الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 10:01

انتصار الدبلوماسية الأمريكيّة/ بقلم: حسين الدايك

كل العرب
نُشر: 15/07/15 11:50,  حُتلن: 11:14

 حسين الدايك في مقاله:

الاستثنائية الوحيدة كانت برفض هذا الاتفاق والتشكيك فيه من اسرائيل والنظام العربي الرسمي

هذه هي سنة الكون فلا عداوات دائمة ولا صداقات دائمة وانما هناك مصالح ومن هنا فقد اقتضت المصالح المشتركة للغرب وايران لتوقيع هذا الاتفاق لانه يخدم المصالح الخاصة بالاطرف الموقعة عليه

لقد حظي الاتفاق النووي بين القوى الكبرى المعروفة ب 5+1 وايران باهتمام دولي وعالمي منقطع النظير، حتى بدت كل الصحف والمؤسسات الاعلامية العالمية والمؤسسات السياسية العالمية والمؤسسات الاقتصادية العالمية منشغلة وتصب تركيزها على هذا الاتفاق الجديد، وقد لمسنا ان هناك تفاهما وانسجاما عالميا مرحبا بهذا الاتفاق على الصعيد الدولي وخاصة من قبل القوى العظمى كالدول الدائمة العضوية في مجلس الامن والاتحاد الاوروبي والدول الاسيوية ودول امريكا اللاتينية، ولكن الاستثنائية الوحيدة كانت برفض هذا الاتفاق والتشكيك فيه من اسرائيل والنظام العربي الرسمي؟؟؟ فهل اصبح اعداء الامس حلفاء اليوم؟؟؟ ام أنّ اعداء الامس لم يكونوا في الحقيقة اعداء بل كانوا حلفاء ولكن من وراء الكواليس، اسرائيل ودول الخليج العربي فقط من يرفض الاتفاق ويشكك فيه، فما الذي سوف تظهره الايام القادمة من اعادة تموضع للقوى الاقليمية وتاثيرات هذا الاتفاق على الواقع العربي والاقليمي؟؟


ولكن المشكلة هي ان العرب لن يفهموا حتى هذه اللحظة السياسية بشكل عميق، وان لغة الشعارات والخطابات الرنانة التي ابدع بها العرب عبر التاريخ اصبحت لا تجدي نفعا في عالم اليوم، ولم يدرك العرب ان السياسة الخارجية للدول تفرضها المصالح المشتركة بين الدول، وان الحليف الكلاسيكي للعرب اي الولايات المتحدة الأمريكيّة هي حليف لمصالحها وسياساتها الاقتصادية والتجارية والعسكرية وهذه هي سنة الكون، فلا عداوات دائمة ولا صداقات دائمة وانما هناك مصالح، ومن هنا فقد اقتضت المصالح المشتركة للغرب وايران لتوقيع هذا الاتفاق لانه يخدم المصالح الخاصة بالاطرف الموقعة عليه، وقد يكون هذا الاتفاق المدخل لحل بعض المشكلات الاقليمية العالقة منذ سنوات.

لم يدرك العرب حتى اللحظة ان حلول كندا كاكبر مصدر للنفط إلى الولايات المتحدة الأمريكيّة سوف يقلل من الاهمية الاقتصادية لدول الخليج العربي لدى الولايات المتحدة الأمريكيّة !!!؟؟، ولم يدرك العرب ان السياسية الخارجية الأمريكيّة تصنعها مؤسسات القرار في واشنطن ولا يصنعها شخص امي لا يستطيع القراءة والكتابة او شخص مبدع في الشعر والنثر واطلاق الشعارت والعبارات الرنانة، ولا يصنعها شخص بناء على رغبة غرائزية لحجات خاصة به؟؟؟!! ولم يدرك العرب أنّ السياسة الخارجية للدول والتحالفات الدولية والاقليمية لاي دولة كانت قد تتغير وتتبدل في اي وقت بناء على المصالح العليا لتلك الدول وشعوبها؟؟؟!! وهذا ما فعلته الدول الغربية والدبلوماسية الأمريكيّة الناجحة والتي انجزت هذا الاتفاق تحقيقا لمصالحها القومية ومصالح شعوبها.

فالرابح الاكبر من هذا الاتفاق هو عرّاب الدبلوماسية الأمريكيّة الوزير كيري الذي استطاع عبر مفاوضات طويلة من الوصول إلى تفاهمات كاملة مع المفاوضين الايرانيين وتوقيع هذا الاتفاق التاريخي، اذ يعتبر هذا الاتفاق اكبر اختراق دبلوماسي في العالم بعد توقيع اتفاقية كامب ديفد بين مصر واسرائيل في العام 1979م .

لقد فشل نتنياهو ايضا في تعطيل هذا الاتفاق بعد ان استخدم كافة السبل والوسائل والتصريحات والنفوذ، ولكن علاقة اسرائيل بامريكا هي علاقة دولة لدولة ولا تسطيع اسرائيل ولا غير اسرائيل ان تفرض على امبرطورية العالم اي قرار او تعطل اي اتفاق.

ومن هنا علينا نحن كفلسطينيين وكعرب ان نتحرر من الشعارات الفارغة والكاذبة والرنانة والخطابات ولغة العواطف والمشاعر، وان نتكلم بلغة العقل والحكمة والذكاء والدهاء والسياسة، علينا ان نتخلص من بعض المصطلحات مثل امريكا رأس الحية، واسرائيل الابن المدلل لامريكا، ولولا امريكا ما ضلت اسرائيل، واللوبي الصهيوني هو من يصنع القرار في واشنطن، واليهود مسيطرين على العالم، واليهود مسيطرين على الحكومة الأمريكيّة وعلى الكونغرس الامريكي، هذه شعارات فارغة كاذبة علينا ان لا نذكرها بعد اليوم وبعد توقيع هذا الاتفاق الذي اثبت فشل وكذب هذه الشعارات والعبارات التي نرددها ليل نهار.

علينا ان نؤمن ان السياسات الخارجية للدول تفرضها المصالح وليس الاخلاق، علينا ان نعترف فشلنا في نقل رسالتنا إلى المجتمع الامريكي والى الراي العام الامريكي والى المؤسسات الأمريكيّة، علينا ان نعترف ان اسرائيل نجحت في حشد الراي العام الامريكي لصالحها واستطاعت التأثير في القرار السياسي الامريكي لمسندتها في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، ولكنها فشلت في التاثير على القرار السياسي الامريكي فيما يتعلق ببرنامج ايران النووي، لان المصالح العليا للشعب الامريكي هي التي تسمو على كل المصالح بين الولايات المتحدة الأمريكيّة وحلفاءها.

فهذا درس للعرب وانتصار للدبلوماسية الأمريكيّة بأنّ العظماء هم من يصنعون التاريخ أمّا الضعفاء فيبقون على هامش التاريخ.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة