الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 20 / أبريل 10:02

قوانين السقوط والنهوض لا تتغير /إبراهيم صرصور

كل العرب
نُشر: 02/07/15 17:04,  حُتلن: 07:25

إبراهيم صرصور في مقاله:

 الجيش والشرطة والمخابرات والاعلام والقضاء اللاوطني ، شركاء في جرائم السيسي 

 مصر في انتظار مجموعة اسباب تحدث الانفجار المطلوب وعندها لن يجد السيسي الا أعمامه الصهاينة ليقبلوا لجوئه عندهم 

هل يمكن ان يكون ما نراه اليوم من أحوال هي اشبه بأحوال الجاهلية الجهلاء والضلالة العمياء الأولى ، مقدمة لميلاد جديد للأمة كما كان ميلادها القديم ؟!!

أينما تنظر في ارجاء عالمنا العربي والإسلامي لا ترى الا الدماء والاشلاء... مجتمعات تنهار تحت وطأة الصراعات التي فاقت في وحشيتها وقوة تدميرها صراعات العرب قديما فيما سمي ( أيام العرب).

أيام سوداء ، سواء تلك القديمة التي صبغت الأرض العربية فَهَدَّتْها من داخلها حتى ما عادت قادرة على تحقيق أي انجاز ، او الحديثة التي قَدَّرَ الله ان نتجرع علقمها حتى الغثيان ، والتي حَوَّلت الامة العربية والإسلامية الى غثاء كغثاء السيل ، في الوقت الذي يسير فيه العالم بخطى متسارعة نحو تحقيق المزيد من الإنجازات التي تخدم الانسان وتحنو عليه وتعمل على اسعاده ..

كانت ( أيام العرب القديمة ) مقدمة لبزوغ شمس الإسلام وبعثة خير الانام صلى الله عليه وسلم ، فانتشل الامة من الحضيض ، ووحدها بعد تمزق وفرقة ، وأعزها بعد ذلة، وتقدم بها بعد انحطاط، وارتفع بها بعد تخلف ، حتى أصبحت خلال عقود محدودة ملأ بصر الكون وسمعه ، ومنارة لهداية الناس اجمعين، فأنقذت الانسانية بعد بوار ، وحررت البشرية بعد ارتكاس وانحدار ، واحيتها بعد ان ماتت فيها الروح وانطفأت فيها شعلة الحياة.

فهل يمكن ان يكون ما نراه اليوم من أحوال هي اشبه بأحوال الجاهلية الجهلاء والضلالة العمياء الأولى ، مقدمة لميلاد جديد للأمة كما كان ميلادها القديم ؟!!

لا استبعد ، لأن نواميس الله سبحانه وقوانينه في إدارة الصراع واحدة لا تتغير ولا تتبدل ، فما كان سببا في نهضة الأمة في الماضي ، هو ذاته ما سيكون سببا في نهضتها في الحاضر. الحلقة المفقودة تبقى دائما العنصر البشري القادر والمؤهل لحمل الرسالة وتبليغ الأمانة على النحو الذي كان عليه سلفنا الصالح .. عندها وعندها فقط يبدأ العد التنازلي لهذا الظلم والجور الذي ملأ أرضنا ، ليسود بدلا منه العدل والقسط ...

( 1 )

حينما اتابع الاخبار من مصر في ظل الانقلاب الدموي ، اتذكر قول الله سبحانه :

" إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ " ...........

" ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ " .........

" فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ " ...........

" وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ "....

نعم ........... الجيش والشرطة والمخابرات والاعلام والقضاء اللاوطني ، شركاء في جرائم السيسي ، ويستحقون اللعنة مثله ، فالله سبحانه لم يميز بين فرعون ( راس الهرم السياسي ) وهامان ( الحكومة ) وجنودهما ( الجيش والشرطة والمخابرات ) والملأ ( البطانة : اقباط ، رجال اعمال ، فنانون .. الخ ) ، فكلهم واحد ، وحكمهم واحد ، وهذه هي الحقيقة ........

دليل ذلك منطقيا ، هو سكوت هؤلاء جميعا على جرائم السيسي .. ليس هذا فقط ، بل مشاركته الفعالة في تنفيذ جرائمه ، وتحولهم الى ادوات المجرم في تنفيذ جرائمه ...

لماذا نستغرب اذا ارتياح الكثيرين حينما يسمعون بسقوط ركيزة من ركائز السيسي وان كانوا من الجيش وملحقاته من الشرطة والمخابرات والاعلاميين والقضاء ..

هؤلاء ليسوا ابرياء ، بل هم اكثر اجراما من السيسي ....... هؤلاء رضوا لأنفسهم ان يكونوا ممن باعوا دينهم وضمائرهم بدنيا غيرهم، فاستحقوا اللعنة كما استحق السيسي ، بل واكثر من ذلك ..

( 2 )

الانظمة الاستبدادية كالتي في مصر وسوريا مثلا ترتكب المجازر ضد شعوبها لسببين :

اولهما ، لأنها انظمة دموية عسكرية لا تفهم لغة الحوار ولا تعترف بالديموقراطية الحقيقة...

وثانيهما ، حتى تمنع نفسها من فرصة المراجعات والتنازلات وحتى النزول عن السلطة لمصلحة حكم مدني رشيد وشوري حقيقي ، لأنها تعرف انها وفي حالة وقعت في يد الاحرار فستدفع ثمنا غاليا ..

ثنائية صعبة وشرسة ستدفع الشعوب ثمنها غاليا ، ولكن لا بد مما لا بد منه .. اعتقد ان هذه الانظمة الى زوال لأنها ضد طبائع الاشياء ، ولا بد للشمس ان تشرق يوما في سماء شعوبنا فينداح هذا الظلام المجرم والى الابد ..

( 3 )

لم يعد خافيا إن اغتيال النائب العام المصري كان بفعل فاعل من نظام الانقلاب نفسه ، سواء بشكل مباشر لأنه ووفقًا للسيناريو المطروح - إذا ما رُوعيت الاحتياطات والتدابير الأمنية المتعارف عليها - يكون غايةً في الصعوبة بمكانٍ على تنظيمات جهادية أو أفراد أن ينفذوا عملية بهذا الحجم وفي ظل قبضة امنية غير مسبوقة ، فلا يبقى الا أن تكون أجهزة السيسي ضالعة في الاغتيال لأسباب هي في صلب طبيعة أنظمة الاستبداد تحقق من خلالها مجموعة اهداف تبدا بتصفية عناصرها ولا تنتهي بتصفية خصومها الذين ترى فيهم تهديدا .

أو بشكل غير مباشر من خلال تمكين هذه التنظيمات الجهادية او الأفراد من الوصول الى أهدافها من خلال تيسير المهمة عليهم ، وغض الطرف عن إجراءات امنية لحماية الأشخاص بهدف تحويلهم إلى اهداف سهلة كما حصل في هذه الحالة ..

سواء كان السناريو الأول او الثاني هو الصحيح ، يبقى النظام الانقلابي المجرم في مصر هو المستفيد ، حيث لم يتأخر الوقت حتى سمعنا من رأس الانقلاب تصريحات اثناء مراسيم تشييع جثمان القتيل ، تشير بوضوح أن بصماته محفورة في قلب المشهد ، وأنه عازم على (الاستفادة!!!!) من الحدث لتحقيق آماله في القضاء لا على المجموعات الجهادية ، ولكن على الاخوان المسلمين المعتقلين في السجون ، متهما إياهم بكل السخافة والجهالة المتصورة بالضلوع في القتل مدعيا بكل خبث ان الأوامر ( صدرت من داخل السجن !!!! ) ..

الغريب في الأمر ان المسرحية الممجوجة والمفضوحة وصلت حدا اتهم فيه السيسي واعلامه العميل ، الرئيس الشرعي المختطف بروفسور محمد مرسي بأنه من اعطى الأوامر بالقتل ، مستشهدين بصورة للرئيس مرسي ينظم ( ياقة قميصه ) داخل القفص في المحكمة على اعتبارها إشارة ( الذبح !!!!!!!!!! ) ، مما يضع هذا النظام الانقلابي الدموي في وضع لا يحسد عليه أمام الراي العام المصري والعالمي ..

الأنظمة المستبدة لا تغير ولا تبدل ، فهي ماضية في استعمالها لأدواتها القديمة التيس أكل عليها الدهر وشرب ... هذا القتل للنائب العام الذي لا نشك في انه مدبر من قبل النظام الانقلابي هو سيناريو قديم ، يعتبر حسب الموديل الكلاسيكي مقدمة لتهيئة الراي العام لقبول تنفيذ اعدامات بحق رموز ثورة يناير عموما وقيادات الاخوان المسلمين خصوصا ، كما حدث في عهد النقراشي ( رئيس وزراء فاروق )، ومسرحية اغتيال عبدالناصر في العام 1954 ، واللتين كانتا بترتيب مسبق من النظام المستبد الحاكم لتمرير مجازره ضد نفس الجماعة التي يعتبرها خصما لدودا ومعارضة شرسة في مصر ؟!!!!!!

(4)

سنتان مرتا على انقلاب المشؤوم في مصر والذي أعادها الى عصور الظلام من جديد .. كنت اعتقد ان طبائع الاستبداد يمكن ان تتغير زمانا ومكانا وحالا ... الا ان الوقائع في كل يوم ( مصر وسوريا كنموذج ) تثبت ان هذه الطبائع العفنة لا يمكن ان تتغير ، ولذا لا بديل عن اجتثاثها اذا ما اراد المجتمع / الامة / الشعب ان يعيش حرا بحق وحقيقة ..

كنت اعتقد ايضا ان الحكام المستبدين يمكن ان يستخلصوا العبر من تجارب امثالهم في الماضي والحاضر ... الا ان الحقائق الشاخصات تثبت مرة بعد مرة ان هؤلاء المستبدين مصابون بعمى الالوان ، ولذلك يمضون في طريق الانتحار حتى النهاية حتى لو اخذوا شعوبهم معهم الى الهاوية ...

دعاني الى ان اقول ما قلت ، ما سمعته من تعليقات ملأت الفضاء من النظام الانقلابي الدموي المجرم في مصر بعد ان عَجَّل الله بروح النائب العام المصري المجرم هشام بركات الى جهنم ، وهو الشريك الفعلي - ان لم يكن المشرعن القانوني - لكل الجرائم التي ارتكبها السيسي المجرم وانقلابه العسكري منذ 3 تموز 2013 ...

كنت اتوقع ان ينهض من اصحاب الفكر والسياسة وممن يدعون النسبة الى الدين ( شيخ الازهر وعلمائه والمفتي مثلا ) ، ليطالبوا بإعادة النظر في كل ما يجري ، وتصحيح الاعوجاج الخطير الذي طرأ بسبب الانقلاب ، والاعلان عن مصالحة تبدأ بإسقاط الانقلاب والعودة الى روح الثورة ، واطلاق جميع الاسرى ، والغاء جميع القرارات الظالمة ، واعادة الامور الى الشعب بعيدا عن صفحة الانقلاب السوداء .. هذا على الاقل .....

الا انه مع الاسف ، وكعادة الاستبداد وصنائعه وعكاكيزه في كل زمان ومكان ، يمضي مصرا على دمويته مستعملا الفاظا لا يمكن لنظام يحترم نفسه ان يستعملها ( كالثأر ) وتحريض الشعب ضد بعضه البعض ، والاستمرار في اتهام الاخوان خصوصا وكل الشرفاء عموما بالوقوف وراء عملية قتل النائب العام ، وغيره من الهراء وسقط الكلام ، ما مع يصحب ذلك من دعوة لتشديد القبضة الامنية والاجراءات الاستثنائية ( عودة الى قانون الطوارئ بشكل جديد ) ، واجتثاث ما يسميه الانقلاب صوت المعارضة ( دون هوادة !!!! ) ...

نهاية ، ارجو ان ينتهي عصر الانقلاب الدموي وكل من يمثله ابتداء من السيسي وانتهاء بأصغر عنصر مؤيد له في الجيش والشرطة والمخابرات والاعلام والقضاء وأجهزة الدولة العميقة ، ان ينتهي هذا العهد بسلام ..

والا لا استعبد ان تتحول مصر الى سوريا او عراق او يمن او ليبيا جديدة ، وسيتحمل السيسي وعكاكيزه المسؤولية كاملة عن ذلك ..

(5)

في ظل الظروف الضاغطة قد ننظر الى المشهد في مصر بالتحديد بعين متشائمة ... قد نذهب بعيدا في وصف الحالة الى درجة ان نتهم الشعب المصري في عمومه الذي دعم الثورة وانتخب ممثليه ورئيسة الشرعي بروفسور محمد مرسي ، واقر دستوره ، ساكت الآن عن الانقلاب العسكري المجرم ، أو داعم له ..

لا يجب ان نظلم كل الشعب المصري .... من جاء بالانقلاب هو الجيش العميل بغطاء شعبي مزيف من الاغلبية الساحقة من الاقباط + اجهزة الدولة العميقة + الفنانين ، وهؤلاء لا يمثلون الشعب المصري ابدا ..

اميل الى الاعتقاد ان الشعب المصري عموما والذي اخترق حاجز الخوف لن يسكت عن مسرحية الانقلاب طويلا ..

مصر في انتظار مجموعة اسباب تحدث الانفجار المطلوب، وعندها لن يجد السيسي الا أعمامه الصهاينة ليقبلوا لجوئه عندهم ، هذا اذا رضوا بذلك.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة