الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 24 / أبريل 21:02

قبل استرضاء إسرائيل؟/ بقلم: د.هاني العقاد

كل العرب
نُشر: 21/07/15 22:25,  حُتلن: 07:43

د. هاني العقاد في مقاله: 

لعل الثمن الذي يهدد الامة العربية وتاريخها واراضيها ويهدد قرارات الشرعية الدولية هو طلب اسرائيل الخطير باعتراف واشنطن والدول الكبرى بضم اسرائيل للجولان السوري المحتل 

قبل استرضاء إسرائيل بالشكل الذي يحدث تغيير جيو سياسي بالمنطقة العربية كان ينبغي على الدول العظمي الكبرى المبادرة باستدراج اسرائيل لمفاوضات تهدف لتطبيق حل الدولتين واقامة الدولة الفلسطينية

بعد ما وقعت الدول الكبرى الست وايران الاتفاق النووي التاريخي الذي نزع فتيل حرب كبيرة بالمنطقة حسب تقديري ووضع سلاح ايران النووي في دائرة السيطرة الدولية وحدد استخدام الطاقة النووية الايرانية في المرحلة القادمة وتحكم بالتالي في كل عوامل التفوق العسكري الاستراتيجي في منطقة الشرق الاوسط وبالتالي، ومنذ ان تم اعلان واشنطن عن قرارها برفع العقوبات التي فرضها مجلس الأمن على ايران لأكثر من عقد من الزمن واسرائيل قامت قيامتها واخذ رئيس حكومتها يصدر التصريحات المختلفة، فمرة يقول ان الاتفاق خطأ تاريخي ومرة يقول ان إسرائيل غير ملزمة بهذا الاتفاق وستبقي تحافظ على وجودها الذي تهدده ايران بادعاء انها يمكن ان تدمر اسرائيل وتزيلها عن الخارطة، ويتعزز هذا ايضا بخوف اسرائيل من ان يكون هذا الاتفاق قناه شرعية لحصول ايران على مئات مليارات الدولات والتي ستساعدها على الاستمرار في مشروع امتلاك السلاح النوي وهو الذي تعبره اسرائيل تهديدا لوجودها بمنطقة الشرق الاوسط، وهذا ما جعل نتنياهو يعارض هذا الاتفاق ويتوحد مع الكل الاسرائيلي حتى المعارضة التي وضعت يدها بيد نتنياهو في مواجهة هذا الاتفاق الخطير.

جاء وزير الدفاع الامريكي اشتون كارتر في زيارة للمنطقة وبالطبع سيكون مركز الزيارة تل أبيب والاجتماع مع موشي بوغي يعلون وزير الجيش الإسرائيلي وبنيامين نتنياهو وعلى ما يبدوا ان الزيارة جاءت لتحديد احتياجات اسرائيل من المساعدات العسكرية وبحث زيادة المساعدات الامريكية العسكرية السنوية في مسعي لاسترضاء اسرائيل فيما يتعلق بالاتفاق النووي الايراني بجملة من الاسترضاءات واولها زيادة التعاون العسكري والامني بين واشنطن وتل ابيب، وكانت اسرائيل قد لمحت الى انها ستطلب زيادة المساعدات العسكرية الامريكية للتصدي لأي خطر قد ينشأ من الاتفاق الدولي بشأن برنامج ايران النووي بما يضمن تطوير منظومة الصواريخ البعيدة لديها ومنظومة الصواريخ الاعتراضية بالإضافة الى تحديث كافة منظومات الرادار بما يضمن نجاعة التحديد المبكر لأي هجوم على اسرائيل وانذار منظومات الصواريخ للتصدي لهذا الهجوم .

قد لا يكون هذا الثمن الذي تريده اسرائيل للصمت على الاتفاق الدولي مع ايران، وقد يتجاوز الثمن هذه المحددات العسكرية بكثير لتصل الى الاسراع في تسليم طائرات F35 الامريكية متطورة الصنع وعدم الانتظار حسب الاتفاق السابق حتى نهاية العام 2016، وقد يتعدى الامر هذا بحصول اسرائيل على اسلحة نووية سرية تخزنها امريكا داخل الاراضي الاسرائيلية في تعاون دفاعي مشترك لطمأنه اسرائيل أكثر، لكن مهما تضاعفت المساعدات العسكرية الامريكية لإسرائيل فان تأثيرها يبقي مشروطا بحدوث اي مواجهة اقليمية وهذا مستبعد في الوقت الحالي لان اي من الدول العربية او ايران لن تبادر بمهاجمة اسرائيل في ظل اي ظرف كان الا اذا تعرضت ايران لهجوم اسرائيلي كبير يستهدف قدراتها الصاروخية والنووية من خلال قصف مفاعلات ايران التي اخضعتها لتفتيش الامم المتحدة حسب الاتفاق الاخير .

لعل الثمن الذي يهدد الامة العربية وتاريخها واراضيها ويهدد قرارات الشرعية الدولية هو طلب اسرائيل الخطير باعتراف واشنطن والدول الكبرى بضم اسرائيل للجولان السوري المحتل كما طرح محلل الشؤن السياسية في موقع المصدر الإسرائيلي ( يؤاف شاحام) قبل ايام، او لجوء اسرائيل الى استثمار حالة التمزق العربي والانشغال في مكافحة الارهاب في اكثر من موقع ودولة حتى دول الخليج العربي والسعودية بطرح ثمن جغرافي استراتيجي في حدود موسعة جديدة لإسرائيل على حساب الجولان ولبنان وغور الاردن وسيناء تعترف بها تلك الدول وتعمل على الزام المجمع الدولي بتطبيقها ضمن مصالح الدول الكبرى في المنطقة، وهذا يعني ان المشروع الوطني الفلسطيني بالحلم في دولة فلسطينية ايضا بات في عداد التلاشي، وهذا الثمن الذي قد تطلبه اسرائيل بالطبع سيغلق الطريق امام اي تفكير بجلب اسرائيل على طاولة المفاوضات برعاة الدول الكبرى الست لتقديم وتطبيق حلول للصراع العربي الاسرائيلي الطويل.

قبل استرضاء إسرائيل بالشكل الذي يحدث تغير جيو سياسي بالمنطقة العربية او يكون على حساب الغاء الاتفاقات التي عرّفت الحدود والدول في الشرق الأوسط بعد الحرب العالميّة الأولى أو على حساب التفوق العسكري الذي يضمن استدامة الاحتلال والهيمنة العسكرية فانه كان ينبغي على الدول العظمي الكبرى المبادرة باستدراج اسرائيل لمفاوضات تهدف لتطبيق حل الدولتين واقامة الدولة الفلسطينية التي من شانها ان تنزع فتيل الحروب في المنطقة وتضمن استقرارها النهائي لتعيش الشعوب بلا صراعات وبلا دماء، وقبل استرضاء اسرائيل التي لن تقدم على شيء ان تم تجاهل استرضائها لان لعبها بالنار في وجه الاتفاق الدولي واسقاطه بالحرب سيعود عليها بالوبال ويدمر مدنها وبالتالي ستكون هي السبب في حرب خاسرة لن تجني من ورائها اي تفوق عسكري او تمدد جغرافي، هنا بات مهما اخضاع اسرائيل للشرعية الدولية وجلبها لمفاوضات برعاية الدول الست الكبرى لإنهاء اخر احتلال بالعالم، هذا الاحتلال الذي بات استمراره يعني سقوط كل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية بما فيها الاتفاق النووي الايراني الاخير.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة