغيرك قلبه مليء بالكره والغيرة والبغض والأحقاد، الحمد لله بأنك صادق في حديثك وفي معاملاتك، وغيرك حياته مُسلسل من الأكاذيب والافتراءات، الحمد لله بأنك مُتفاءل في الحياة وغيرك يرى الأسود أبيضًا والورد شوكًا، والحمد لله لأن لك ربّ تعبده وتسجد له اسمه الله، وغيرك ما زال يسجُد للنار وللكواكب ويعبُد البقر...

يتضح، يا اخي، بأن نعم الله عليك عظيمة وكثيرة، تغرق فيها من الصباح حتى المساء، فأنت تأكل وتشرب وتمشي وترى وتسمع وتتذوق وتتكلّم وتعمل وتتعلّم. واعلم، يا أخي، أن العقبات والصعوبات ما هي إلا أمر طبيعي في الحياة، ولكن عليك أن تكون كالورد – كلما يُجرح بزخات المطر يفوح عطرًا، فعطّر فمك بذكر لله وعطّر لسانك بحمد الله في السّراء والضراء، ولا تُكثر الشّكوى من صعوبة العيش وتمتع بنعم الله، وتذكّر بأنك تملُك الكثير منها، فقُلْ دائمًا الحمد لله وانطقها من قلبك، ردّدها في الصباح وعند الظهر وفي ساعات المساء، ردّدها وكرّرها مهما كانت الأحوال ومهما كانت الصعاب، لأنها ستبثُ في نفسك السّكينة والاطمئنان...

فالحمد لله أولا وآخرًا، والحمد لله على كل حال...

أبو سنان

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة